رغم السوداويّة المخيّمة على أجواء مشاورات تأليف الحكومة، ورغم أنّ الرئيس المكلّف بتأليفها، سعد الحريري، أطفأ محرّكاته، إلا أن بعض التقدّم سُجِّل، ولو بصورة جزئية للغاية، ومن دون أمل كبير بالوصول إلى الخواتيم. وبحسب مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، فإنّ الأخير حصل من الرئيس سعد الحريري على موقف يتخلّى بموجبه عن رقم الـ 18 وزيراً، والانفتاح على زيادة عدد المقاعد الوزارية، بما يحلّ عقدة التأليف، شرط ألّا يحصل أحد على الثلث المعطّل (الثلث زائداً واحداً).
بري ينتظر «موقفاً عمليّاً» من عون بشأن الثلث، و«موقفاً عمليّاً» من الحريري بشأن الـ 18 وزيراً(هيثم الموسوي)

مبادرة بري تقوم على تأليف حكومة من 24 وزيراً، من دون ثلث معطّل لأحد. وينتظر بري، بحسب ما قال لممثّلَي البطريرك بشارة الراعي اللذين زاراه أمس، موقفاً واضحاً من رئيس الجمهورية ميشال عون برفض الثلث الضامن. ورغم أن عون كرّر هذا الموقف، عبر أكثر من وسيلة، فإنّ رئيس المجلس في انتظار موقف عمليّ منه. في المقابل، ينتظر بري من الحريري تراجعاً عملياً أيضاً عن التمسّك بعقدة الـ«18 وزيراً»، التي لم يعد رئيس حركة أمل، ومعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يريان فيها أي جدوى.
البطريرك الراعي أوفد أمس إلى بري مستشاره (غير الرسمي) للشؤون السياسية الوزير السابق سجعان قزي، ومستشاره الأول، المسؤول الإعلامي في بكركي، وليد غياض. وبحسب مصادر المجتمعين، فإنّ الراعي أراد من اللقاء معرفة ما يقوم به بري على المستوى الحكومي، وأن يضعه في أجواء ما توصّل إليه سابقاً. وبحسب المصادر، تبيّن وجود مشتركات بين الطرفين، وهي:
أولاً، دعم المبادرة الفرنسية،
ثانياً، دعم حكومة اختصاصيين لا سياسيين،
ثالثاً، رفض الثلث المعطل لأحد،
رابعاً، عدم فرض أعراف جديدة من خارج الدستور.
وقد أبلغ بري ممثّلَي البطريرك بما دار بينه وبين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، في الاتصال الهاتفي في اليوم السابق، حين قال رئيس الدبلوماسية الفرنسية إن «العالم يتفرّج على لبنان يسقط، وسنتحرك باتجاه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على معرقلي تأليف حكومة تنفّذ إصلاحات».
تكتّل «لبنان القوي» يطالب بالتفاوض مع سوريا على الحدود البحريّة الشماليّة


وفي هذا المجال، علمت «الأخبار» أن الحريري كان منشغلاً في معرفة ما إذا كان الفرنسيون يصنّفونه من بين المعرقلين. وفي حال كان مهدداً بالعقوبات، فإنه سيستبق ذلك بالاعتذار عن عدم تأليف الحكومة. لكنّ الرئيس المكلّف اطمأن إلى أن باريس لا ترى فيه معرقلاً، لا بل إنها تدعم الكثير من مواقفه. وبحسب مصادر معنية، فإن الفرنسيّين يريدون تحجيم حصة رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء المقبل.
وعلمت «الأخبار» أن الساعات المقبلة ستشهد تواصلاً مباشراً بين بري وعون، سواء بزيارة يقوم بها بري، أو ممثل عنه، إلى القصر الجمهوري، أو باتصال هاتفي.
وفي مقابل التفاؤل الذي تعبّر عنه أجواء عين التينة، لفتت مصادر معنيّة بالتفاوض إلى أنّ أيّ تقدّم جدّي لم يظهر بعد، في ظل الخشية من أن يكون الحريري في صدد المناورة من أجل إظهار رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كمعرقلَين لولادة الحكومة.
وقد طالب «تكتل لبنان القوي»، عقب اجتماعه إلكترونياً برئاسة باسيل، أمس، «رئيس الحكومة المكلف بالمبادرة إلى تقديم صيغة حكومية تستوفي شروط الميثاق والدستور والاختصاص، وذلك في ضوء المواقف الداعية إلى الخروج من المراوحة ومن عقدة عدد 18 المصطنعة، لأن في ذلك الكثير من الحلول للمشاكل المختلفة». ورأى التكتل أنه «كلما اشتد الضغط لتنفيذ التدقيق الجنائي، تبرز من جانب المتضررين مقترحات لتمييع الموضوع تحت عناوين التدقيق الشامل»، معلناً أنه «يؤيد التدقيق في جميع الوزارات والإدارات والمرافق والمجالس والهيئات من دون أن يكون ذلك سبباً لتأخير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان».
وذكّر التكتل بأن «عملية دعم الكهرباء في لبنان بدأت مع حكومة الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 1994 (....)، وهو على يقين بأن حقيقة كلفة الكهرباء متأتّية من الدعم بتثبيت سعر برميل الفيول على 20 دولاراً، ما كبّد الخزينة مليارات الدولارات».
ودعا «السلطات اللبنانية المختصة إلى القيام بما يلزم لضمان حقوق لبنان وحدوده البحرية والبرية كاملة». وفي هذا الإطار، ذكّر بأن «رئيس التكتل، وزير الخارجية الأسبق، جبران باسيل سبق له أن وجّه الكتب اللازمة الى الجهات المعنية في لبنان، بخصوص التداخل في الحدود الاقتصادية البحرية بين لبنان وسوريا، كما وجّه كتب اعتراض الى الجانب السوري ضماناً لحفظ حقوق لبنان وحدوده». وبناءً على ذلك، دعا التكتل الى «إجراء المفاوضات اللازمة بين لبنان وسوريا بهذا الشأن، على أسس احترام حسن الجوار والقانون الدولي».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا