الغضب الذي يعتري الموقوفين بسبب التقاعس عن تقديم الحلول لقضيتهم وإرجاء محاكماتهم، لم ينفجر في السجون، وإنما تعدّى أسوارها ليصل إلى المحكمة العسكريّة. هذا ما حصل أمس مع أحد الموقوفين من آل العلي. الشاب الذي انتظر أن تصدر المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد جوزيف الحلو أمس حكمها في قضيّته، كان مطمئناً بأن خروجه من السجن بات حتمياً بعدما أنهى فترةً أكبر من تلك التي نص عليها القانون في قضيّته. ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان إذ أُرجئت الجلسة إلى موعدٍ اعتبره الموقوف بعيداً نسبياً.هذا ما أثار نقمة العلي الذي أخرجه العسكريون من القاعة إلى نظارة المحكمة حيث بدأ بالصراخ معترضاً على التأجيل، قبل أن يسحب شفرة صغيرة (يُعتقد أنه كان يُخبئها داخل فمه) وقام بتشطيب رقبته وكتفه. حينها، خشي العسكريون أن يقوم بتشطيب الموقوفين الآخرين أو بإيذاء نفسه، فتحدثوا معه بهدوء ووعدوه بأن يلتقي رئيس المحكمة ومفوض الحكومة في المحكمة ليشرح لهما وضعه. واستدرجوه إلى خارج النظارة. وما إن شعر العلي بأن الأمر مقصود لإخراجه من النظارة حتى بدأ بالطرق بقوة على الباب الخشبي لقاعة المحكمة. ولما لم يلق أي رد من الحلو وأعضاء الهيئة، استلّ الشفرة التي كان ما زال ممسكاً بها وقام بقطع شرايين يده لتسيل الدماء بغزارة.
أكثر من ربع ساعة قبل حضور سيارة إسعاف، بقي العلي ممدداً على الأرض «ودمّه عم يصفي» على حد تعبير أحد الشهود، مشيراً إلى أنّ الشاب فقد الوعي بعد ثوانٍ من قطع أوردته. ورغم الضجة والصراخ الذي ملأ المكان، لم يتزحزح العميد الحلو من مكانه، بل بقي على القوس مع أعضاء هيئة المحكمة يتابعون الدعاوى وكأن شيئاً لم يكن، علماً أن الحلو لم يعقد الكثير من الجلسات أمس بل كان يعمد إلى إرجاء معظمها وتحديد مواعيد التأجيل.
وقد نقل الموقوف إلى المستشفى. وفيما تردّد أن وضعه حرج، قال معنيون في المحكمة إنه تلقى الإسعافات الأولية وخرج من المستشفى لأنّ الشفرة لم تصل إلى الوريد.