مقالات مرتبطة

انقر على الصورة لتكبيرها
حالة المُراوغة هذه، والمُرشّحة للاستمرار، دفعت إلى البحث عن أفكار أخرى للحلّ، من بينها إعداد اقتراح قانون يُعرض على مجلس النواب للتصويت عليه. وعلمت «الأخبار» أن رئيس تيار «الكرامة» النائب فيصل كرامي هو من سيتقدّم بالاقتراح، بحسب ما أكدت مصادر قريبة منه، اعتبرت أن «من الأفضل أن يُصار إلى إقرار التعديل من داخل مجلس الوزراء»، لكن في حال «عدم التوافق فإن النائب كرامي سيتقدّم باقتراح قانون معجل مكرر في الهيئة العامة». وأضافت المصادر أن «كرامي درس كل الخطوات القانونية بشأن الاقتراح»، نافية أن يكون هذا الأمر قد حصل بالتنسيق مع أحد، علماً بأن المعلومات تؤكد «الاتفاق عليه مع الرئيس دياب».
لكن الأهم من هذه التفاصيل، هو أنه في حال كانت هذه المساحة التي يُحكى عنها (أي 1430 كيلومتراً مربعاً تُضاف إلى 860 كيلومتراً مربعاً يجري التفاوض بشأنها)، هي من حق لبنان، فعلى الأخير أن يُثبّت ملكيتها لدى الأمم المتحدة وأن يعمل لتحصيلها كاملة، من دون التنازل عن شبر منها، لا أن يطرحها كورقة مساومة. تردّ مصادر رفيعة المستوى معتبرة إن «القول بأن لا مجال للتراجع عن الحدود التي سيثبتها المرسوم الجديد تحتَ أي ظرف هو كلام غير دقيق، لكون البيان الذي زُوّد به الوفد المفاوض في الناقورة، أكّد أن المفاوضات ستبدأ من الخط 29، وأن رئيس الجمهورية لم يتمسّك بالثبات وهذا أمر منطقي». فبرأي المصادر، أن «كل الدول عندما تذهب إلى المفاوضات لترسيم حدودها البحرية تُطالب بالحد الأقصى الممكن لها وفقاً للقانون الدولي، حاملة معها إلى المفاوضات خطاً يمكن الدفاع عنه. وبالتالي لا تذهب للتفاوض على أساس خط ضعيف ويعطي حقوقاً أقل. كما أن جميع هذه الدول، ومن دون استثناء، لم تحصل على كامل ما كانت تُطالب به قبل التفاوض، وإلا فلماذا اسمه تفاوض؟».
المصادر نفسها سألت: «كيف يُمكن القبول بالذهاب إلى التفاوض على أساس خط 23 الذي لا يقبل العدو الإسرائيلي به، لكونه الخط الرسمي اللبناني المودع لدى الامم المتحدة، وبالتالي نُجبَر في ما بعد على القبول بمساحة أقل من 860 كيلومتراً، ولا يمكن القبول بتعديل الخط في الأمم المتحدة بالخط 29، ويصبح التفاوض على أساس 2290 كيلومتراً مربعاً، وفي نهاية المفاوضات نحصل على أكثر من 860 كلم مربعاً؟ فهل الحصول على أقل من 860 كلم مربعاً هو ربح وانتصار، والحصول على أكثر من 860 كلم مربعاً يُعدّ تنازلاً وانتصاراً وهمياً؟».
وتذكّر المصادر بأن التعديل يجعل من حقل «كاريش» ضمن منطقة متنازع عليها، وبالتالي لا تستطيع شركة «إنرجين» التي تعمل في هذا الحقل متابعة أعمالها خوفاً من مقاضاتها من قبل لبنان، كذلك الأمر بالنسبة إلى العدو الإسرائيلي الذي لا يمكنه تحمّل تأخير الانتاج في هذا الحقل، وهو الذي ينتظر بفارغ الصبر إنتاج الغاز الطبيعي منه لتشغيل معامل الكهرباء لديه، ولكسر احتكار شركة «شيفرون» لأسعار الغاز التي تُنتج من حقلَيْ «تمار» و«ليفيثيان».
وتستغرب المصادر قول المعترضين على التعديل إنه ينسف الصيغة الحالية للتفاوض، بهدف فرض صيغة جديدة على لبنان من قبَل الوسيط الأميركي، تقوم على التلازم بين الترسيم البرّي والترسيم البحري، وأن العدوّ يريد إجراء تبادل للأراضي مع لبنان، للحصول على مساحات من البر تحمي مستوطنات أو كاشفة عسكرياً، لأن الجانبين الإسرائيلي والأميركي أصلاً يرفضان التعديل من أساسه».
في المحصلة، يتنازع الموقف اللبناني رأيان: رأي يقول بحصر التفاوض بالمنطقة «المتنازع عليها حالياً»، البالغة مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، مع ما يعنيه ذلك من قبول مسبق بالتنازل عن جزء منها. ورأي يرى بوجوب تعديل المرسوم، بما يحوّل المساحة المتنازع عليها إلى 2290 كيلومتراً مربعاً، والذهاب إلى المفاوضات بما يعني التنازل عن جزء منها أيضاً. أصحاب الرأي الثاني يحاججون بأن ما يمكن تحصيله باقتراحهم أكبر مما يمكن تحصيله من الاقتراح الأول. لكن أياً منهما لا يرى وجوب تثبيت الحق اللبناني، وحمايته، من دون أي تفاوض، وبالتالي، من دون أي تنازل.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا