تنتخب الرهبنة اللبنانية المارونية رئيسها الخامس والثمانين، غداً، في جامعة الروح القدس في الكسليك، بعد ستة أعوام على ولاية الأب نعمة الله الهاشم رئيساً عاماً للرهبنة الى جانب أربعة مدبّرين جدد. وتقتصر الانتخابات على لائحتين، أولى يدعمها الهاشم نفسه والتيار الوطني الحر بدرجة ثانية وتتألف من المرشح للرئاسة العامة مدبّر جبيل والبترون هادي محفوظ (الرئيس السابق لجامعة الكسليك)، الى جانب مدبر الشمال والبقاع الشمالي طوني فخري، مدبر كسروان جوزيف قمر، مدبر المتن والبقاع الأوسط والغربي ميشال بوطقة، مدبر الشوف والجنوب جورج حبيقة. وثانية تشكل لائحة المعارضة وتدعمها بكركي وحزب القوات وتتألف من المرشح للرئاسة العامة مدبر المتن والبقاع الأوسط والغربي الياس جمهوري (عميد كلية اللاهوت في جامعة الكسليك وهو محايد)، مدبر جبيل والبترون ميشال اليان، مدبر كسروان حنا عقيقي، مدبر الشمال والبقاع الشمالي يوسف سليمان، ومدبر الشوف والجنوب بسام حبيب.وتشير المعلومات الى أن اللائحة الأولى تملك الحظوظ الأكبر، وهي تحتاج الى النصف زائداً واحداً من عدد الرهبان البالغ نحو 300 راهب، وقد ينخفض الى 290 بسبب مرض بعض الرهبان وعدم حضور البعض الآخر. أما في حال الرغبة بالتجديد للرئيس العام الحالي، فهو يحتاج الى ثلثَي أصوات المجمع الانتخابي زائداً واحداً. لذلك، تسعى القوات عبر دعمها لمدبر جبيل والبترون الى قطع الطريق أمام وصول محفوظ الذي يشكّل ترؤسه للرهبنة المارونية اللبنانية اكتمالاً لعصر إخراج القوات من الرهبنة التي كانت، طوال الحرب وما تلاها، تدور في فلك معراب ووفّرت الدعم لرئيس حزب القوات إبان الحرب، فيما كانت الرهبنة الأنطونية أقرب الى رئيس الجمهورية ميشال عون.
التغيرات في مزاج الرهبنة بدأت في عهد الأب الهاشم الذي انتقل بها من مرحلة المحازبة الى مرحلة الحياد، رغم أن السنوات الثلاث الأخيرة من ولايته كانت الأكثر صعوبة نتيجة الوضع الاقتصادي الذي أثّر على كل المدارس والجامعات والمستشفيات التابعة للرهبنة، وبسبب خسارتها أموالها الموجودة في المصارف. حصل هذا الحياد بطلب من الفاتيكان نفسه الذي شهد على الندوب التي طبعتها الحرب في الرهبانية نتيجة مواقفها السياسية.
وصول محفوظ الى الرئاسة العامة دونه معارضة بكركي والقوات لأنه أقرب الى التيار الوطني الحر. وهو ما دفع بكركي والقوات الى إرسال شكاوى عديدة الى الفاتيكان التي تتبع الرهبنة المارونية لها مباشرة، من دون أن تتلقى أيّ تجاوب من روما بحسب المصادر. الشكاوى تمحورت حول سوء إدارة السلطة الحالية لأمور الرهبنة المتشعبة وعدم قيامها بدور فعال في ظل الأزمة الكبيرة.
إشارة هنا الى أنه عادة ما يترافق صعود دور بكركي السياسي مع أفول دور الرهبنة، والعكس صحيح. ففي أيام الحرب، لم تتمتع بكركي بدور رائد ما جعل الرهبنة تملأ مكانها.
ويرى مؤيدو الهاشم أن أداءه كان استثنائياً، إذ عمل على التقريب بين الرهبان وعدم حصول أي انشقاق أو مشاكل ضمن الرهبنة. كما حرص على إبقاء أقساط جامعة الكسليك طوال الأزمة من دون إضافات تذكر. ويشير رهبان الى أن الرهبنة اللبنانية المارونية تسير بموازاة البطريركية المارونية متّبعة تعليمات روما، ويتم العمل على مبادرات كثيرة للتوافق «حتى نظل علامة فارقة لشعبنا. فلحظة انتخاب رئيس عام جديد سنكون كلنا بقربه من دون أي انقسام، وسنتعامل معه كأب كما تعاملنا مع الأباتي نعمة الله الهاشم».
ويشارك في العملية الانتخابية «جميع أبناء الرهبانية ذوي النذور المؤقتة». وينادي الأمين العام للمجمع المنعقد منذ أربعة أيام كل راهب على حدة، بحيث يتم انتخاب الأب العام بداية، ثم المدبرين الأربعة الذين يعاونونه في إدارة الشؤون الرهبانية.