لا تكاد تمرّ ليلة في طرابلس من دون أن تشهد فيها إطلاق رصاص وإلقاء قنابل وإشكالات وأعمال سرقة وتعديات، ما يثير أسئلة حول أسباب ترك الفلتان الأمني على غاربه، من دون أي محاولة جدية من الجهات المعنيّة للتصدي له، رغم أن كلاً من رئيس الحكومة ووزير الداخلية من أبناء المدينة.الأجهزة الأمنية أوقفت أول من أمس ثلاثة أشخاص بتهم رمي قنابل وبثّ الفوضى، وأشارت المعلومات إلى أن التحقيقات الأولية معهم أظهرت أن أفعالهم كانت بسبب خلافات شخصية أو نتيجة الوقوع تحت تأثير حبوب مخدرة.
لكن مصادر أمنية أوضحت لـ«الأخبار» أنّ ما تشهده طرابلس «هو في إطار المُخطّط الهادف إلى نشر الفوضى والبلبلة الأمنية في لبنان، تحت عنوان الصراع السياسي في بلد يجري استثمار كلّ شيء فيه سياسيّاً». وأوضح أنّ «غالبية أعمال الفوضى تغطيها جهات سياسيّة، إذ ما إن يوقف متورطون في هذه الأعمال، تتراوح أعمارهم غالباً بين 16 و25 عاماً، حتى تحصل اتصالات وضغوط سياسية للإفراج عنهم بعد ساعات».
وأكدت أن لا علاقة للتسيّب الأمني بتردّي الوضع المعيشي في مدينة يعيش أكثر من 70 في المئة من سكّانها تحت خط الفقر، إذ إنّ «الفقير لا يرمي قنبلة سعرها لا يقل عن 50 دولاراً، أو يطلق النار عشوائياً، بينما ثمن أيّ رصاصة لا يقلّ عن 30 ألف ليرة؟» وأوضحت أن هذه الأسلحة والذخائر «يتم الحصول عليها إمّا من تجّار سلاح تكاثروا جدّاً في الآونة الأخيرة، أو من المخيّمات الفلسطينية».
وأبدت المصادر خشيتها من اتساع رقعة الفوضى الأمنية في المرحلة المقبلة، مشيرة إلى أنّ «الأمن في بلد كلبنان سياسي بالدرجة الأولى، والتوافق السياسي وحده القادر على إنهاء كلّ مظاهر الفوضى». فيما أعربت أوساط سياسية طرابلسية عن القلق من أنّ «ما تشهده المدينة مدروسٌ وليس بريئاً، في مدينة لطالما استُخدمت صندوق بريد لتبادل الرسائل المتفجّرة».