سجّلت المُفكّرة السياسية يومَ أمس حركة ناشِطة تولّاها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وسطَ تقديرات متباينة لأسبابها وما قد ينتُج منها، وخصوصاً لجهة أزمة تأليف الحكومة. وقد تمّ التعامل مع هذه الحركة، انطلاقاً من مقاربة غير واقعية، وهي، الاعتقاد بأن ثمّة جهوداً يقودها دياب للدفع في اتجاه حلحلة ما، والعمل على خط بعبدا ــــ بيت الوسط، بالشراكة مع عين التينة. غيرَ أن التدقيق بطفرة الزيارات التي قام بها دياب، إذ التقى الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري في يومٍ واحد، يكشِف بأن حركته بلا بركة، نظراً إلى أن اللقاء مع الحريري في وادي أبو جميل يرتبط باعتبارات الطائفة السنية، لكن دياب، ولعدم إعطائه طابعاً طائفياً، أرفقه باللقاءين الآخرين.وبعدما عكست لقاءاته حرارة في الملف الحكومي، علمت «الأخبار» أن هناك عاملين دفعا دياب إلى الاجتماع بالرؤساء. فأكثر من مصدرمطّلع أكد لـ«الأخبار» أن دياب «تعرّض لضغوط من داخل طائفته بعد تسريب الفيديو الذي اتّهم فيه عون الحريري بالكذب، بحضور دياب، وذلك لأجل التضامن مع رئيس الحكومة المكلف»، وخاصة أن الحريري لم يتأخّر في الوقوف إلى جانبه بعد الادّعاء عليه في ملفّ تفجير المرفأ من قبل المحقّق العدلي في جريمة المرفأ القاضي فادي صوان. ثمّة من نصحَ دياب بعدم خسارة الغطاء السنّي الذي تأمّن له على خلفيّة الادعاء، وهو ما سيضمَن له خروجاً لائقاً من الحكومة التي دخلها عارياً من مظلّته الطائفية.
وتقول بعض المعلومات إن حركة دياب أتت أيضاً بدفع من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي نصحَ رئيس الحكومة بالقيام بجولة، وهو من رتّب للقائه بالحريري، بينما أتت اللقاءات الأخرى في إطار الإيحاء بوجود مساعٍ للتأليف، لأن مثل هذه اللقاءات، ولو كانت شكلية، من شأنها أن تفتح «باب ورا باب» علّ ذلك يؤدّي إلى تذليل بعض العقبات. وقد تجلّى ذلك في التصريحات التي تبعت اللقاءات، إذ قال الحريري «بحثنا في ضرورة تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، وأبديت كلّ انفتاح للتشكيل وموقفي واضح». فيما «اعتقد» دياب بعد اجتماعه بعون أنه «سيكون هناك لقاء قريب إن شاء الله بين الرئيس عون والرئيس الحريري في الوقت المناسب والوصول إلى الحل المناسب لولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن»، ولفت من عين التينة إلى أن «الرئيس بري أبدى استعداده للمساعدة بمثل ما يقوم به دائماً في لعب الأدوار لحل العُقد القليلة المتبقية لتشكيل الحكومة».
المؤكد أن الرئيس حسان دياب لم يحمِل معه إلى الرؤساء أي مبادرة ولم يخرُج من الزيارات بأيّ حل، باستثناء تأكيدات على الانفتاح. وإلى أن يتحقق اللقاء الذي تحدّث عنه بينَ الحريري وعون، لا تزال الأجواء تشير إلى أن القوى السياسية تتعامل مع أزمة التأليف ببرودة تامّة في ظلّ الانهيار، وأن الاتصالات المتوافرة ليست على قدر المطلوب. فيما لا يزال اللواء إبراهيم يعمل بمبادرة فردية، وقد التقى الحريري بعد عودة الأخير من الإمارات، وتناول اللقاء موضوع تأليف الحكومة، وأكد فيه الحريري أيضاً على الانفتاح.