بمزيد من الإصرار على مواجهة الحصار الأميركي، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، «النهضة الزراعية والصناعية»، معتبراً أن السياسات الاقتصادية التي حكمت البلاد من التسعينيات أوصلت إلى الأزمة الحالية التي يستغلها الأميركيون لتجويع اللبنانيين وإخضاع البلد. وبشرحٍ مطوّل، ردّ نصر الله على الانتقادات وحملات التشويه التي تصوّب على طرح «التوجه شرقاً»، مفصّلاً الفوائد التي يعود بها الانفتاح نحو خيارات أخرى غير صندوق النقد الدولي، وتحسين شروط لبنان في التفاوض مع أي جهة غربية.في بداية خطابه، استعاد نصر الله ذكرى حرب تموز، مستذكراً «التضحيات الجسام والخسائر الكبرى للعدو الإسرائيلي في لبنان من بوابة لبنان وما كان يسمى بالشرق الأوسط الجديد». كما ذكّر بمعارك تحرير الجرود الشرقية. وقال: «عندما طرحنا موضوع التوجه شرقاً، كنت واضحاً أن ذلك لا يعني أن ندير ظهرنا للغرب، وأكّدت أنه يجب أن نكون منفتحين على الجميع باستثناء إسرائيل». وحتى في موضوع أميركا، أكّد أننا «لسنا عقبة في أن تأتي أميركا لتساعد لبنان، والبعض يقول إن الغرب هو الأوكسيجين بالنسبة إلينا، ونحن لم نطلب منكم التخلي عنه، لكن إذا هم قطعوه عنّا، فماذا نفعل؟». ولفت الى أنه «إن أتت الصين إلى لبنان بهدف الاستثمار، لا يعني هذا أننا نريد تحويل نظام لبنان إلى شيوعي. لكن ماذا لو تفاوضنا مع صندوق النقد الدولي ولم نصل إلى نتيجة بعد عام؟ هل نكون مجرّدين من الخيارات؟ وجود خيارات أخرى قد يعقّل الأميركي ويدفعه إلى تغيير رهاناته بشكل أسرع».

وجدت أطراف حكومية في استقالة بيفاني باباً لمواجهة المصارف (الأخبار)

واعتبر نصر الله أن دليل أهمية الطرح الصيني للاستثمار في لبنان هو رد الفعل الكبير من الأميركيين على المقترح، وشنّهم «حملة شعواء على الخيار الصيني لتخويف اللبنانيين ومنعهم من الانفتاح على الصين. وهذا دليل على أن هذا خيار مفيد وجدي، وعلى أن هذا الباب يخرج لبنان من الحصار الأميركي».
وحول المبادرة الإيرانية، أكّد «قبول الجانب الإيراني ببيع لبنان مشتقات نفطية بالليرة اللبنانية، مشيراً إلى أنه «لم نقل بضرورة تطبيق نموذج إيران في لبنان، بل نطلب من الإيرانيين مساعدتنا في توفير الوقود». وقال إن لبنان إصلاً لا يمكن أن يقتدي بالنموذج الإيراني، لأن «إيران لديها شبه اكتفاء ذاتي بالمواد الزراعية وصناعاتها متقدمة ومتطورة وصمدت وتعيش في ظل العقوبات الشاملة و40 سنة في وجه الحروب والحصار». واعتبر أن «العراق فرصة عظيمة جداً للبنان والعلاقة بين البلدين ممتازة جداً، والمطلوب إرسال وفد إلى العراق كما فعلت بغداد لا الاستسلام للحديث عن الضغط الأميركي على الحكومة العراقية»، لافتاً إلى أن الأميركيين «من خلال التهديد والوعيد يقفون سداً أمام أي حل لأزمة لبنان، وفائدة التوجه للدول المفتوحة أبوابها أنها تبعث برسالة للأميركي وغيره بأن للبنان خيارات أخرى ولا يمكن إسقاطه».

