طغت جريمة عرسال التي ذهب ضحيتها شهيدان للجيش وما أعقبها من مواقف على جلسة مجلس الوزراء أمس، إضافة إلى داتا الاتصالات التي حسم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتأكيد أنه صاحب الصلاحية في تسليمها للأجهزة الأمنية. في الموضوع الأول، اعترف ميقاتي في جلسة مجلس الوزراء بأنه أخطأ في كلامه خلال زيارته وزارة الدفاع للبحث مع قائد الجيش العماد جان قهوجي تداعيات حادثة عرسال. وقال، خلال مناقشة حادثة عرسال رداً على انتقاد بعض الوزراء، إنه أخطأ في الكلام ومقاربة هذا الملف، وإن ما جرى في عرسال غير مقبول ولا يجوز أن يمرّ من دون محاسبة. وجرى نقاش مطول بشأن أداء الجيش، وطالب وزراء تكتل التغيير والإصلاح الجيش بالتحرك والقبض على الفاعلين؛ فالجيش «لا يحتاج إلى إذن من أي طرف ولا تغطية سياسية؛ لأنه في موقع الدفاع عن النفس، وله ملء الحرية في أداء مهمته والتصرف الملائم، ولا سيما أنه انقضت خمسة أيام على الجريمة»، متسائلين عن سبب التريث في قيام الجيش بما يتلاءم مع خطورة الوضع. وانتقد وزراء الحزب الاشتراكي الحماسة لدى بعض القوى للجيش، ما يجعله يظهر أنه لفريق من دون آخر.
أما في موضوع داتا الاتصالات، فدار نقاش طويل ومعمق حول القانون ١٤٠ بعد ورود طلب من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي للحصول على قاعدة بيانات كاملة للاتصالات بدءاً من ١/١/٢٠١٣. وبعد إشارة ميقاتي إلى أن قائد الجيش طلب الأمر نفسه، ولا سيما بعد حادثة عرسال، جرى نقاش مطوّل أكد خلاله رئيس الحكومة تمسكه بصلاحياته المنصوص عليها في نص القانون. وبعد طلب استشارة القاضي شكري صادر الذي رأى أن القرار في ذلك لرئيس الحكومة، بينما رأي الهيئة القضائية المعنية بذلك استشاري. وبعد مداخلة للوزيرين سليم جريصاتي ومحمد فنيش، أعلن ميقاتي أن موضوع تسليم الداتا من صلاحيته، موضحاً أنه لن يوافق على تسليم كامل الداتا، لكنه سيعطي الأجهزة الأمنية حركة الاتصالات من دون نقصان. وانتهى النقاش بموافقة المجلس على تنفيذ القانون بحذافيره، وهو ينص على صون الحق بسرية المخابرات، ولم يوافق على إعطاء «الداتا كاملة»، بل سمح فقط باعتراض المكالمات في فترة وزمان محددين إذا كان الطلب مقدم إدارياً.
لكن وزير الإعلام وليد الداعوق حين تلا مقررات مجلس الوزراء نسب إلى صادر أن «الداتا كاملة» تدخل ضمن تعريف واحد في القانون ١٤٠. وأثار تصريح الداعوق رفضاً واستياءً لدى الوزراء الذين صوبوا النقاش في جلسة مجلس الوزراء، مؤكدين أن المجلس لم يأخذ بهذا التعريف، وأن نص القانون 140 واضح.
من جهة أخرى أقر مجلس الوزراء شروط تأهيل الشركات للاشتراك مسبقاً في دورات تراخيص للأنشطة البترولية، وهذا يعني كما قال وزير الطاقة جبران باسيل إنها الخطوة الأولى للبدء بتنفيذ المناقصات.

