بعد سنوات من الانقطاع، عادت الأجواء الانتخابية إلى جامعة الحكمة. هدوء حذر خيّم على حرم الجامعة في فرن الشباك أمس، رغم المنافسة المحتدمة التي دارت بين الأحزاب التقليدية من جهة، وبينهم وبين قوى المعارضة من جهة ثانية. فالتشدّد الأمني الذي اعتمدته إدارة الجامعة، ونشر عناصر الجيش اللبناني على مدخلها، حالا دون تكرار مشهد نزاع الطلاب «التاريخي» عند كلّ استحقاق انتخابي، ما أدى إلى إلغائه طوال 13 عاماً قبل خوضه عام 2019 لآخر مرة.
بعد صدور النتائج، ضجّت الجامعة بنشيد «هزّت منازلنا» معلناً اكتساح «القوّات اللبنانية»، بالتحالف مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» (حصل على مقعدين) بـ 19 مقعداً من أصل 24. وهي نتيجة توقعتها «القوات» التي خاضت المعركة الانتخابية على جميع المقاعد في «قلعتها» بثقة عالية. يصف عدد من الطلاب المعارضين للقوات حضور الأخيرة بـ«الاحتلال»، ما جعلهم يغادرون بسرعة بعد إعلان النتيجة «وتركنا القوتجية يحتفلون»، يقول أحدهم. وكان الاستفزاز قد رافق اليوم الانتخابي الطويل، إذ استقبل شبّان بالزيّ الزيتي الطلاب عند مدخل أقلام الاقتراع على وقع أناشيد «القوات» الحزبية وفي ظلال أعلامهم. وأكثر ما استفزّ ممثل النادي العلماني في الجامعة غسان مغربل هو الشعار الذي رفعه الحزب الفائز «حتى تظلّ الحكمة تشبهنا»، ما يعني «انتخبونا حتى لا يأكلنا المسلمون وتبقى الجامعة لنا نحن المسيحيين».

وخاضت «القوات» المنافسة بالتحالف مع «الاشتراكي»، ضدّ كل من «الكتائب« و«التيار الوطني الحر» و«النادي العلماني» على 24 مقعداً في سبع كليات، وفق النظام الأكثري. حصل «التيار الوطني الحر» على مقعدَين من أصل ستة مقاعد ترشح إليها، معلناً فوزه بثلاثة مقاعد بما أن الفائز المستقل مناصر لهم بحسب مصادر التيار، وحصد «الكتائب» مقعدين من أصل 10 مقاعد ترشح إليها. أما النادي العلماني فخسر المقاعد الخمسة التي ترشح إليها.
وكانت ثلاثة مقاعد، في المجلس الطالبي المؤلف من 24 مقعداً، قد حسمت نتيجتها سلفاً، بعدما فازت «القوات» بمقعدين بالتزكية، وفاز طالب مستقل بمقعد واحد بالتزكية أيضاً. أما الثنائي الشيعي فقاطع الانتخابات اقتراعاً وترشيحاً. ودارت أمّ المعارك في كليتَي الحقوق وإدارة الأعمال، ولا سيما في صفّ السنة الثالثة في الإدارة حيث تنافست الأطراف الأربعة.
وبالعودة إلى التحالفات، أوضحت الكتائب أنها خرجت من تحالفها مع القوات لأن «جلستنا الأولى والأخيرة لم تكن على قدر من الإيجابية التي تسمح بالمشاركة في لوائح مشتركة»، بحسب رئيس مصلحة الطلاب في الكتائب إلياس سمعان.
ويعيد رئيس مصلحة الطلاب في «القوات»، عبدو عماد عدم التحالف مع «الكتائب» إلى «التكتيك الانتخابي والأحجام الانتخابية». متهماً إياهم بـ«تجيير أصواتهم مع التيار الوطني الحرّ من تحت الطاولة لسحب البساط من تحتنا، تماماً كما فعلوا في الانتخابات الطالبية في جامعة سيدة اللويزة». إلا أن «الكتائب» ترفض هذا «الاتهام، فنحن لا ندعم ترشيح أحد. وإذا قررنا دعم طرف ما، حتماً لن يكون التيار الوطني الحر وكلّ من ينتمي إلى 8 آذار»، يؤكد سمعان.