منع الانهيار والجوع
وأبرز ما أعلنه نصر الله أن «عنوان المرحلة الاقتصادية الحالية في لبنان هو منع الانهيار المالي والجوع»، وأن «على كل اللبنانيين أن يكونوا فعّالين ونشطين للوصول الى النتيجة المطلوبة وفتح كل المسارات الممكنة التي توصل إلى الهدف بمنع الانهيار والسقوط والجوع»، معتبراً أن اللبنانيين «قادرون على تحويل التهديد إلى فرصة». وشدد على أنه «لا يجوز أن يحكم الأداء العام الانتظار السلبي. هذا خطأ. بل يجب على كل اللبنانيين، الدولة والشعب، أن نكون كلنا فعالين ونتحرك»، لافتاً إلى أن «السياسات التي كانت متبعة في لبنان على مدى عقود أدت الى انهيار القطاعين الزراعي والصناعي. ومن شروط الحياة الكريمة لأي شعب أن يكون منتجاً زراعياً وصناعياً، وهذا من البديهيات». ودعا الشعب اللبناني إلى خوض «معركة إحياء قطاعَي الزراعة والصناعة لمواجهة الجوع والبقاء على قيد الحياة بكرامة»، معلناً أن «حزب الله اتخذ قراراً بخوض معركة التقدم زراعياً وصناعياً في مواجهة الانهيار والجوع، حيث يجب أن نكون سنكون، وحيث كنا أنجزنا وانتصرنا وحققنا وكنا الأعلى (...) انتصرنا في معركة التحرير وفي وجه التكفيريين وفي وجه المؤامرات، واليوم سنخوض معركة الزراعة والصناعة، وهذا الميدان الجديد يجب أن نحضر فيه. يجب أن نعود جميعاً لنكون مزارعين حتى ننقذ لبنان كله، وأي أرض صالحة للزراعة في أي مكان، سواء في القرى أو حتى المدن سنزرعها، وعندما نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع سنصبح شعباً ذا سيادة». وأعلن يوم 7-7-2020 ، «تاريخ إعلان الجهاد والمقاومة والنهضة على الصعيدين الزراعي والصناعي».
كتلة الوفاء للمقاومة ستتقدّم بعريضة إلى الخارجية تطالب باستدعاء شيّا ومطالبتها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية


ولم ينسَ نصر الله، المرور على سلوك السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، وهجومها المستمر على حزب الله. وسأل نصر الله «ما علاقة السفيرة الأميركية في لبنان بالتعيينات المالية، وصولاً إلى تهديدها المسؤولين الذين التقتهم (...) هذا عمل استعماري»، وشدد على أن «الحكومة اللبنانية يحدد مصيرها الشعب اللبناني وليس السفيرة أو الخارجية الأميركية». ولفت إلى أن «الدولة اللبنانية صامتة في وقت تهاجم فيه السفيرة الأميركية حزباً لبنانياً وتتهمه بأبشع الأوصاف عبر الإعلام»، فيما «أخطر ما تفعله هو التحريض بين اللبنانيين والدفع نحو الحرب الأهلية». ورأى أن «قرار القاضي اللبناني الشريف محمد مازح بمنع السفيرة الأميركية من الحديث إعلامياً يعبر عن أن في لبنان قضاة وطنيين وشجعاناً»، وتمنى من القضاء اللبناني أن يعيد النظر بردة فعله تجاه القاضي مازح وأن يتصرف معه بنفس مستوى الوطنية الذي عبّر عنه، وأعلن أن «كتلة الوفاء للمقاومة ستتقدم بعريضة إلى وزارة الخارجية اللبنانية للمطالبة باستدعاء السفيرة ومطالبتها بالالتزام بالاتفاقيات الدولية».

حزب الله اتخذ قراراً بخوض معركة التقدم زراعياً وصناعياً في مواجهة الانهيار والجوع


وشدد على أن «الأميركيين يستغلون تراكم السياسات الاقتصادية الفاشلة لتأليب الشعب اللبناني على حزب الله، والخيار الأميركي بحصار الحزب لن يؤدي إلى نتيجة، ونحن لن نستسلم». وتوجّه إلى الإدارة الأميركية بالقول: «سياستكم بخنق لبنان ستقوي حزب الله وتضعف حلفاءكم ونفوذكم، ولن يجد الناس أمامهم ملاذاً إلا المقاومة وحلفاءها المحليين والإقليميين وتدفع لبنان إلى أن يكون ضمن هذا المحور». وختم مؤكّداً أن «انشغالنا بوضعنا الاقتصادي يجب ألا ينسينا الوقوف إلى جانب الفلسطينيين في مواجهة خطة الضم. نحن إلى جانب إخواننا الفلسطينيين دولة وشعباً، وحاضرون لفعل أي شيء في مواجهة مؤامرة الضم».