أزمات عديدة فُجّرت دُفعةً واحدة في وجه حكومة الرئيس حسّان دياب. انقطاع المشتقات النفطية، وبالتالي إطفاء مؤسسة كهرباء لبنان للعديد من مُحرّكاتها، أزمة السيولة وامتناع المصارف عن تسديد الودائع للناس، و«اللعب» في سوق العملة الذي يُمارسه مصرف لبنان وشركاه... أمام كلّ هذه الأزمات، كيف سيتصرّف دياب؟السؤال طُرح في جلسة بين رئيس الحكومة، ووفد من الشخصيات السياسية والاجتماعية التي زارته. الثلاثي الأبرز الذي تشكّل منه الوفد هو: منظّم رابطة العروبة وعضو الاتحاد البيروتي سمير صباغ، والناشط السياسي أحمد علوان، ومنظّم المنتدى الثقافي التقدمي والعضو السابق في اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي اللبناني رياض صوما. جواب دياب كان أنّه «منذ البداية، كان القرار بأن آتي إلى العمل التنفيذي خدمةً للبلد، من دون أن يكون لي رغبة في العمل السياسي. وهذا ما أنا مُلتزم به. ولكنّني مُصمّم على المواجهة ولن أستقيل»، رغم توقّعه أنّ الضغوط الخارجية والداخلية على عمل الحكومة ستستمر. وأكّد أنّه سيُتابع العمل على الخطوات «الإصلاحية» التي يطرحها، «رغم العقبات». واحدة من العقبات التي تُواجه عمله وتحدّث عنها هي أنّ «الإدارة اللبنانية شكّلتها الأحزاب السياسية، وأغلب الإداريين لا يتلقون التعليمات من السلطة التنفيذية، بل لا يزالون مُرتبطين بمرجعياتهم».

(مروان بوحيدر)

طلب الوفد من دياب أن يوضح كلّ ما يجري للرأي العام بصراحة، ويتمّ تنفيذ شيء من الذي وعد به، وخاصة لجهة تحميل فئة الـ 1% مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، في الوقت الذي حُمّل فيه الشعب قسطه من الانهيار. حديثهم تحديداً حول خلق صندوق يُجبر فيه كلّ من استفاد من الفوائد المُضخمة وهرّب الأموال إلى الخارج، على وضع مبلغ مُعيّن فيه. ردّ دياب بأنّ «من الصعوبة في التركيبة اللبنانية أن يتأمّن إجماع سياسي على تدفيع هؤلاء»، ولكنّه قال إنّه لن يتراجع وسيحاول إيجاد التوافق لاعتماد الآليات القانونية، «عبر تطبيق البنود الإصلاحية والضرائبية»، شاكياً عدم تجاوب كلّ القوى السياسية داخل الحكومة معه بشأن تطبيق بنود الخطة «الإصلاحية» التي وضعتها الحكومة.
في ما خصّ أزمة الكهرباء، قال دياب إنّه خلال المفاوضات مع الألمان والفرنسيين والإيطاليين، «كنا صريحين بأنّه إذا لم يتضمن الحلّ بناء معامل في فترة 6 أشهر إلى سنة، على نفقة الشركة الأجنبية، على أن تسترد التكاليف لاحقاً من البيع لفترة مُعينة، فنحن ذاهبون للاتفاق مع قوى أخرى، بما فيها الصين». الأمر نفسه في ما خصّ موضوع النفط، «فلن نبقى خاضعين لشركات النفط». وأشار رئيس الحكومة إلى أنّه «سنلجأ إلى عقود دولة لدولة، بدءاً من الدول الشقيقة»، ملمّحاً إلى اتفاق ما مع العراق.
تناول الحاضرون أيضاً موقف دياب من حاكم مصرف لبنان، والضغوط التي تعرّض لها من السفارة الأميركية في بيروت لفرض تعيين النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، محمد بعاصيري. فأوضح أنّ «رفضي لبعاصيري لم يكن شخصياً، بل كان يجب أن أتخذ موقفاً سيادياً»، وقد استنتج الوفد من حديث دياب أنّ انفتاحه على تنويع علاقات لبنان الاقتصادية، ساهم في رفع حدّة الضغوط على الحكومة. ورغم وجود عمل داخلي نيابي - مصرفي لإفشال المحادثات مع صندوق النقد، إلا أنّ دياب لم يستبعد أن يكون تعثّر المفاوضات أيضاً سببه الضغوط السياسية. على الرغم من ذلك، «مُتمسّك بإجراء تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان»، قال دياب.