هي «محاولة» لتعويم الحكومة، كما وصفها أحد كبار العاملين على خط الوساطات بين رئيسي الجمهورية والحكومة، من دون أن يجزم بإمكان انتهائها إلى الخواتيم المرجوّة. لكنها، في كل الأحوال، تحمل «خفضاً لسقف رئيس الحكومة»، بحسب وصف مصادر مطلعة.هذا ما تسرّب أمس عن الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا اليوم، والتي تردّد أنه سيبحث خلالها مع الرئيس ميشال عون في تأليف الحكومة، بعدما غاب طويلاً منذ تقديمه تشكيلته الأولى إلى الرئيس في 29 حزيران الماضي، بعد ستة أيام من التكليف.

وفي المعلومات أن الرئيسين سيبحثان في مروحة خيارات بين تعويم الحكومة الحالية، أو تطعيمها بستة وزراء سياسيين كما اقترح رئيس الجمهورية سابقاً، أو إدخال تعديلات على بعض الحقائب والأسماء. وبحسب المصادر، فإن «خيار تفعيل الحكومة الحالية وتعويمها يتقدّم على بقية الخيارات»، مشيرة إلى أن «ميقاتي يبدو أكثر ليونة بعد عودته من الخارج». وهو ما أكّدته، بحذر، مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر، لكنها دعت إلى انتظار «نتائج زيارة اليوم واقتران الأقوال بالأفعال لاستكشاف ما إذا كنا أمام مناورة جديدة لاستيعاب ما سمعه رئيس الحكومة من وزراء التيار ووزراء آخرين في جلسة اليوم (أمس)، أم أنه أدرك عقم الفتاوى الدستورية التي تقول بتولي حكومة تصريف الأعمال مهام رئيس الجمهورية في حال حصول فراغ رئاسي». وشدّدت على أن «أي تعديل في الأسماء أو في الحقائب يجب أن يتمّ بالتشاور مع الرئيس عون... اسماً اسماً وحقيبة حقيبة».
وكانَ يُمكِن لـ «الاجتماع الوزاري» الذي دعا إليه رئيس الحكومة أمس لـ «البحث في رفع تعرفة الكهرباء» أن يمر عادياً، لولا أن الوزراء فوجئوا بأنها «جلسة عادية مكتملة العدد مع جدول أعمال، وانتهت باتخاذ قرارات»، أخطرها اعتماد سعر 20 ألف ليرة للدولار الجمركي، وهو قرار اتخذ بالإجماع من دون أي نقاش حقيقي ومن دون أن يرف لأي من الوزراء جفن، بعدما «أقنعهم» ميقاتي بأنه لن تكون للقرار تداعيات، رغم أنه سيحمِل ضغوطاً تضخمية، وسيرفع أسعار السلع في الأسواق وسيدفع المستهلك الثمن لأن الاحتكارات التجارية هي من تتحكّم بالأسعار وهوامش الأرباح.
في الجلسة التي لم يتغيّب عنها أحد باستثناء الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية، وبحسب أكثر من مصدر وزاري، «بدأها ميقاتي بالحديث عن فرضيات عن عدم القدرة على تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية، وكيف يمكن أن تتصرف حكومة تصريف الأعمال في هذه الأحوال». وقد تنوعّت آراء الوزراء بين من اعتبر أن «حكومة تصريف الأعمال يجب أن تتعامل مع ما تفرضه التطورات وأن تنجِز كل الأعمال المطلوبة لإدارة البلد»، وبينَ من «عبّر عن رفضه الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال الحالية، مع التحذير من حالة الفوضى التي سيصل إليها البلد في ظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال ووضع اقتصادي متدهور»، وهو ما عبّر عنه وزراء محسوبون على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ووزراء آخرون. وأنهى ميقاتي النقاش بإبلاغ الوزراء أنه سيزور بعبدا اليوم.
مصادر سياسية عبّرت لـ «الأخبار» عن خشيتها من أن يكون للقرار المفاجئ لرئيس الحكومة بتحريك ملف التأليف مضمون سلبي يتعلق بلمس ميقاتي أن البلد قادم على فراغ رئاسي، لأن «المعادلة هي أن وجود رئيس حكومة أصيل يعني أن لا انتخابات رئاسية، فيما يشكل بقاء حكومة تصريف الأعمال ضغطاً لإجراء الاستحقاق في موعده».