تسوية مخالفات لجامعات - دكاكين غير مرخّصة انتهكت القوانين وتتاجر بالشهادات هي أبرز ما «أنجزه» مجلس التعليم العالي في وزارة التربية خلال عام كامل. بقي هذا الملف متصدّراً جدول أعمال المجلس طيلة اجتماعات خمسة فقط انعقدت خلال ولاية وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب. الخلافات على تفاصيل التسوية كانت كفيلة بنقل البند من جلسة إلى أخرى، في حين أن قانون تنظيم التعليم العالي الرقم 285 يلزم المجلس بعقد اجتماع مرة واحدة في الشهر على الأقل، وإذا لم يستكمل الجدول في جلسة معينة يُعقد اجتماع آخر خلال أسبوع لاستكماله. 4 أشهر تفصل المجلس الحالي عن انتهاء ولايته. وهو، عملياً، لم يقم بدوره الأساس في الرقابة على الجامعات. إذ عمل في غضون 3 أشهر فقط من أصل 3 سنوات (مدة ولايته)، وتحديداً في ولاية الوزير السابق أكرم شهيب، عندما شُكلت لجان فرعية نفّذت زيارات ميدانية للفروع وأعدّت تقارير مفصّلة بشأن نقاط القوة والضعف في كل من هذه الجامعات ورفعتها إلى المجلس لأخذ القرارات بشأنها. ولو أن هذا العمل لم يتجاوز التدقيق في واقع الجامعات والفروع ومدى استيفائها للشروط القانونية، فيما مجالس التعليم العالي في العالم تقود نهضة الدول وتضع الرؤية الاقتصادية لبلادها.لمصلحة من تعطيل مجلس التعليم العالي؟ ثمة من يقول إن التعطيل حصل بعدما فشل بعض المسؤولين في الوزارة في إسكات صوت أعضاء المجلس المشهود لهم بالكفاءة وتطويعهم والسيطرة عليهم بهدف تمرير ملفات الجامعات المخالفة، في حين أن «كورونا» كانت تقفز كحجة جاهزة في كل مرة يُسأل فيها المسؤولون عن سبب عدم عقد الاجتماعات ليس في مجلس التعليم العالي فحسب، إنما أيضاً في اللجنة الفنية الأكاديمية التي لم تعقد هي الأخرى اجتماعاً واحداً طيلة هذه الفترة، علماً بأنها المولجة دراسة ملفات التراخيص وأذون المباشرة بالتدريس لترفع بشأنها توصيات إلى مجلس التعليم العالي.
آخر «الابتكارات» القرار 411 بتاريخ 28 كانون الثاني 2021 الخاص بتسوية أوضاع الطلاب وإعطائهم شهادات في الجامعات غير المرخّصة والتي لم تحصل على إذن مباشرة وباشرت بالتدريس، وفي الجامعات المرخصة التي لم تحصل على إذن مباشرة وفتحت أبوابها أيضاً. مصادر مطلعة برّرت التسوية بـ «الوضع الإنساني» للطلاب لا سيما في مرحلة الإجازة الجامعية، على خلفية أن هؤلاء لا يدركون تبعات قرار اختيار هذه الجامعة أو تلك، ولا يدققون في ما إذا كانت مرخصة أو لديها إذن بمباشرة التدريس أم لا، وغالباً ما يكون الأهالي هم المسؤولون عن هذا الاختيار. إلا أن المصادر أكدت أن المجلس رفض رفضاً قاطعاً إجراء أي تسوية لطلاب مرحلتَي الماستر والدكتوراه الذين يختارون جامعتهم واختصاصهم عن سابق تصور وتصميم.
تبرير تسوية المخالفات بمراعاة الوضع الإنساني لطلاب الإجازة الجامعية


اللافت أن القرار تجاهل تسمية اللجنة الفنية الأكاديمية وحصر الكلام باللجان المتخصصة المنبثقة في الأساس عن هذه اللجنة، وقد أتى، بحسب مصادر مطلعة، ضبابياً وتعميمياً يحتمل تأويلات كثيرة ويضع الجامعات المخالفة في كفة واحدة، إذ لا يعني جامعات أو فروعاً جامعية محدّدة بالاسم، بل يشمل كل طلاب الإجازة الجامعية. يجري ذلك في ظل عرقلة ملفات لجامعات «عريقة» غير مخالفة وتلتزم استكمال إجراءات الترخيص وأذون المباشرة. إحدى هذه الجامعات المرخصة تنتظر منذ نحو 3 سنوات السماح لها بمباشرة التدريس في اختصاص التمريض المرخص هو أيضاً وهي تملك مستشفى خاصاً ولم تحصل على الإذن حتى الآن، علماً بأن ملفها متكامل وقانوني، وفق ما تقول مصادر في المجلس، مشيرة إلى أن أولوية السلطة السياسية هي «تسوية المخالفات» على حساب احترام القوانين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا