مساء أمس، صدح النداء الذي طال انتظاره في عين الحلوة. من مكبّرات الصوت في المساجد، دُعي أهالي المخيم للعودة إلى منازلهم وإزالة الركام الذي خلّفته الاشتباكات بين فتح و«الشباب المسلم». بعض النازحين الذين تجاوزوا الآلاف، كانوا قد رفضوا العودة برغم الإعلان عن وقف إطلاق النار فجر الخميس الماضي. فالخشية سادت من احتمال اندلاع المعارك مجدّداً بالنظر إلى أعمال التحصين والتدشيم التي قام بها مقاتلو فتح والإسلاميون من جهة والجيش اللبناني من جهة أخرى بعد توقّف القتال، ومع تأكيدات عن «إدخال مقاتلين من مخيمات الشمال وبيروت وكميات أسلحة لفتح عبر حواجز الجيش». فيما ألقى مجهولون ليلاً قنبلة من حي بستان اليهودي باتجاه أحد معاقل «جند الشام» في حي التعمير من دون تسجيل إصابات أو رد فعل.مخاوف عين الحلوة لم يبدّدها وصول موفد السلطة الفلسطينية عضو قيادة فتح عزام الأحمد إلى بيروت فجر الأحد، إذ أعادت إلى الأذهان زيارة مدير المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج التي سبقت المعركة بأقل من أسبوع. الأحمد الذي سيبقى في بيروت لأيام، افتتح برنامجه باجتماع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بحضور مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي والمدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري ورئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني باسل الحسن والسفير الفلسطيني أشرف دبور وأمين سر منظمة التحرير وفتح فتحي أبو العردات.
مصادر مطّلعة على الاجتماع لفتت إلى أن ميقاتي تسلّم من الأحمد رسالة من رئيس السلطة محمود عباس «يلتزم فيها بالتهدئة في عين الحلوة وباتفاق وقف إطلاق النار والبنود التي وضعتها هيئة العمل المشترك الفلسطيني من سحب المسلحين إلى تسليم المطلوبين». وأعرب عن التزام فتح والمنظمة بالتعاون مع مؤسسات الدولة والتنسيق مع الأجهزة الأمنية والجيش. وشكا الأحمد، بحسب المصادر من «تحميل فرج مسؤولية ما حصل في المخيم»، معتبراً أن «زيارته حُملت أكثر مما تحتمل». في المقابل، سمع الوفد الفلسطيني عرضاً للمخاطر التي يمر بها البلد وآخرها دعوات عدد من السفارات لرعاياها إلى مغادرة لبنان. وطالب ميقاتي بـ«ضرورة ضبط الوضع في المخيمات لأن البلد لا يحتمل». وتم التوافق على تكليف الحسن بمتابعة ملف تسليم المطلوبين خلال الاشتباكات الأخيرة وما سبقها مع الجيش والأمن العام. وفي هذا السياق، سأل ميقاتي الأحمد إن كانت فتح مستعدّة لتسليم محمد زبيدات المتهم بإطلاق النار على الإسلاميين، ما أشعل الاشتباك الأخير»، فأكّد أبو العردات استعداد فتح لفعل ذلك.
رئيس الحكومة هاتف هنية والأخير التزم بالمساعدة في تسليم المطلوبين وتأمين وقف إطلاق النار


وخلال الاجتماع جرى اتصال بين ميقاتي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أطلعه فيه ميقاتي على نتائج الاجتماع مع الأحمد. فأكّد هنية بدوره التزام حماس بمساعي تثبيت التهدئة والمساعدة على تسليم المطلوبين. وتوافق المجتمعون مع هنية على ضرورة تفعيل عمل لجنة التحقيق في الاشتباك الأخير من جريمة زبيدات إلى اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي وأربعة من مرافقيه «لأن التحقيق الجدي سيؤدي إلى تسليم المتورّطين».
بعد اجتماع السراي، صدر بيان عن هيئة العمل الفلسطيني المشترك جدّدت فيه التزام الفصائل بـ«تثبيت وقف إطلاق النار الشامل والدائم وسحب كلّ المسلحين من الشوارع وفتح الطرقات أمام السيارات والمشاة للدخول والخروج من المخيم ودعم لجنة التحقيق لتحديد المتورّطين».
أحداث عين الحلوة التي استدعت بيانات من الولايات المتحدة وغيرها، لا تزال تكشف عن خفايا متورّطين ومستثمرين لإذكاء الصراع وتوتير الأجواء. ولقطع الطريق أمام بث الشائعات، زار وفد من حزب الله قيادة فتح السبت الماضي. واستمع من أبو العردات إلى تقييم سياسي وعسكري لما جرى. وصدر عقب الزيارة بيان شكرت فيه فتح الحزب على «مواقفه الثابتة الداعمة للقضية الفلسطينية ومشاركة ممثلي الحزب في اجتماعات وقف إطلاق النار في صيدا»، وتبرّأت من «التصريحات الصادرة عن جهات غير معنية لن تُزعزع هذه العلاقة الأخوية التي ‏عُمّدت بدماء الشهداء». ‏