عشية إحالة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى التقاعد في العاشر من كانون الأول المقبل، يتصاعد السجال السياسي بين رافضي التمديد له (رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية)، ومؤيّديه الذين يمثّلهم النائب السابق وليد جنبلاط، وانضمّ إليهم أمس رسمياً حزب القوات اللبنانية الذي تقدمت كتلته النيابية باقتراح قانون يمدّد لرتبة عماد لإتاحة استمرار قيادة الجيش. فيما أكدت كتل نيابية أخرى، من بينها الكتائب ونواب في المعارضة، أنها ستحضر أي جلسة تشريعية يدعو اليها رئيس مجلس النوب نبيه بري وستصوّت للتمديد

وفيما بقي ثنائي حزب الله وحركة أمل حتى الآن خارج السجال، سئل بري مساء امس رأيه في اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدمت به كتلة حزب القوات اللبنانية، فأجاب: «أنا لا اشرّع à la carte، ولا بحسب مزاجهم. ساعة يريدون، هم مع التشريع، وساعة لا يريدون، يقاطعون المجلس. أعرف ما عليّ فعله ولا احد يمليه عليّ. لا موعد الجلسة ولا جدول اعمالها».
ويرافق هذا السجال، حراك خارجي يدعم التمديد لعون، بسبب الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد، ربطاً بما يحدث في فلسطين المحتلة وإمكانية فتح الجبهات، وضمنها الجبهة الجنوبية، إذ دأبت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا على الطلب من كل من تلتقيهم الذهاب إلى خيار التمديد حتى لا ينسحب الفراغ في رئاسة الجمهورية على قيادة الجيش، خصوصاً أن لا اتفاق على تعيين رئيس للأركان. وتؤكد معلومات «الأخبار» أن قطر ليست بعيدة عن هذا الحراك. وبحسب مصادر مطلعة، «فاتح السفير القطري في بيروت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالأمر منذ فترة».

القوات تنضمّ إلى مؤيّدي التمديد ولا موقف حاسماً لحزب الله


وتأتي هذه المستجدات، بعد أسبوعين من الاتصالات لم يكن باسيل بعيداً عنها، وهو ما كشفه جنبلاط في مقابلته أول من أمس، مشيراً إلى أنه طرح على باسيل فكرة التمديد لقيادة الجيش، لكن الجواب «أتى من ميلة حزب الله بأنه لا يريد حشر باسيل»، علماً أن الحزب، بحسب مطّلعين، «لا يزال ينأى بنفسه عن السجال، ولم تتبلغ أي جهة رسمية منه موقفاً حاسماً في هذا الشأن، لا رئيس الحكومة ولا جنبلاط ولا باسيل، وهو لا يزال يدرس الموضوع». ويقول هؤلاء إن «حزب الله، في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، ليس بإمكانه مقاربة ملف قيادة الجيش انطلاقاً من مصالح حلفائه أو أصدقائه أو ربطاً بملف رئاسة الجمهورية التي يبدو أن الفراغ فيها سيكون طويلاً، بل إن مقاربته للتمديد أو التعيينات ستكون متصلة بمصلحة المؤسسة العسكرية وما تتطلبه الساحة الداخلية من تحصين في حال حصول أيّ تطور»، علماً أن «الخيارات الأخرى لا تزال قيد البحث ولا تزال مطروحة على الطاولة بقوة».
وتقول مصادر مطلعة إن الأمور باتت أسهل بعدما أعلن حزب القوات موقفه المؤيد، وبالتالي لن تكون هناك مشكلة ميثاقية بأن هناك فريقاً في البلد يفرض على المسيحيين تعييناً في الموقع الماروني الأول بعد الرئاسة. كما أن فكرة التمديد من داخل مجلس النواب صارت الخيار الأسهل، إذ إن خروج القرار من الحكومة دونه عقبات كثيرة، أبرزها يتعلق بموقع وزير الدفاع موريس سليم، الذي يعترض على استكمال التعيينات، إضافة إلى رغبة باسيل في تعيين قائد جديد للجيش واستكمال التعيينات العسكرية إنما وفق صيغة الإجماع، أي أن يتخذ القرار بتصويت كل الوزراء وليس بالغالبية، لتكريس هذا المبدأ لاحقاً وانسحابه على كل القرارات، وهو ما لن توافق عليه القوى الحكومية الأخرى، إلا إذا جرى الاتفاق على تسوية تشمل التعيينات كافة ولا سيّما تعيين قائد جديد للجيش.