علمت «الأخبار» أن لبنان تبلغ عبر وزارة العدل، في الأسبوع الأخير من شباط الماضي، طلب معونة قضائية من إمارة موناكو تتعلق بملفات تعود الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأفراد عائلته. ولم يتسنّ الحصول على تفاصيل حول أسباب الطلب ولا نوعية التحقيقات الجارية في الإمارة. لكن فُهم أن طلب المعونة أرسل الى دول أخرى غير لبنان.وسبق تلقي لبنان الطلب إخضاع القضاء الفرنسي رجا سلامة، شقيق حاكم مصرف لبنان، لتحقيقات من قبل الجهات القضائية الفرنسية على خلفية الملفات المتعلقة بتملّك أسهم في شركات تملّكت عقارات في فرنسا، وتشتبه السلطات الفرنسية في أن الأموال التي استخدمت في العملية قد تكون اختلست من المال العام في لبنان.
وعُلم أن حاكم مصرف لبنان تلقّى خبر التحقيق الإضافي مع شقيقه في فرنسا كإشارة سلبية، وقرر بناءً عليه مراجعة فريقه القانوني في بيروت وباريس للبحث في إلغاء منع السفر الذي يخضع له بقرار من القاضية عون، وهو أصلاً يقوم بإجراءات حماية خاصة، ويمضي معظم وقته في مصرف لبنان، حتى إنه يبيت هناك.
وتحقق السلطات الفرنسية في ملف «تهرب ضريبي» يخصّ آنا كوزاكوفا، وهي السيدة التي توصف بـ«خليلة» حاكم مصرف لبنان، والتي أنجبت منه بنتاً تدعى إليزابيت في تشرين الثاني 2005، وأقرّ سلامة بأبوّته لها في كانون الثاني 2007. كما تحقق السلطات القضائية الفرنسية مع كوزاكوفا في شأن شركة تملك أو تستأجر عقاراً في باريس بمساعدة رجا سلامة، وتشتبه السلطات الفرنسية في أنّ الاثنين واجهة لحاكم مصرف لبنان. ويهدف التحقيق الى التثبت من مصدر الأموال المستخدمة، لأنه في حال تبيّن وجود شكوك في مشروعية هذه الأموال، وفي طريقة وصولها، بإمكان السلطات الفرنسية ملاحقة كوزاكوفا والأخوين سلامة بتهمة التهرب الضريبي.
تحقق السلطات الفرنسية في ملف «تهرب ضريبي» يخصّ «خليلة» سلامة


يشار هنا الى أن مجموعة المودعين اللبنانيين الذين يحملون جنسيات أخرى، ويعيشون في أوروبا، كلفوا المحاميين الفرنسيين وليام بوردون وإميلي لوفيفر (يمثلان منظمة «شيربا» التي تنشط في مكافحة الجرائم المالية الكبرى و«جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» التي أنشأها مودعون خسروا أموالهم في الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 2019). وعلم أن تعاوناً قام بينهما وبين مجموعة المحامين الذين تقدموا بالإخبار ضد سلامة أمس. وقد باشر بوردون إعداد ملف حول الشركات موضوع التحقيق لإثبات من هو المستفيد الاقتصادي منها، والتثبت من العلاقة المالية التي تقود الى حاكم مصرف لبنان و«خليلته» وشقيقه رجا بما خصّ الشركات التي اشترت واستثمرت عقارياً في أوروبا.



إفادة كوزاكوفا عن شركتها
بحسب الأوراق التي وردت من جهات قضائية فرنسية، فإن الملف الرئيسي يتعلق بالشركة التي تملّكتها السيدة آنا كوزاكوفا. وقد اطّلعت «الأخبار» على وثيقة تشير الى الملف الخاص بالشركة (بقي رجا مساهماً فيها حتى 2015، قبل أن يتنازل لمصلحة كوزاكوفا)، قدّمت كوزاكوفا إفادة في 3 أيار 2021 حولها، تضمّنت شرحاً بأنها «شركة مساهمة رأسمالها 200.000 يورو، وعنوانها هو: 49 شارع بونتيو في الدائرة الثامنة في باريس». وقالت ان «الاسم والعنوان ومقر المساهمين هو Procedia sarl, 3 rue Guillaume Kroll-L 1882 Luxembourg، وإن عدد الأسهم 2000، وإن العدد الإجمالي للمساهمات 2000. أما المبلغ الإجمالي المسدد فهو 200.000 يورو». وذكرت كوزاكوفا «أن إفادة تجميد المبلغ الإجمالي لرأسمال الشركة أصدر بتاريخ 26 آذار 2007 من قبل مصرف HSBC في لوكسمبورغ، وعنوانه 32 جادة رويال. استناداً الى ذلك، أكّد المحامي جان جوزيف فاغنر، الكاتب العدل في سانيم، أن مبلغ الـ 200000 يورو سلّم نقداً، وجرى تجميده عند تأسيس شركة BET في السجل التجاري في لوكسمبورغ بتاريخ 27 آذار 2007، ورقم تسجيلها هو B126.354. وتمّ إصدار 2000 سهم، بقيمة 100 يورو للسهم الواحد، ومنحها لشركة Procedia يوم تأسيسها. وبناء على ذلك، تؤكد الرئيسة (كوزاكوفا) صحة عملية اصدار 2000 سهم في يوم تأسيس الشركة، تمثل رأسمال شركة BET، وكذلك تسديد مبلغ 200.000 يورو من قبل شركة Procedia طبقاً لقيمتها النقدية».


نشاطات آل سلامة
استناداً الى تحقيقات صحافية فرنسية كشفت عن علاقات تعاقدية بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا وصديقة الحاكم الأوكرانية آنا كوزاكوفا، تقدمت الدائرة القانونية لـ«رواد العدالة»، ممثلة بالمحامي هيثم عزو، أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، بإخبار ضد حاكم مصرف لبنان وشقيقه وكوزاكوفا وعدد من الشركات بجرائم تبييض الأموال والإثراء غير المشروع وتبديد المال العام. واستند الإخبار إلى معلومات منشورة تفيد «بقيام حاكم مصرف لبنان بتوقيع عقد سمسرة مع الشركة الموجودة في جزر العذارى البريطانية التي يملكها شقيقه رجا، حيث سُجّل قبضه مبالغ تفوق 330 مليون دولار أميركي كعمولات». إضافة إلى تلقّي رجا سلامة عمولات من المصرف المركزي والتبرع بجزء منها لرياض سلامه. أما بشأن صديقته آنا، فقد استند الإخبار إلى المعلومات المنشورة عن استئجار الحاكم شقة صغيرة للطوارئ في باريس بمبالغ كبيرة وغير منطقية. فضلاً عن الاشتباه بقيامه بنشاطات لإخفاء مصادر الأموال وشراء عقارات كبيرة في فرنسا لمصلحة «عائلة سلامة» على حساب الخزينة العامة، والتي بلغت قيمتها 150 مليون دولار أميركي. وطلب المتقدمون بالإخبار توقيفهم وتقرير منع التصرف على ممتلكاتهم ومنع سفرهم وإحالتهم أمام المرجع القضائي المختص.