معايير قانون الانتخاب

في الشأن الانتخابي، دخلت لجنة الاتصال النيابية المكلفة درس قانون الانتخابات في اجتماعها أمس، في تفاصيل الأرقام والتقسيمات الإدارية بهدف الوصول إلى قاسم مشترك في ضوء الاقتراحات المكتوبة التي قدّمها كل من النائبين علي بزّي وأكرم شهيب، بانتظار ما سيقدّمه النائب سامي الجميل يوم الاثنين المقبل. وأكد النواب أن أهم ما توصّلت إليه اللجنة في اجتماعها، هو الاتفاق على المعايير الخمسة التي يجب أن يراعيها أي قانون انتخابي، وهي صحة التمثيل، التوازن السياسي، الغموض البناء، حجم الدوائر في النظام الأكثري أكثر من 26 دائرة، وفي النسبي من 5 إلى 9 دوائر، والمعيار الخامس هو نسبة التقسيم بين الأكثري والنسبي وفق معيار شامل.
وفيما أكّد رئيس اللجنة النائب روبير غانم أن «المناقشات إيجابية وتجري بكل تجرد وموضوعية والجميع يناقشون بانفتاح»، بدا أن الاقتراح الذي قدّمه النائب شهيب «رُفض داخل اللجنة»، ولا سيما من قبل النائبين سامي الجميّل وجورج عدوان، اللذين أكدا أن «اقتراح شهيب يخرج عن المعايير التي وضعتها اللجنة وأن طرحه لا يؤمّن صحة التمثيل المسيحي لأنه طرح دوائر كبرى على أساس الأكثري، وهذا من شأنه ضرب التمثيل المسيحي»، مع العلم أن الأعضاء كانوا قد حمّلوا شهيب مجموعة من التساؤلات والملاحظات التي وعد بأن «ينقلها إلى حزبه».
وسبق الجلسة تصريحات بشّرت بتصاعد الدخان الأبيض يوم الأربعاء المقبل. وفي الوقت الذي أكّد فيه النائب سامي الجميّل لـ«الأخبار » أنه سيتقدّم هو والنائب عدوان باقتراح مشترك يوم الاثنين، علمت «الأخبار» أن «عدوان لن يقدّم أي شيء، وهو سينتظر بعض الوقت لإفراغ ما في جيبه». وأكد عدوان أن «طرحه سيشكّل مفاجأة للجميع، ولن يستطيع أحد رفضه؛ لأنه يراعي كل المعايير التي اتُّفق عليها».
وفي هذا الإطار، أبلغ رئيس المجلس النيابي نبيه بري النواب بأن «اقتراح تيار المستقبل لجهة تعديل الدستور عليه أن ينتظر إلى النصف الثاني من آذار تطبيقاً للدستور، أما بالنسبة إلى الشق الثاني المتعلق بالتقسيمات الانتخابية، فقد أحاله على الحكومة لإبداء الرأي تمهيداً لإحالته على اللجان النيابية المشتركة. وكذلك بالنسبة إلى اقتراح النائب عاصم قانصوه الذي تقدم به والذي ينص على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، فقد أرسله أيضاً إلى الحكومة لإبداء الرأي قبل إحالته على اللجان المشتركة». يُذكر أن اقتراح قانصوه هو الأول من نوعه في لبنان، لناحية جعل لبنان دائرة واحدة مع اعتماد النسبية من دون قيد طائفي.
ورأى بري أمام نواب لقاء الأربعاء أننا نمر بمرحلة خطيرة تستدعي من الجميع التفتيش عن مساحة للتفاهم والتوافق، آملاً أن يكون المدخل إلى ذلك التوصل إلى صيغة توافقية لقانون الانتخابات.
من جهته، لفت مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعه الشهري برئاسة البطريرك الكاردينال بشارة الراعي إلى أنه «بات لزاماً، والمُهَلُ الدستورية الفاصلة عن موعد الانتخابات أضحت ضيّقة للغاية، أن يتوافقَ الأفرقاءُ السياسيّون على اختيارِ القانونِ الأمثل، بحيث يحقّق التمثيلُ الوطني تمثيلاً يُطمْئِنُ جميع المواطنين، ويطبِّق قاعدةَ المناصفة الحقيقيّة والتساوي بين المسيحيين والمسلمين وفقاً للمادة 24 من الدستور، ويصونُ العيش المشترك الذي يضفي صفة الشرعية على السلطة كما تنصّ مقدّمة الدستور عينه».
واستنكر الاعتداءَ على الجيش اللبناني في بلدة عرسال، مطالباً بتطبيقِ القوانين بحزم، واحترام المؤسسات العسكرية والأمنيّة الشرعية.
وكان البطريرك الراعي قد بحث والوزير باسيل في ملف قانون الانتخاب في ضوء الأرقام التي أذاعها باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير، وفي ضوء مشروع تيار «المستقبل» الذي يرفضه تكتل التغيير والإصلاح.

سليمان يردّ على فرنجية

على صعيد آخر، عرض الرئيس ميشال سليمان في القصر الجمهوري مع النائب بطرس حرب موضوع رفع الحصانة عنه والأسباب الموجبة التي أدرجت في الطلب.
من جهة أخرى، ردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مؤكداً أنه «ليس لديه أي التزامات أو تعهدات تجاه أطراف داخلية أو جهات دولية، ولا سيما فرنسا، وأنه لا يخضع لأي إملاءات أو توجيهات كائناً ما كانت. كذلك يؤكد بوجه خاص أنه ليس مكبلاً أو مقيداً بملفات أو مرتبطاً بوعود».
وطلب من فرنجية أن يودع القضاء اللبناني ما لديه، كذلك يطلب من القضاء القيام بالمقتضى القانوني في هذا السبيل، وخصوصاً في ضوء المادتين 60 و 80 من الدستور.
على صعيد آخر، وفي الذكرى السابعة لتوقيع مذكرة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، زار وفدان من حزب الله النائب ميشال عون الذي أكد أن «المذكرة أرست قواعد الاستقرار وأسست لتفاهم ممكن أن يحصل مع كل اللبنانيين من أجل إرساء الأمن والاستقرار».