قدم التيار الوطني الحر، أمس، رؤيته لمرحلة ترشيد الدعم، بالرغم من أن الإقدام على هذه الخطوة هو مشروع خاسر سياسياً وسبق للحكومة، بمختلف أطيافها، أن فشلت في الاتفاق على رؤية موحّدة لآلية هذا الترشيد. الاقتراح الذي اعتبره النائب جبران باسيل، في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، «عملية انتحارية نقوم بها لتسهيل تشكيل الحكومة»، يتألف من شقين: اقتراح عملي لترشيد الدعم يفترض أن يبتّه مصرف لبنان الذي يتحكم بآلية الدعم، واقتراح قانون معجل يتعلق بـ«البطاقة الائتمانية التمويلية الإلكترونية». اقتراح القانون يعيد خلط الأوراق، بعدما سبقه إلى المجلس النيابي مشروع قانون قدمته الحكومة متعلّق بالبطاقة التمويلية، والذي أشار باسيل إلى وجود اعتراضات كبيرة عليه. بالنتيجة، فإنه يتوقع أن يحوّل رئيس المجلس الاقتراح الجديد، ليدرس بالتوازي مع درس مشروع الحكومة.[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
في الشق المتعلق بالبطاقة التمويلية، ذهب الاقتراح العوني إلى استبدال الـ 137 دولاراً المقترحة في المشروع الحكومي، كمتوسط دعم للعائلات، بمبلغ 100 دولار لكل أسرة. لكن بدلاً من استفادة 750 ألف أسرة من هذا الدعم، يشير الاقتراح (المعد من قبل النائب فريد البستاني والفريق الاقتصادي المعاون لباسيل والذي أشار الأخير إلى أنه نتاج نقاشات شارك فيها الكثير من الجهات) إلى أن تكون البطاقة حقاً لكل اللبنانيين أي لنحو مليون عائلة، على أن تستثنى منهم ثلاث فئات: الذين لا يتقدمون للحصول عليها، الذين يستفيدون من برامج دعم أخرى (مثل برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً ومشروع دعم شبكة الأمان الاجتماعي)، والذين يملكون حسابات مصرفية، بحيث يحصل هؤلاء على المبلغ نفسه من حساباتهم. بالنتيجة، فإن توقعات التيار، بحسب الأسباب الموجبة للاقتراح تشير الى أن عدد المستفيدين سيقارب 500 ألف أسرة. وكما مشروع الحكومة، يقترح مشروع التيار أن يحصل المستفيدون على المبلغ المحدد بالدولار، لكن الفارق أنه لن يكون بالإمكان صرفه نقداً، بل تشير الفقرة الخامسة من الاقتراح إلى «تحويل قيمة البطاقة إلى الليرة عند استعمالها إلكترونياً وفقاً لغاياتها التموينية على أساس سعر المنصة المنشأة من مصرف لبنان والتي يتم من خلالها تحديد سعر الصرف الرائج».
«المودعون يحصلون على قيمة البطاقة من ودائعهم»


وبخلاف مشروع الحكومة، الذي يولي مهمة إدارة المشروع لوزارة الشؤون الاجتماعية، يقترح التيار أن يدير التفتيش المركزي المشروع، عبر منصة impact «ولا سيما أن وزارة الشؤون ستُعنى قانوناً بمشروع آخر هو مشروع شبكة الأمان الاجتماعي».
مشكلة الاقتراح أنه يستند إلى أرقام لا أحد يعرف مدى دقتها، إذ لم تتضح كيفية تقدير عدد الأسر المستفيدة، ولا وفق أي معيار تم تحديد مبلغ الـ 100 دولار، أضف إلى ذلك أن أحداً لا يمكنه ضمان التزام المصارف بإعطاء المودعين جزءاً ولو يسيراً من ودائعهم، وهي التي لا تزال ترفض الالتزام بأي رقم يتضمنه قانون الكابيتال كونترول.
مع ذلك، فإن الاقتراح العوني لا يوارب في الإشارة إلى ضرورة تمويل البطاقة من الاحتياطي الإلزامي. وقد دعا باسيل إلى الكف عن الكذب على الناس في مسألة الاحتياطي الإلزامي. وقال إن الإشارة إلى عدم المسّ بالاحتياطي بحجة حماية أموال المودعين، تتغاضى عن واقع أن ما بقي من هذه الودائع هو أقل من 15 في المئة.
بالنتيجة، تشير التقديرات التي أعلنها باسيل الى أن مبلغ الـ 6 مليارات دولار الذي يُقال إنه يُدفع على الدعم حالياً، يفترض أن ينخفض إلى 3 مليارات دولار (الكلفة المقدرة للبطاقة هي مليار دولار، فيما كلفة الدعم بعد ترشيده مقدرة بملياري دولار) في حال إقرار البطاقة وترشيد الدعم على الشكل الذي يقترح التيار الوطني الحر، والذي يشير إلى تعديل الدعم وفق ثلاث فئات:
الفئة الأولى يبقى الدعم عليها كما هو، وتضم القمح والمحروقات المخصصة لمعامل الكهرباء.
الفئة الثانية تشمل البنزين والمازوت، ويفترض التيار تخفيض الدعم عليها من 90 إلى 60 في المئة، إضافة إلى الدواء الذي تنخفض قيمة دعمه من 1300 مليون دولار إلى 700 مليون دولار، فيما ينخفض «الدعم» للقطاع العام 200 مليون دولار، علماً بأن الأخير ليس دعماً، إذ من واجبات مصرف لبنان القانونية تأمين الدولارات للدولة اللبنانية.
الفئة الثالثة تضمن السلع الغذائية والغاز، ويرفع الدعم عنها نهائياً.