في ظل تعاظُم المأزق السياسي - الدستوري وانعدام المبادرات لأسباب يختلِط فيها المحلي بالإقليمي، نجحت الاتصالات السياسية في إزالة العوائق أمام التمديد لرؤساء المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية، وتأمين «الأكثرية»، العددية والميثاقية، المطلوبة لذلك في مجلس النواب. وأدى إلى دعوة الرئيس نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع الاثنين المقبل للاتفاق على جدول أعمال جلسة تشريعية تُعقد في الأسبوعين المقبلين.أتت هذه الدعوة بعد حلحلة العقبات أمام التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي زار عين التينة أول من أمس. فيما بات من شبه المؤكد أن التيار الوطني الحر سيؤمن الميثاقية المطلوبة، ككتلة مسيحية أساسية، لكن شرط «أن تُدرج على جدول أعمال الجلسة بنود إصلاحية كقانون الكابيتال كونترول، فضلاً عن عدم حصر التمديد بالمدير العام للأمن العام فقط».
وعلمت «الأخبار» أن الأيام الأخيرة شهدت اتصالات مكثفة لإنضاج الاتفاق على تمديد ولاية اللواء إبراهيم التي تنتهي في 3 آذار المقبل. وفيما موقف «الثنائي الشيعي» محسوم إيجاباً، أكّدت مصادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه «يرحّب من حيث المبدأ» بالتمديد، انطلاقاً من «ثقته باللواء وللحفاظ على استقرار المؤسسات الأمنية»، نافية أن يكون رئيس الحكومة قد وضع شروطاً من قبيل التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي لن يُحال على التقاعد قبل عام، علماً أن معلومات تشير إلى أن رئيس الحكومة هو وراء اقتراح القانون الذي تقدّم به نواب من كتلة «الاعتدال الوطني» بالتمديد سنتين لكلّ من قائد الجيش والمدير العام لقوى الأمن الداخلي ابتداءً من تاريخ تقاعدهما، وللمدير العام للأمن العام ابتداءً من تاريخ انتهاء ولايته. إلا أن الأجواء تفيد بـ«صعوبة السير بطرح كهذا، وخصوصاً لجهة التمديد لقائد الجيش الذي يفترض أن تنتهي مهامه مع انتخاب رئيس للجمهورية، وهو ما يعتبر مصادرة لحقّ الرئيس المقبل في اختيار قائد عهده».
التوافق السياسي على جلسة تشريع الضرورة يهمّش القوّات ومن يدورون في فلكها


وإلى هذا الاقتراح، تقدم النائب علي حسن خليل باقتراح قانون معجل مكرر يمدّد تعيين المديرين العامين في الإدارات والمؤسسات ورؤساء الأجهزة الأمنية لمدة ثلاث سنوات»، بينما تفضّل كتلة «اللقاء الديموقراطي»، بحسب مصادرها، السير بصيغة أعدّها نوّاب في اللقاء، وتقضي بتشريع عملية رفع سن التقاعد لموظفي الفئات الأولى والثانية والثالثة من 64 عاماً كما هو معمول به إلى 68، ورفع سنّ التقاعد لموظفي الفئة الرابعة الى 66 عاماً. وعليه يكون اللواء إبراهيم من ضمن هؤلاء، علماً أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يستفيد من هذا الطرح.
التوافق الذي يهمّش القوات اللبنانية ومن يدور في فلكها من «سياديين» و«تغييريين» ممن يرفضون عقد جلسات تشريع الضرورة، سعّر الخلاف بين القوات والتيار الوطني الحر، وخصوصاً أن الأخير لم ينجرّ إلى المزايدة القواتية في رفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي. وقد هاجم رئيس القوات سمير جعجع، أمس، التيار الذي «لم يكتف بمساهمته بالأضرار الّتي أوقعها على اللّبنانيّين وفي طليعتهم المسيحيّين، في السّنوات الستّ الماضية، حيث حوّل نهارهم ليلاً، وحياتهم جحيماً، بل هو مُصرّ على ملاحقتهم وتنغيص عيشهم حتّى اللّحظة وكلّ ذلك من أجل حفنة من المناصب». فيما «شكر» التيار جعجع «لحرصه المباغت على موقع الرئاسة. لكن حبّذا لو منّ على اللّبنانيّين بحرصه هذا في السنوات الرئاسيّة الستّ، الّتي لم يترك معوَلًا إلّا واستخدمه هدماً وتنكيلاً وتدميراً بموقع الرّئاسة وصلاحيّات الرئيس، لا لسبب إلا لأحقاده الشخصيّة». وذكّر بيان اللجنة المركزيّة للإعلام في التيار قائد القوات بأنه «ليس في موقع الناصح لتحديد الموقف من المشاركة في الجلسة التشريعيّة، ولا هو أهل لذلك، وهو من شارك في عدّة جلسات تشريع الضرورة في مرحلة الفراغ الرّئاسي 2016- 2014».
من جهة أخرى، لا تزال القوى السياسية منشغلة بمتابعة ما خلُص إليه لقاء باريس الخماسي، الاثنين الماضي، مع تضارب المعلومات الواردة إلى بيروت. فبين تأكيد مصادر دبلوماسية «وجود تباينات بين الدول الخمس يعكسها تأخر صدور بيان عن اللقاء»، لفتت أوساط مطلعة إلى أن عدم صدور البيان سببه «عودة المشاركين الى المسؤولين في عواصمهم لمراجعة النص، وقد تأخّر الرد السعودي علماً أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا كانت ترتبط بموعد سفر، فلم يصر إلى إصدار بيان». وأكدت أن المداولات شهدت «اختلافاً في وجهات النظر وليس خلافات أو تباينات»، مشيرة إلى أن نتائج الاجتماع الحقيقي سيتبلّغها المسؤولون اللبنانيون مطلع الأسبوع،
وقد علمت «الأخبار» أن السفراء: المصري والفرنسي والأميركي والقطري طلبوا موعداً للقاء رئيس مجلس النواب لإطلاعه على النقاط التي جرى الاتفاق حوله (قد يتغيّب السفير السعودي عن اللقاء لوجوده خارج لبنان)، وربما سيكون هناك لقاء مع رئيس الحكومة.