على الرغم من رفع رئيس مجلس النواب يديه من مساعي التوفيق بين القوى السياسية الكبرى لإعادة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ما أدّى الى توقف المشاورات بشكل شبه كلّي، سيدعو رئيس الجمهورية ميشال عون الى استشارات نيابية ما بين يومي الخميس والسبت المقبلين. وقد أكدت مصادر بعبدا أن الوقت متاح للاتفاق قبيل ذلك، لكن، وحتى في حال عدمه، فإن الرئيس متمسك بهذه الدعوة. وحتى مساء أمس، لم يكن قد سجّل أي خرق في المشهد السياسي الداخلي، باستثناء تداول الفرنسيين مجدداً باسم الحريري كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، بعد تيقنهم من أن لا مرشح آخر في الأفق يمكنه تأليف حكومة توافقية. فالفرنسيون، وعلى لسان رئيسهم إيمانويل ماكرون، سبق أن طالبوا بحكومة «وحدة وطنية»، ثم تراجعوا عنها تحت الضغط الأميركي، ليطالبوا بحكومة محايدة برئاسة السفير السابق نواف سلام. وبعد فيتو ثنائي حزب الله وحركة أمل على الأخير، عاد ماكرون إلى مرشحه الاول، أي الحريري. وفيما يعد ماكرون بتأمين توافق خارجي على عودة رئيس المستقبل إلى رئاسة الحكومة، لا تزال السعودية مصرة على موقفها، ليس بإشهار الفيتو بوجه الحريري، لكن بالتعامل مع مسألة ترشيحه كما لو أنها لا تعني الرياض بتاتاً. وتلك طريق سبق أن اعتمدها السعوديون حين جرى عقد التسوية الرئاسية عام 2016. على أن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع يمثّلان الاستطلاع الأبرز لمزاج وليد العهد السعودي محمد بن سلمان. وما رفضهما للحريري سوى بإشارة من الرياض نفسها، كما نتيجة رغبتهما في ترك التيار الوطني الحر يتسلّم حكومة يريان أنها «ستفشل حتماً وتقضي على آمال جبران باسيل المستقبلية». فالموفد الجنبلاطي الى عين التينة يوم السبت الماضي، النائب وائل أبو فاعور، أبلغ بري عدم سير زعيم المختارة برئيس الحكومة السابق مرة أخرى، وهو ما دفع رئيس مجلس النواب الى وقف مبادرته للحل. وتأتي زيارة جنبلاط الى منزل الحريري مساء أمس، كمحاولة لترطيب الأجواء بين الطرفين، بعد التوتر الذي حصل بينهما على خلفية الرسالة السلبية التي حملها أبو فاعور. أما جعجع، فيبدو أكثر حدة في موقفه الرافض للتداول باسم الحريري نهائياً، وهنا تكمن العقبة الأكبر. امتناع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن التعاون مجدداً مع الحريري معطوفاً على الفيتو القواتي، يرفعان الغطاء المسيحي عنه. وقد سبق للحريري أن رفض تسميته سابقاً عقب قرار الحزبين مقاطعته، وبالتالي سيكون أمامه خيار من اثنين: تجاهل القوتين المسيحيتين والاستعاضة عنهما بحزب المردة وبعض النواب المستقلين، أو تكرار السيناريو السابق نفسه. مساء أمس، بدأت المشاورات في بيت الوسط عبر اجتماع ضمّ الى الحريري رؤساء الحكومة​ السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. لم يخرج المجتمعون بأي بيان، تاركين اجتماعاتهم مفتوحة. وقد علمت «الأخبار» أن اجتماعاً آخر سيعقد، وسيضمّنه رؤساء الحكومة السابقون موقفاً حاداً نتيجة تأخر مشاورات التكليف.
الرياض تتعامل مع مسألة ترشيح الحريري كما لو أنها لا تعنيها

في سياق آخر، يكاد «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان يسلك طريقه النهائي بانتظار توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون عليه في الأيام القليلة المقبلة. وتسلم عون المسودة الأولية للعقد مع شركة التدقيق من وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الذي لفت الى أن «العقد ينقصه بعض النقاط التي لا تعد جوهرية، وستتم معالجتها»، على أن يتم «التنفيذ فوراً بعد التوقيع، ليبدأ بعد 4 أو 5 أيام». وأوضح أن «الفريق الذي سيعمل في لبنان يفوق عدده 16 شخصاً، في حين أن الفريق الدائم يتألف من 9 أشخاص». ووفقاً للعقد، يجب أن يكون التقرير الأولي للتدقيق الجنائي جاهزاً خلال 10 أسابيع. وأشار وزني الى أن «مطلب عون إصلاحي وليس هدفه التدقيق الجنائي بما يتعلق بمصرف لبنان فقط، بل سيطال جميع المؤسسات العامة والوزارات». من جهة أخرى، وقّع وزير الداخلية محمد فهمي مرسوم الدعوة الى انتخابات نيابية فرعية وأرسله الى رئاسة الحكومة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا