لم ييأس أهالي الموقوفين في جريمة انفجار مرفأ بيروت من «دق» أبواب القضاء لحل قضية أبنائهم وأقاربهم المحتجزين منذ أكثر من عام. فبعدَ اللقاء الأخير الذي جمعهم بالمحقق العدلي القاضي طارق البيطار، الأسبوع الماضي، وسمعوا خلاله كلاماً غير مطمئن، زار وفد من الأهالي وزير العدل هنري خوري أمس ووضعوه في جو لقائهم بالبيطار، طالبين منه المساعدة. خوري أكد للوفد أن «لا صلاحية» لديه، ولا يمكنه التدخل لدى القاضي في ما يتعلق بالملف، لافتاً إلى أنه «كانت هناك محاولات للحل... كلها باءت بالفشل»، ودعا الأهالي إلى «الذهاب إلى النواب».
(هيثم الموسوي)

بعدها توجّه الأهالي للاجتماع مجدداً بالبيطار ونقلوا إليه أجواء اللقاء بوزير العدل، فأجابهم بأن «لا أحد يستطيع أن يتدخّل بعملي»، وأشار إلى أنه «بدأ يدرس إخلاءات السبيل». وقال: «اتركوني اشتغل. هناك بعض الموقوفين الذين سأطلق سراحهم قريباً بينما آخرون سيبقون في السجن».
حدة المواجهة بينَ البيطار والقوى السياسية المتضررة من عمله ارتفعت بعد إصرار المحقق العدلي على تنفيذ مذكرة التوقيف الغيابية بحق النائب علي حسن خليل. وقد استغرب مقربون من هذه القوى كيف أن المحقق «لم يحدّد جلسات استجواب جديدة لمسؤولين كانوا على علم بالنيترات، كما لم يقم مجدداً باستدعاء بعض الضباط الذين عيّنت لهم جلسات قبل كف يده، ولم يذهب إلى استدعاءات أخرى للبعض كوزير العدل السابق أشرف ريفي على سبيل المثال». واعتبرت المصادر أن «هذا الأمر يؤكد المعلومات التي كانت تتحدث عن اتفاقات بين البيطار وقيادة الجيش على تحييد الضباط، فضلاً عن القضاة، مقابل التركيز على الوزراء السابقين»، مرجحة أنه «يؤجّل هذه الخطوة لكسب الوقت لأنه يعلَم بأن اتخاذ خطوات من هذا النوع سيتبعها تقديم طلبات رد إضافية تكف يده عن الملف». وهذا ما أكدته مصادر مطلعة أشارت إلى أن «النقاش لا يزال مستمراً حول إمكانية تقديم طلبات رد جديدة لدى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، لكن ذلِك أيضاً ينتظر ما سيقوم به البيطار».
المبادرات السياسية معطلة والحكومة معلقة


وفيما أغلِق الباب على أي حلّ قضائي من شأنه تنحية البيطار أو حصر صلاحياته وتفعيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يبدو الحلّ السياسي صعب المنال قريباً. لا سيما أن التيار الوطني الحر قرر عدم السير في أي خطوة من شأنها أن تمس بالبيطار. بالإضافة إلى أن رفض غالبية القوى السياسية ومنها القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي التصويت على لائحة الاتهام النيابية التي تكرّس صلاحية المجلس الأعلى في ملاحقة السياسيين، ما يقود عملياً إلى بقاء مجلس الوزراء معلقاً أقله حتى نهاية العام الجاري، إذ لا نية لدى أحد حتى الآن للتراجع عن موقفه.