المناقصات الثلاث لاستيراد المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان كانت نتيجتها التأجيل. اختلفت الأسباب لكن بقيت النتيجة واحدة، من دون أن يحدد بعد الموعد الجديد.مناقصة «الغاز أويل» سبق أن ألغيت منذ أيام، بطلب من وزارة الطاقة، نظراً للتغييرات التي طرأت على المعايير المطلوبة من قبل شركة سيمنز، والمسجّلة في دفتر الشروط. لم يُحسم الأمر بعد، بانتظار رد الشركة الألمانية، وحسمها لطريقة الفحص التي يجب اتباعها. إلى ذلك الحين، طلبت «كهرباء لبنان» من إدارة المناقصات أخذ رأي الخبير الأوروبي لديها. وقد جاء الجواب بالإشارة إلى أنه يستحسن الأخذ برأي الشركة المصنّعة.
لجنة التلزيم وافقت على عرض واحد من أصل ١٢ عرضاً (مروان طحطح)

بانتظار حسم مسألة دفتر شروط مناقصة «الديزل أويل» تمهيداً لإعادة إطلاقها، كان يوم أمس على موعد مع مناقصتي الفيول أويل بفئتيه A وB. لكن لم تضطر لجنة التلزيم لفتح العروض المالية، بعدما تبين بقاء عارض وحيد في كل مناقصة. ولأن ديوان المحاسبة سبق أن أصدر رأياً استشارياً يقضي بعدم الأخذ بالعرض الوحيد، قرّرت لجنة التلزيم «عدم السير بالتلزيم وإعادة كامل الملف إلى إدارة المناقصات لاتخاذ الإجراء المناسب بهذا الشأن».
في مناقصة «الفيول أويل» Grade B (٤١٠ آلاف طن)، وعند نظر اللجنة، التي ترأستها المهندسة رانيا عبد الصمد، في العروض من الناحية الشكلية تبيّن ورود خمسة عروض قُدّمت باليد، رُفض أربعة منها ولم يُفضّ العرض الأخير لبقائه وحيداً.
وفي التفاصيل:
- رُفض عرض شركة Coral Energy (شركة أذربيجانية سبق أن زار ممثلوها وزارة الطاقة، وأبدوا رغبتهم بالمشاركة في المناقصة) «لعدم تضمين الغلاف الأول ضمان جدية العرض» (أي عدم تقديم كفالة مالية حددت في دفتر الشروط بمليون دولار، تستعيدها الشركة بعد فض العروض).
- رُفض عرض Oil Eurasia لعدم تقديمها ضمانة جدية العرض ولعدم تقديمها المستندات المطلوبة في عدد من البنود، إضافة إلى تقديمها بياناً يظهر أن حجم أعمالها ضمن فترة ١٢ شهراً يساوي أقل من ٢ مليون طن.
- رُفض عرض شركة Everest Energy وعرض شركة Petrokim trading للأسباب نفسها التي رفض على أساسها عرض Oil Eurasia.
- لم يُفضّ العرض الأخير لبقائه وحيداً.
اللافت بحسب لجنة التلزيم، أن بين أن العروض الثلاثة التي قدمتها Everest وPetrokim وCoral لصقت عليها طوابع مالية «تبيّن أن أرقامها مُتسلسلة»، ما يؤدي إلى الاستنتاج أن هذه العروض قُدمت من الجهة نفسها.
أما بشأن جلسة تلزيم شراء ٤٨٠ ألف طن من مادة الفيول أويل (A)، فكانت النتيجة تقديم سبعة عروض، قُبل واحد منها هو عرض شركة Vitol Bahrain (شركة تابعة لشركة فيتول العالمية وهي إحدى أكبر شركات تجارة الفيول)، فيما رفضت العروض الأخرى، وفق ما يلي:
- رُفض عرض شركتي Petrokim Trading وEverest Energy وCoral Energy للأسباب نفسها التي رفض على أساسها عرضهما في المناقصة الأولى.
- رُفض عرض شركة Oil Eurasia لتقديمه بياناً يظهر أن حجم أعمالها خلال ١٢ شهراً يساوي أقل من مليوني طن، ولتقديمها شهادة تسجيل في السجّل التجاري تُثبت أنها مسجّلة منذ أكثر من خمس سنوات، ولعدم تقديمها مستندات مطلوبة، إضافة إلى عدم تقديمها الكفالة المالية.
- رُفض عرض شركة Tintrade لأنها لم تقدم ما يثبت أنها تتعاطى تجارة المشتقات النفطية، إضافة إلى عدم تقديمها مستندات أخرى، وعدم تقديمها كفالة تضمن جدية العرض.
