فيما تسعى «إسرائيل» إلى فرض أمر واقع حول حقل «كاريش» عبر ربط المنصة العائمة بالنسخة البحرية من القبة الحديدية، مجدّدة التحذير من أن «أي ضرر تتعرّض له منصات الغاز الخاصة بها سيكون بمثابة إعلان حرب»، استمر لبنان الرسمي أمس في محاولات احتواء الموقف من خلال تحريك «ديبلوماسيته» على أكثر من خطّ، بدءاً بنائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي استكمل جولة اتصالاته محلياً ودولياً وتواصل مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين من أجل ترتيب زيارة له لبيروت استناداً إلى «توافق الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي على دعوة الوسيط للحضور إلى لبنان للبحث في استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها بأسرع وقت»، إضافة إلى التواصل مع الأمم المتحدة ومع سفراء الدول لشرح موقف لبنان. ومع أن المعلومات والإحداثيات تؤكد أن السفينة لم تدخل موقعاً جغرافياً متنازعاً عليه حتى الآن، انقسم لبنان بين طرف يتمسّك بالخط 29 انضم إليه النواب «التغييريون» وآخر يتمسّك بالخط 23 ويرفض تعديل المرسوم رقم 6433 الصادر عام 2011. فيما برزَ أمس معطى جديد تمثل في إعلان تعيين حزب الله النائب السابق نواف الموسوي مسؤولاً عن الملف بشكل رسمي في إشارة إلى إيلاء الحزب هذا الملف أهمية عالية بعدما اختار الصمت لفترة طويلة، وفي الموقف الذي سيعلنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في كلمة أُعلن أمس أنه سيلقيها غداً.وأمس انهمك لبنان الرسمي بالتحضير لزيارة الوسيط الأميركي الذي يفترض أنه «سيأتي إلى بيروت الأحد أو الاثنين» كما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي على هامش جلسة انتخاب اللجان أمس. فيما قالت مصادر في وزارة الخارجية إن «لبنان لم يتبلغ رسمياً موعد الزيارة بعد، لكن لا شيء يمنع ذلك في حال استجد أي أمر»، مع التأكيد أن محادثات تجري على مستوى مسؤولين لبنانيين وأميركيين لإعادة استئناف «المسار الديبلوماسي لحل الخلاف البحري الحدودي بين بيروت وتل أبيب».
في غضون ذلك، استأنف رئيس الجمهورية اتصالاته للبحث في آخر التطورات، واطلع من قيادة الجيش على آخر الإحداثيات بالنسبة لتموضع سفينة الإنتاج اليونانية. وعلمت «الأخبار» أن القصر الجمهوري الذي تبلغ من النائب بو صعب (بصفته مكلفاً شأن متابعة ملف الحدود البحرية مع الأميركيين) آخر المستجدات حول تواصله مع المسؤولين الأميركيين، صرف النظر مبدئياً عن دعوة سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وتفرغ لمتابعة الملف مع الجانب الأميركي.
في هذه الأثناء، كانَ العدو الإسرائيلي يستكمل نشاطه جنوب الخط 29، وقالت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» إن «الخوف ليس من المكان الذي رست فيه السفينة لكن مما يمكن أن تستخرجه ومن أي آبار»، لافتة إلى أن سفينة التنقيب Stena IceMax التي تعمل لمصلحة شركة «هاليبرتون» الأميركية، باشرت منذ أيام عملية حفر بئر رابع في الجزء الجنوبي من حقل «كاريش»، بمحاذاة الخط 29، تحت اسم KM-04 بعدما بيّنت مسوحاتها احتمال وجود «نفط سائل» أسفل البئر KN-01 الموجود في الجزء الشمالي من «كاريش»، أي ضمن حيّز الخط 29. ورجحت المصادر أن Stena IceMax ستنتقل بعد أسابيع إلى شمال «كاريش» ليصار بعدها إلى تحويل بئر التنقيب KN-01 إلى بئر إنتاج وربطها مع الآبار التي ستباشر منصة الإنتاج التابعة لـ«أنرجين» عملية الاستخراج منها، «وهذا ما يجب أن نخشاه».
واستغربت المصادر تعامل القوى السياسية مع الملف، مشيرة إلى ما حصل أمس في مجلس النواب حيث لم تعقد جلسة تشريعية للنقاش في اقتراح القانون الذي تقدم به منذ يومين النائب حسن مراد، القاضي بتعديل المادة 17 من القانون 163/2011 وتضمينه خريطة وإحداثيات المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة جنوباً لتشمل النقطة رقم 29. وفسّر ذلك على أنه محاولة من بري لإفساح المجال أمام المشاورات مع الأميركيين.
العدوّ الإسرائيلي يستكمل أعمال التنقيب جنوب الخط 29 وفي محاذاته


مراد قال لـ«الأخبار» إن صفة العجلة لم تسقط عن الاقتراح الذي سيعرض في أول جلسة تشريعية لمجلس النواب. وحول عدم اتخاذ رئيس المجلس قراراً بتحويل جلسة انتخاب اللجان إلى جلسة تشريعية، قال إن «برّي برّر ذلك قانوناً، وأنا كنت على بينة من عدم عرض الاقتراح على المناقشة خلال جلسة اليوم لكوننا في جلسة انتخاب لجان». وأكد أنه إلى جانب هدفه في «إصلاح العلة في القانون، كان المطلوب وقف المزايدات في مسألة الحدود ووضع الأمور في نصابها من خلال نقل النقاش إلى المؤسسات الدستورية».
في المقابل، تقدمت النائبة بولا يعقوبيان أمس باقتراح قانون معجل مكرر لتعديل المادة 6 من القانون رقم 163 /2011 لاعتماد الخط 29 بما يتلاقى مع اقتراح مراد، وطلبت بفتح جلسة تشريعية «نظراً لخطورة الأمر وكما فعل المجلس مرات عدة سابقاً مستندة للمادة 109 من النظام الداخلي». مصادر قانونية عقبت على ما جرى أمس في جلسة مجلس النواب. ففي ما يتعلق باقتراح مراد، قالت إنه طبقاً للمادة 32 من الدستور، فإن انتهاء العقد الأول حُدّد يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من آذار وتتوالى جلساته حتى نهاية أيار. لذلك يجب، بحسب المادة 33، أن يصدر رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة مرسوماً بفتح دورة استثنائية لكي يجتمع المجلس من جديد. وفي ما يتعلق باقتراح يعقوبيان، بيّنت المصادر أن الخطوة ترمي إلى تعديل الفقرة «ب» من المادة 6 من القانون 163/2011 (تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة) حتى يتسنى إدخال إحداثيات الخط 29 إليها.