منذ مدة غير قصيرة، يحرص جنرالات الحرب في كيان العدو على إطلاق تهديدات للبنان بحرب قاسية. ويتعمد هؤلاء الإشارة تكراراً إلى عبارات من نوع الدمار الواسع والضربة القوية. لكن التدقيق في التصريحات يساعد على فهم أن السقف العالي لا يستهدف ردع أعداء إسرائيل فحسب، بل طمأنة الجمهور الذي يشهد منذ سنوات كمية كبيرة من المناورات التي تستهدف حماية الجبهة الداخلية، وهو ما يجعل جنرالات العدو يتحدثون صراحة عن توقعاتهم بأن المقاومة في لبنان سوف توجه ضربات قوية وقاسية إلى العمق الإسرائيلي في حال نشوب أي حرب.ولمناسبة الذكرى الأربعين لـ»حرب لبنان الأولى» التي تعني الاجتياح الواسع في حزيران عام 1982، أقيم الأربعاء الماضي في كريات شمونة (شمال فلسطين) احتفال بحضور وزير الحرب الصهيوني بني غانتس ورئيس أركانه أفيف كوخافي، وعدد من العملاء اللبنانيين البارزين الذين التقطوا الصور إلى جانب كوخافي وغانتس، وأبرزهم العميل المعروف نبيل أبو رافع.
لم يكن الاحتفال مهماً بحد ذاته، بل طبيعة التصريحات التي أطلقها بني غانتس وكوخافي. إذ قال الأول «نحن جاهزون للمعركة... وسنصل إلى بيروت وصور ومحيطها وكل مكان إذا لزم الأمر... لكننا لا نريد حرباً. إذا اضطررنا لعملية عسكرية في لبنان، فستكون شديدة ودقيقة وسنجبي ثمناً باهظاً من حزب الله». وأضاف: «عملية مثل هذه ستكبد شحنات إيران، وحزب الله والدولة اللبنانية ثمناً باهظاً. أمام أي تهديد ضد مواطني إسرائيل لن تصمد أي بنية تحتية تستخدم لاستهدافنا»، مشيراً الى أن «جبهتنا الداخلية ستكون أيضاً جاهزة للتحمل والصمود، لذلك نقوم بتجهيزها - بالحماية وتعزيز العلاقة بين الجيش الإسرائيلي ورؤساء السلطات المحلية والسكان». وتطرق غانتس إلى الخلاف مع لبنان حول موضوع منصة «كاريش» وقال: «نحن لا نريد الحرب ومستعدون للذهاب بعيداً جداً في طريق السلام، ومسارات التسوية مثل الحدود البحرية بيننا وبين لبنان، التي يجب أن نتفق عليها بسرعة وبصورة عادلة».
من جانبه، صرح رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية آفيف كوخافي بأنه «على الرغم من التحديات الأمنية الكثيرة، وضع إسرائيل آخذ بالتحسن. أعداؤنا في خلط مستمر، ناهيك عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي الدائم وأمامهم دولة إسرائيل تواصل التطور والنمو، وتحقيق أهدافها القومية». وتابع كوخافي: «المنظمات الإرهابية التي تستثمر موارد كثيرة ستتحول لجيوش إرهاب تميز الحروب الجديدة، لكنهم أيضاً يذكروننا بإنجازات دولة إسرائيل ووضعها الاستراتيجي».
أما رئيس الأركان فكرر حديثه السابق عن «الخطط العملياتية للحرب المقبلة ضد لبنان أصبحت جاهزة، وفي الحرب المقبلة سيكون حجم الهجمات في لبنان على مستوى غير مسبوق ومدمر، وكذلك قدرة المناورة داخل لبنان ستكون كبيرة للغاية كما تم في التدريبات». وأضاف: «سندمّر أعداءنا، ومنظومة الصواريخ التي لديهم، وقذائفهم بجميع أماكنها بكل دقة واحترافية - سيكون شيئاً طبيعياً أن تسقط على الجبهة الداخلية «الإسرائيلية» مئات عديدة من الصواريخ والقذائف، ومن أخلاقيات الجيش الإسرائيلي أن يرد بنفس القوة بل أكبر وبذات الوقت».
وكان كوخافي تحدث قبل نحو أسبوعين في مؤتمر حول واقع الجبهة الداخلية. وهو حذر مواطنيه قبل تهديده اللبنانيين بقوله: «من جهة نحن سنهاجم بقوة، ومن جهة أخرى سنوجه لهم تحذيراً صريحاً ونسمح لهم بالمغادرة». وأضاف: «القتال سيكون مؤثراً، ولكنه منضبط أيضاً». وذكر «الأشياء الثلاثة التي ستؤدي إلى ذلك: الأهداف العسكرية، وتحذير السكان، ومجموعة واسعة جداً من الأهداف العسكرية الدقيقة، إنه الثالوث الذي يجعل قتالنا مؤثراً ومنضبطاً» بحسب زعمه.
يشار إلى أن كوخافي يمر بمرحلة انتقالية قبل إحالته على التقاعد، وهناك سباق بين الحكومة الحالية وبين من يمكن أن يفوز بالانتخابات نهاية السنة حول تعيين البديل، ويحاول بني غانتس تبكير موعد تعيين البديل خشية احتمال أنه في حالة عودة نتنياهو إلى السلطة فإنه سيعين اللواء إيال زامير، وهو مقرب منه. ويعتقد وزير الحرب كما جنرالات آخرين أن مثل هذا التعيين سيؤدي إلى حصول مشكلة داخل الجيش.