قبل سنة تماماً، وفي غمرة الاحتجاجات الشّعبية التي سادت مدينة طرابلس، أحرق محتجّون مبنى المحكمة الشّرعية الكائن في سراي طرابلس ومبنى البلدية.
وأتت نيران البلدية على الطبقة الأرضية بكاملها، بما فيها القاعة الرئيسية، والطبقة الثانية باستثناء غرفة رئيس البلدية، إضافة إلى تخريب ونهب وسرقة بعض تجهيزات ومعدّات البلدية.

فما هو مصير المبنى التاريخي بعد عام من إحراقه بعد أن يضطر المجلس البلدي أخيراً إلى نقل مكان عقد جلساته إلى مبنى قصر رشيد كرامي الثّقافي البلدي (قصر نوفل سابقاً) المجاور؟

بعد أيّام من إحراق مبنى البلدية، بادرت جهات عدّة إلى إبداء استعدادها لتأهيل المبنى، من تيّار المستقبل إلى تيّار العزم إلى وكالة التنمية التركية «تيكا» وصولاً إلى الهيئة العليا للإغاثة، لكنّ رئيس البلدية رياض يمق استمهل المبادرين إلى حين إنجاز دراسة يعدّها أساتذة كليّة الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية ـ الفرع الثالث، الذين قاموا بها بمبادرة منهم بشكل مجاني وسلّموها إلى يمق في 23 حزيران الفائت، وقد أوضح مدير الكليّة، حسّان الصمد، يومها أنّ «دورنا انتهى هنا، والبلدية ستحيلها إلى الجهات المانحة قبل البدء بأعمال الترميم والتأهيل».

لكنّ وضع المبنى بقي على حاله طيلة الفترة اللاحقة، وسط تساؤلات طُرحت حول أسباب التأخير في تأهيله، ولو جزئياً، الأمر الذي أوضحه رئيس لجنة الآثار والتراث في البلدية خالد تدمري لـ«الأخبار» بإشارته إلى أنّ «رئيس البلدية وأعضاء قرّروا عدم ترميم المبنى قبل أن يتمّ كشف الفاعلين ومن يقف وراءهم، مع تحميلهم كامل المسؤولية، وإجبارهم على التعويض وإصلاح الأضرار، لأنّنا لا نقبل أن تتحمّل البلدية دفع أموال التأهيل من صندوقها والتي هي أموال المكلفين».

ولفت تدمري إلى أنّ «الأجهزة الأمنية أوضحت أنّ مفتعلي الحريق معروفون، وأنّ جهاز كمبيوتر من بين أجهزة ومعدّات كثيرة سُرقت يوم الحريق، أعيد إلى البلدية، ما يعني أنّ المعتدين ليسوا مجهولين، لذا شدّدنا على ضرورة أن يُكشف هؤلاء ويتمّ إلقاء القبض عليهم، ووضع حدّ لتشويه صورة المدينة والقول إنّ أبناءها هم من أحرقوا مبنى بلديتهم وخرّبوه».

وأكّد تدمري أنّ «بإمكان ورش البلدية الفنّية تأهيل المبنى بالحدّ الأدنى وإزالة الأضرار، لكنّ هدفنا تسجيل موقف بأنّنا نريد أولاً كشف المعتدين ومحاسبتهم، برغم أننا كمجلس بلدي أكثر المتضرّرين من بقاء المبنى على حاله، وعقد جلساتنا في قصر كرامي (نوفل) غير المُجهّز بما يكفي».

وعن تكلفة إعادة تأهيل المبنى حسب الدراسة التي أعدّها أساتذة كليّة الفنون الجميلة والعمارة في الجامعة اللبنانية، وتدمري أحدهم، أوضح أنّها «تُقدّر بنحو نصف مليون دولار، تكفي لإعادة ترميم وتأهيل قصر بلدي يليق بالمدينة»، وأنّ «هيئة الإغاثة العليا تكلّفت بدفع جزء منه، كما وعدت وكالة «تيكا» بتأمين التجهيزات كافّة بعد الانتهاء من أعمال الترميم والتأهيل».