حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باق في منصبه حتى انتهاء ولايته. هذا ما خلص إليه اللقاء التشاوري الحكومي الذي عُقد في السراي الحكومي أمس برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.وتبين أن اتصالات سياسية بين غالبية وزارية تتشكل منها الحكومة، خلُصت إلى شبه قناعة بأن أي قرار حكومي بإقالة سلامة سيفتقد إلى أساس قانوني بما يسمح للحاكم برفض تنفيذه والطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة استناداً إلى ما يوفره قانون النقد والتسليف من حصانة له. كما أن سلامة - بحسب توقعات رئيس الحكومة وبعض وزرائها - لن يستجيب لأي «مناشدة» له بالتنحي لاعتباره أن ذلك بمثابة إقرار بالتهم الموجهة إليه.
وتحت ستار عدم المجازفة بطرح إقالة سلامة في جلسة حكومية من دون التأكد من توافر موافقة ثلثي الوزراء، مما سيظهر الحكومة وكأنها تغطي الحاكم رسمياً، فضّل ميقاتي عدم الدخول في «مغامرة» كهذه، و«ترك القضاء يأخذ مجراه». وفيما لم يبد أي من الوزراء اعتراضاً جدّياً على كلام ميقاتي، وأشار بعضهم إلى أن ما تبقّى من الولاية لا يتعدّى الـ 40 يوماً، ما عدا أيام السبت والأعياد، أصرّ نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي على ضرورة تنحية الحاكم ولو بقي نهار واحد من ولايته. وقدّم وزير المال يوسف خليل مطالعة قد تكون الأطول منذ استلامه منصبه، اعتبر فيها أن «موضوع الإقالة صعب، ويحتاج إلى دراسة وتحضيرات وإجراءات كثيرة لتعيين حاكم جديد في حين أن كل ما تبقى لا يتعدى الشهرين، وبالتالي من الأسهل الانتظار». ورداً على سؤال وزير الزراعة عباس الحاج حسن عن تداعيات صدور مذكرة الاعتقال الفرنسية، أجاب خليل بأن «لا تداعيات فعلية، وكل مصارف المراسلة تتعامل كالمعتاد مع لبنان». أما وزير التربية عباس الحلبي فأبدى اعتراضاً على إقالة الحاكم، واستشهد بكلام «أحد الإعلاميين» عن أن الدولة «تركض» وراء 300 مليون دولار في حين أن السياسيين سرقوا المليارات ولا تحاسبهم! أما وزير الأشغال علي حمية فرأى أن الأفضل الركون إلى القضاء، فأبدى وزير العدل هنري خوري موافقته، لافتاً إلى أنه «وفق القانون، يجب إثبات إخلال سلامة بوظيفته لإقالته لأن باستطاعته الطعن بالقرار، وهذا يتطلب صدور قرار قضائي». إلا أنه تمنّى على سلامة التنحي خشية كرّ مسبحة الدعاوى عليه في عدة دول أوروبية، وما يلحقه ذلك من تداعيات خطيرة على لبنان. وبعد إصرار الشامي على اتخاذ إجراء بحق سلامة، أعاد ميقاتي التأكيد على عدم توافر الثلثين متوجهاً للوزراء بالقول: «ما في أكثرية. ووفقاً للقانون، لا يحق لمجلس الوزراء إقالته، وإن حصل فقد يجرنا ذلك إلى مشكلة أخرى تتعلق بتعيين بديل عنه، في ظل اعتراضات على صلاحية حكومة تصريف الأعمال للقيام بذلك».
فضل رئيس الحكومة عدم المجازفة لغياب الثلثين وبسبب مشكلة تعيين البديل


وعليه، رفعت الجلسة على أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعاً الجمعة المقبل لدرس جدول أعمال من 50 بنداً، ليست إقالة الحاكم من ضمنها. وقال مصدر وزاري إن المشاركين في الاجتماع لاحظوا «وجود نوع من التوافق بين رئيس الحكومة وممثلي حزب الله وحركة أمل والحزب الاشتراكي وتيار المردة على عدم البت في ملف سلامة، وترك الأمر إلى ما بعد انتهاء ولايته».
لاحقاً، و«منعاً لأي تأويل حول ما تم تداوله خلال اللقاء التشاوري»، أصدر المكتب الاعلامي لوزير العدل بيان أكّد أن «وزير العدل رفض كلياً وضع الكرة في ملعب القضاء اللبناني بعد صدور مذكرة التوقيف عن القضاء الفرنسي مطالباً بالتعاطي مع ملف رياض سلامة انطلاقا من هذه المذكرة كي يبنى على اساسها المقتضى، وتحديدا مطالبة سلامة بالاستقالة، مع الاشارة الى ان القضاء اللبناني سيقوم بواجباته كاملة وفقاً لما هو مطلوب منه في هذه المرحلة».
قضائياً، حدّد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات غداً موعداً للاستماع إلى سلامة بعد إصدار مذكرة التوقيف الفرنسية، وكلف المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان القيام بالمهمة. وتُرجح المصادر أن يُترك سلامة بموجب سند إقامة مع احتجاز جواز سفره، قبل أن يراسل عويدات القضاء الفرنسي طالباً استرداد الملف لدراسته.
وفي الموازاة، أبلغ قاضي التحقيق شربل أبو سمرا كلاً من شقيق الحاكم رجا سلامة ومستشارته ماريان الحويك بموعدَي جلستيهما في فرنسا، في 31 أيار و10 حزيران على التوالي.