بات أكيداً أن ترحيل الحكومة بند التعيينات الإدارية يوم الخميس الماضي، لم يكن سببه تناقض الأسماء المقترحة مع قانون آلية التعيينات الذي أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي، إذ لا تزال الحكومة تسير على نهج الحكومات السابقة بإعلاء مصلحة الطوائف والأحزاب على المصلحة الوطنية والكفاءة. من هذا المنطلق، تجزم مصادر وزارية بأن مجلس الوزراء يعتزم تعيين رئيس لمجلس الخدمة المدنية ومدير عام لوزارة الاقتصاد ومدير عام للاستثمار في وزارة الطاقة ومحافظ لمدينة بيروت، خلافاً للآلية المقرّة في القانون الذي يُتوقّع أن يردّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مجلس النواب قريباً. ويبدو أن قيود رجال الدين والسياسة المحكمة بقوة، كبّلت أيدي حكومة الرئيس حسان دياب وجعلتها أسيرة خطوط حمر وتهويل بالعصيان المذهبي. وستشهد الحكومة يوم الخميس اختباراً في هذا المجال، إذ إن بعض الوزراء يؤكدون، خلافاً لزملاء لهم، أن ما سيُناقش بعد غد هو آلية التعيين لا التعيينات نفسها. وفي حال قررت الحكومة عدم الالتزام بالقانون الذي أقرّ، فستُجرى التعيينات بعد غد، أو الأسبوع المقبل، في إطار محاصصة سياسية - مذهبية اعتادها أهل الحكم منذ عقود. ويعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السراي الحكومي، بجدول أعمال «عادي»، ومن دون التطرق إلى أي تعيينات.في الشق الاقتصادي والمالي، تستتبع الحكومة مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. وقد عقدت يوم أمس اجتماعها التاسع مع الصندوق، ليتمحور النقاش حول موضوع الإصلاحات المالية، على أن تستكمل المشاورات غداً.
«تفسيد» سياسي - مصرفي على الحكومة أمام صندوق النقد

وفيما تُعاني هذه المفاوضات من معضلة عدم وجود وفد لبناني موحّد (الوفد ينقسم إلى ممثلين لكل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة المالية، إضافة إلى جزء آخر يمثل مصرف لبنان)، ومن غياب الأرقام الموحدة بين كل من الحكومة ومصرف لبنان والمصارف، يبدو أن بعض القوى السياسية - المصرفية قرر جعل مهمة الوفد اللبناني أكثر صعوبة، من خلال مراسلة صندوق النقد للتحريض على الحكومة. ومفتاح دخول الصندوق سهل إذا تم عبر اتهام هذه الحكومة بالخضوع لحزب الله واستبعاد تنفيذها لأي إصلاحات جدّية من بين تلك الواردة في «خطة التعافي»، إذ علمت «الأخبار» أن رسائل وصلت إلى الصندوق من جهات سياسية - مصرفية، تتحدّث عن «سيطرة حزب الله على الحكومة، بما يمنعها من تنفيذ أي إصلاحات يمكن أن تعد بها»، فضلاً عن «سيطرته على المعابر غير الشرعية التي تهرَّبُ البضائع من خلالها، ما يضرّ بالاقتصاد الوطني». أما أبرز «الفسّادين» لدى صندوق النقد، فأشخاص ومستشارون يدورون في فلك رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

مراكز «تاتش» من دون مازوت
من جهة أخرى، يبدو أن علامات الانهيار بدأت تصيب قطاع الاتصالات الخلوية، وتهدد بانقطاع الخدمة عن المشتركين. ففي نهاية الأسبوع، عَلِم وزير الاتصالات طلال حواط، والرئيس التنفيذي لـ«تاتش» ايمري غوركان، أنّ احتياطي المازوت لاستمرار عمل الشبكة بدأ ينفد. بالتزامن مع إدراكهما أنّ الموردين توقفوا عن تسليم المواد الضرورية، أو يقومون بذلك بعد وساطات من المديرين في الشركة، في ظل نقص المواد اللازمة لصيانة «خدمة العملاء» لتلبية طلبات وحاجات المشتركين، والنقص على صعيد المُساعدين التقنيين المطلوبين، انتهاءً ببعض تراخيص العمل... قرأ الرجلان هذه التقارير، ووضعاها جانباً. لم يعتبرا نفسيهما معنيّين بالتحرّك لاستدراك الأسوأ، حتى ولو أدّى «النأي بالنفس» إلى انهيار شبكة «ميك 2». ويوم أمس، توقّف مركز الضنية عن العمل. لساعات عديدة بقي مشتركو «تاتش» من دون خطوط خلوية، حتى تمكّن المسؤولون من نقل المازوت من مركز إلى آخر لإعادة تشغيله. ويشارف مخزون كلّ المراكز على الانتهاء في غضون أيام قليلة، ما يعني توقّف الشبكة نهائياً عن العمل في حال لم يتمّ إيجاد حلّ مع موزّعي المازوت الذين يمتنعون عن تسليم المحروقات لتراكم المبالغ المستحقة على الشركة. القصة لا تتطلّب أكثر من طلب وزير الاتصالات من «تاتش» تحويل الأموال، ومراسلة المصرف بأنّ الوضع استثنائي، لذلك يجب تحرير المبالغ اللازمة، علماً بأنّ إدارة «تاتش» التي تتذرّع بانتهاء عقد الإدارة، وبالتالي عدم امتلاكها الصلاحية لتوقيع الفواتير، توقفت بقرارٍ من غوركان عن توقيع الفواتير اللازمة قبل أشهر من انتهاء ولاية مجلس الإدارة (راجع «الأخبار» 31 أيار).