- رُفض عرض شركة Elinoil Hellenic Petroleum لعدم تقديمها كفالة جدية العرض ولتقديمها بياناً يشير إلى أنها لا تملك عقوداً حالية، إضافة إلى تقديمها أربعة تقارير عن الوضع المالي للعارض بدلاً من خمسة.
وبذلك، تكون المناقصة هذه قد رفضت أيضاً بسبب وجود عارض وحيد، علماً أن عرض شركة «فيتول» كان الوحيد الذي قُبل في المناقصتين اللتين شاركت فيهما ١٢ شركة (مع الإشارة إلى أن عرضاً واحداً لم يُفتح لأن ذلك لم يكن ليؤثر بقرار عدم السير بالتلزيم، وبالتالي لم يُعرف ما إذا كان مقبولاً أم لا).
ثلاث شركات قُدمت عروضها من جهة واحدة!


تلك النتيجة لم تفاجئ وزارة الطاقة، التي أكدت مصادرها أنها متوقعة بالنظر إلى أنها المناقصة الأولى التي تجرى منذ ١٥ عاماً، وبالنظر إلى أن بعض الشركات المقدمة، والتي سبق أن فازت في مناقصات «سبوت كارغو»، غير مُعتادة على هذا النمط من الشروط. وربما ظنت أنها يمكن أن تشترك في المناقصة حتى لو لم تلتزم بكل ما هو مطلوب. فتجربتها مع العقود الفورية، تشير إلى سهولة المشاركة، من دون الحاجة إلى دفع كفالات. إذ يتضح، بعد فض العروض، لم تلتزم بشرط دفع الكفالة التي وضعت لضمان الجدية. لكن بحسب مصادر لجنة التلزيم، فإن السبب يعود، بشكل خاص، إلى تأخّر مصادقة المصارف المحلية على الكفالة. ولذلك، تتوقع المصادر أن تكون المناقصة الثانية أكثر نجاحاً، بعدما أدرك العارضون كيف تسير الأمور (على سبيل المثال، لم يعرف أحد ممثلي الشركات أنه لا يمكن أن يضيف مستندات جديدة إلى العرض المقدم بعد البدء بفض العروض، فسأل إن كان بإمكانه إحضار الكفالة).
وفيما رأت مصادر مطلعة أنه قد يحتاج إنجاح المناقصة إلى تخفيض قيمة الكفالة، إضافة إلى تخفيض الكمية المطلوب أن يكون قد تمت المتاجرة بها، خلال سنة كاملة، أشارت مصادر وزارة الطاقة أن ذلك قد لا يساهم في زيادة عدد المشاركين أو عدد العروض المقبولة. واعتبرت أن مبلغ المليون دولار هو مبلغ صغير جداً بالمقارنة مع قيمة العقد، التي تصل إلى ٢٠٠ مليون دولار لكل مناقصة، وبالتالي إذا لم تستطِع الشركة المتقدمة تأمين المليون دولار، فقد يكون هناك شك في قدرتها على الالتزام ببنود العقد. والأمر نفسه ينسحب على شرط حجم الأعمال السنوية، فأن لا تكون الشركة قد تاجرت بمليوني برميل سنوياً، يعني أنها شركة غير جديرة بالحصول على عقد يقدّر بمليون برميل سنوياً لكل نوع من المحروقات.
لكن في المقابل، فإن مصادر أخرى تعتبر أنه بالرغم من أن الشروط الموضوعة منطقية، بالنظر إلى حجم الصفقة، إلا أنها تشير إلى أنه، بضوء نتيجة المناقصة، والتي تبين خلالها أن أغلب الشركات لم تنفذ شرط كفالة المشاركة، إضافة إلى شروط المليوني طن، فإنه لا بد من إعادة النظر في هذين البندين أو ببند الكفالة على الأقل.
لكن هذه الشروط لا تعتبرها مصادر «الطاقة» تعجيزية، أضف أن إشارتها إلى عدم التزام شركات لها باع طويل في المجال، مثل «إلين أويل»، مرتبط بعدم الاعتياد على آلية فض العروض، لا أكثر. ولذلك، تتوقع أن هذه الشركات صارت جاهزة للالتزام بالشروط، بعد إعادة المناقصة، خاصة شرط كفالة جدية العرض.
هذا أمر قد يكون صحيحاً، لكن مجرد وجود احتمال بأن تتكرر النتيجة نفسها، فلا تتأمن المنافسة، وتلغى المناقصة مجدداً، يعني أن الإدارة المعنية، أي وزارة الطاقة، سيكون بإمكانها اللجوء إلى عقود بالتراضي، وهو ما ستسعى إدارة المناقصات لتجنّبه.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا