لا تزال أزمة العسكريين المختطفين تراوح مكانها، مع غياب أي تطوّر فعلي في عملية التفاوض، سوى تمديد «داعش» للمهلة التي منحتها للدولة اللبنانية 48 ساعة، قبل أن تبدأ بقتل العسكريين. فبعد تهديد «داعش» بقتل عسكري إن لم تتجاوب الحكومة اللبنانية خلال 24 ساعة من تاريخ صدور بيان التنظيم الأول، صدر مساء أمس تحت مسمى «الدولة الإسلامية ــــ ولاية دمشق ــــ قاطع القلمون» بيان أعلن فيه التنظيم «قبول تمديد المهلة الممنوحة للدولة اللبنانية لمدة 48 ساعة أخرى، بعد أن تلقينا تجاوباً من الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى الأسرى».
وعلمت «الأخبار» أن الرئيس السابق لهيئة علماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي، اتصل بأمير «داعش» في القلمون أبو طلال الحمد، وتوسط لإعطاء مهلة ثلاثة أيام أخرى لمنح فرصة لوساطة قطرية أو تركية، فسحاً في المجال أمام وصول الوفد المفاوض. وذكرت مصادر الهيئة أن «الرافعي حذر من التهور وذبح أي عسكري، لأن ذلك سينعكس سلباً على جميع النازحين». ونقل إشارات إيجابية من وزير الداخلية نهاد المشنوق، بأن الحكومة اللبنانية جدية في التفاوض، لكنها تنتظر تركيا وقطر لترتيب أوراقها في المفاوضات. وبذلك تكون «داعش» قد نجحت بعد رفعها سقف التفاوض، باستجرار عروض للتفاوض من قطر أو تركيا، بعد أن كانت الدولتان تعملان على خطّ التفاوض مع «جبهة النصرة » فحسب. وعلمت «الأخبار» أيضاً، أن الحكومة اللبنانية تلقت تطمينات أول من أمس بأن «داعش» لن تذبح أي مخطوف. وبناءً على هذه التطمينات، لم يتم التعامل بذعر مع البيان الذي أصدره التنظيم أول من أمس.

الحكومة تلقت تطمينات
بأن «داعش» لن تذبح
أي مخطوف


بدوره، أكد رئيس الحكومة تمام سلام بعد زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن «أي كلام أو تفاصيل أو معطيات (حول العسكريين المختطفين) ممكن أن يفرج عنها أو تعرقل أي مسعى لن تكون في مكانها». ولفت إلى أن «الأهالي لا يذهبون في تصاريح لتسجيل مواقف وإنما يُريدون حرية أبنائهم والقصة ليست اليوم أو غداً وإنما معركة طويلة مع ناس لا يعرفون ديناً ولا هوية ولا لوناً ولا مذهباً، ومع الأسف تابعنا تصاريح تعتبر أن هؤلاء العسكريين منهم الشيعي والسني وغير ذلك، وهذا معيب جداً».


مسعى السفراء

وفي مقابل «البلادة» المحلية في التعاطي مع الملفّ الرئاسي، يبذل السفير الأميركي في بيروت دايفيد هيل، والسفير الفرنسي باتريس باولي، والممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ديريك بلامبلي، جهوداً في الملفّ. وعلمت «الأخبار» أن الثلاثي يستفيد من التواصل السعودي ـــ الإيراني الأخير، المتمثل بزيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى السعودية، للقيام بمسعى بين الرياض وطهران لحلحلة عقد الملفّ الرئاسي. وشبّهت مصادر مطلعة المسعى الجديد للثلاثي الدبلوماسي بالمسعى الذي قام به هؤلاء قبيل تشكيل حكومة سلام، إذ «كان لهم دور في حلحلة بعض العقد». وأشارت إلى أن «المسعى لا يزال على مستوى نائب وزير خارجية، ولم يرق بعد إلى مستوى الوزراء».
وفي السياق، أكد البطريرك بشارة الراعي أمام سفراء دول الخمس الكبرى، أنه لا يزكي ولا يقصي أي مرشح لرئاسة الجمهورية، داعياً النواب إلى «الإسراع في انتخاب رئيس بدءاً ممن يعتبرونه الأقوى». وعلمت «الأخبار» أن «الراعي حمّل سفراء الدول الخمس مسؤولية الفراغ الرئاسي في لبنان، واعتبر أمامهم أنهم لو أرادوا فعلاً إجراء الانتخابات الرئاسية، لضغطت دولهم على الدول الإقليمية والجهات الداخلية المعرقلة للاستحقاق من أجل انتخاب الرئيس». وأشار الراعي إلى أنه «لو فعلاً تريد الدول الكبرى استقراراً في لبنان، لضغطت على النواب وأجبرتهم على النزول إلى المجلس النيابي من أجل القيام بواجبهم وانتخاب الرئيس». كذلك «حمل الراعي الدول مسؤولية المجازر التي يتعرض لها المسيحيون في الشرق، باعتبار أنه لولا التخاذل الدولي لما تمددت داعش ولما استطاعت ارتكاب ما ارتكبته».
من جهته، أوضح الرئيس بري في لقاء الأربعاء النيابي أنه «يعوّل على اللقاء السعودي ــــ الإيراني لمواجهة الخطر في المنطقة». وأمل برّي أن «تتوافر الظروف أكثر لمواجهة خطر الإرهاب ومنها بوادر الحوار أو فتح باب التقارب السعودي ــــ الإيراني». ونقل النواب عن برّي قوله إنه «يركّز في هذا الوقت على العمل لتوفير كل الدعم للجيش في معركته ضد الإرهاب، وإنه تلقى وعوداً من سفراء الدول الخمس في مجلس الأمن بالتجاوب مع هذا الطلب، وإن اللقاء تناول التطورات في المنطقة، حيث أعرب بري عن أمله أن تتوافر ظروف أفضل لمواجهة خطر الإرهاب، ومنها بوادر الحوار أو فتح باب التقارب بين السعودية وإيران، الذي يعتبر عنصراً مهماً». وكان برّي قد التقى في عين التينة قائد الجيش العماد جان قهوجي.


درباس: النزوح بات نكبة

وفي ما خصّ أزمة النازحين السوريين، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، أمس، أن «وضع النازحين السوريين في لبنان وصل إلى مستوى النكبة مع تجاوز عدد المسجلين منهم رسمياً المليون و200 ألف، وخسائر اقتصادية تفوق سبعة مليارات دولار ونسبة بطالة أكثر من 14 في المئة». وأشار درباس إلى أن «تدفّق النازحين أدى إلى خسائر اقتصادية خلال سنة ونصف سنة تجاوزت ما قيمته سبعة مليارات و500 مليون دولار». وقال درباس إن «نحو 17 في المئة فقط من النازحين يقيمون في مخيمات عشوائية، بينما تنتشر البقية على الأراضي اللبنانية في مبانٍ غير مكتملة البناء في ظل أوضاع إنسانية صعبة». وأعرب عن قلقه من تراجع المساعدات المقدمة من الأمم المتحدة للنازحين مع نهاية العام الحالي، والتي انخفضت من 53 في المئة إلى 30 في المئة خلال الشهر الجاري. وكشف عن خطة لتخفيف عدد النازحين تتمثل في تولي لبنان تسجيلهم، بدلاً من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

مسيرة رافضة للتمديد

وفي سياق آخر، ينظم «الحراك المدني للمحاسبة» السادسة من مساء اليوم مسيرة من أمام وزارة الداخلية في الصنائع إلى المجلس النيابي، اعتراضاً على التمديد للمجلس.