لم يُعرْ وزير العدل، هنري خوري، اهتماماً للكتاب الذي وجّهته إليه أمس الأمانة العامة لمجلس الوزراء لحضور جلسة بجدول أعمال من بند وحيد لبحث عقد اتفاق بالتراضي مع محاميَين فرنسييَن لتمثيل الدولة اللبنانية أمام المحاكم الفرنسية، في جلسات تثبيت الحجز على أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وذلك بعد كتابه بإحالة العقدين الموقعين بالتراضي بين الدولة اللبنانية والمحاميين إيمانويل داوود وباسكال بوفي لتمثيلها في الدعوى. ومضى، بالتالي، في عقد مؤتمره الصحافي اليوم لكشف ملابسات ما جرى، مؤكداً تمسّكه بالعقود التي وُقّعت بتاريخ 3/4/2023 والتي «لا تزال سارية المفعول». وإذ لفت إلى أنّ المحاميين داوود وبوفي يمثلان بموجب هذه العقود أمام المحاكم الفرنسية وما زالا يمارسان واجباتهما القانونية بتمثيل الدولة اللبنانية، شدّد على أنّ «الهدف من هذه الوكالة هي حماية حقوق الدولة اللبنانية».
وأوضح خوري أنّ «مسألة البحث عن محامين لتمثيل الدولة اللبنانية من دون أتعاب استغرقت حوالي السنة، ومحاولتنا بدأت قبل سنة لتمثيل الدولة في المحاكمات في الخارج سواء بتوجيه كتب إلى رئاسة الوزراء أو وزارة المالية ولم نلقَ جوابا بهذا الخصوص». وأشار إلى أنّ «القرار سيصدر في 4 تموز 2023، وبالتالي فإنّ أيّ غياب للدولة اللبنانية من شأنه تحميلها المسؤولية، ونحن بذلنا الجهد اللازم حفاظاً على حقوقها».

وفي ما يتعلق بما قاله مجلس الوزراء حول أنّ المعلومات عن المحاميين غير كافية، أوضح خوري أنّه تمّ إرفاق «السير الذاتية للمحاميين بالطلب الذي أرسلناه إلى مجلس الوزراء».

وأشار إلى أنّ المدير العام للوزارة محمد المصري «أبلغ مجلس الوزراء بمعلومات خاطئة ومقتضبة، وقال إنّ المحامي إيمانويل داوود يهودي»، موضحاً أنّ الأخير «كاثوليكي ووالده جزائري ووالدته فرنسية، ويحمل الجنسية الفرنسية، وقد توكّل في دعوى ضدّ إسرائيل لصالح الناشط الفلسطيني صلاح حموري، ورفع دعوى ضدّ الـCIA حول قصف الشعب العراقي، ودافع عن اللواء جميل السيد في دعواه ضدّ جوني عبدو».

وبالنسبة إلى المحامي باسكال بوفي «الذي قالوا إنّهم لا يعرفونه»، أشار خوري إلى أنّه تمّ الاستماع إليه في عام 2012 لساعات عدة كونه خبيراً أمام لجنة الإدارة والعدل في لبنان بخصوص اللجنة المتعلقة بحقوق الإنسان، وأنّه «يدير الدكتوراه في القانون المقارن اللبناني والفرنسي، وكان يشكّل فريق دفاع مع أمل كلوني للدفاع عن اليزيدية على الأراضي السورية والعراقية، وشارك أيضاً في دعاوى جزائية أخرى ضد الفساد في العالم».

أما في ما يتعلق بـ«ليكرا»، فأوضح أنّها جمعية معروفة دولياً «حاربت ضدّ العداء لكلّ ما هو أجنبي، والتمييز العنصري ضدّ الإسلام والعرب وضدّ الاضطهاد الفلسطيني».

وأكد خوري حصول تشويه متعمّد للسير الذاتية بهدف التأخير في متابعة الملفات المعروضة أمام المحاكم الفرنسية، مشدّداً على أنّ «محاولة طمس الجهد الذي بذلته هيئة القضايا والذي تابعه وزير العدل مستهجنة جداً، والكلام عن عروض جديدة هو فقط لكسب الوقت ليس إلا».

وهاجم وزير العدل المدير العام للوزارة مشيراً إلى أنّه «بعدما بارك خطوة السير بالمحاميين وبسحر ساحر أوقف التعاطي الإيجابي في هذه العملية، وبقيت المعاملة في مكتبه لمدة طويلة جداً، وأرسل كتاباً يعرض فيه أنه يريد استدراج عروض إضافية، فأجبناه عندها بأنّ استدراج العروض بعقود من دون بدل لا قيمة له مطلقا لأنّ المحاميين اللذين يساعدان هيئة القضايا تبرّعا من دون بدل»، موضحاً، في هذا السياق، أنّ «نقابة المحامين في فرنسا تفرض أن تكون نسبة معيّنة من الملفات التي يعمل فيها المحامون من دون بدل مادي».

وشدّد على أنّ «التفتيش والبحث عن محامين ليست مهمة المدير العام إنما هيئة القضايا، أما المدير العام فهو يقترح الإسم الذي تتوصّل إليه هيئة القضايا أو لا يقترح، وبالتالي فإنّ الوزير غير ملزم بأيّ موقف يتخذه بهذا الخصوص وبإمكانه أن يسير بعكس اقتراح المدير العام». كما لفت إلى أنّ المدير العام «أجاب عن كتاب قدّمه وكلاء رياض سلامة بأن لا عقود موقعة، والعقود كانت موقّعة في 3/4/2023، وهو بذلك أعطى إفادة ضدّ حقوق اللبنانيين وهدرَها».

وقال خوري إنّه، بحسب الدستور، لا يمكن لمجلس الوزراء دعوة مدير عام أو أيّ موظف في أيّ وزارة من دون حضور الوزير، مشيراً إلى أنّ «هناك تجاوزات ومخالفات في هذه العملية سأرتّب عليها النتائج القانونية المطلوبة بحق أيّ كان».