في 27 تشرين الأول الماضي، دخل قانون «مكافحة التلوّث في الليطاني»، الذي أقره مجلس النواب، عامه الرابع. المليارات الـ 1100 التي خُصصت لتنفيذ مشاريع لرفع التلوث عن النهر لم تؤت أكلها بعد. كيف يمكن حماية النهر الأطول في لبنان ومنع هدر المال العام، ما دامت الجهات المؤتمنة على رفع التلوث تغطي الملوّثين؟ أحد أبرز النماذج على تراخي الملوّثين (المدعى عليهم أمام القضاء)، برفع مصادر التلوث عن النهر، شركة «ألبان لبنان» التي ادّعت عليها المصلحة سابقاً أمام النيابة العامة المالية وأمام القاضي المنفرد الجزائي في بعلبك بتهمة رمي الصرف الصناعي الناتج عن معمل الألبان والأجبان والروث الناتج عن مزارع الأبقار العائدة لها في الليطاني. ورغم نيل الشركة قرضاً مدعوماً من مصرف لبنان لإنشاء محطة لتكرير المياه الملوّثة وتعهدها أمام القضاء بإنشاء برك لتجميع الروث بداية عام 2019، إلا أن الأعمال تجري ببطء شديد. هذا ما وثّقه الكشف الذي أجرته الفرق الفنية التابعة للمصلحة أمس على المجرى في نطاق بلدات حوش الرافقة وحوش النبي وحوش سنيد، حيث يتجمّع الروث على مساحة كيلومترين ويمتد أثره على مساحة ستة كيلومترات. وأشارت المصلحة في تقرير الكشف إلى أن الروث يسد المجرى ويلغي معالمه الطبيعية. علماً بأن «صرف النفايات الناتجة عن المزارع في النهر يؤدي إلى تلويثه بالمضادات الحيوية والهرمونات والقولونيات التي تدهور نوعية المياه وتؤذي الحياة المائية وتجعل النهر منطقة ميتة».
رغم حصولها على قرض مدعوم لم تنجز الشركة بعد محطة التكرير المطلوبة

وإزاء ما أظهره الكشف، وجّه رئيس المصلحة سامي علوية كتاباً إلى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر يطلب منه إلزام الشركة بتنظيف المجرى في نطاق بلدات حوش سنيد وحوش الغنم وحوش الرافقة وحوش النبي من روث الأبقار ومخلّفات المزارع والمعامل العائدة لها بطول 6 كلم تحت إشراف المصلحة. واستند الكتاب إلى موادّ قانون المياه الجديد الذي أقرّه مجلس النواب بعد تعديله في 16 تشرين الأول الماضي، إذ تنص المادتان 25 و94 على تنفيذ أعمال الإصلاح كإزالة التلوث وصيانة الأماكن على نفقة مسبّب الضرر.
وكانت المصلحة أرسلت سلسلة كتب إلى الوزارات المعنيّة للإسراع بتطبيق مواد قانون المياه ولا سيما بفرض الالتزام البيئي للمنشآت وإدارة النفايات الصلبة والسائلة للمؤسسات الصناعية. إشارة إلى أن القانون يمنح صلاحيات واسعة للنيابة العامة التمييزية بتكليف النيابات العامة عند الاقتضاء بتأمين الإشارات القضائية اللازمة في حال تبيّن أن الضرر الناتج عن الأفعال والجرائم المرتكبة، يؤدي إلى الإضرار بصحة الإنسان أو النُّظم البيئية المائية أو الإضرار بالمياه كمّاً أو نوعاً.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا