رفعت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية سقف مواجهة قرار وزير التربية طارق المجذوب بإنهاء العام الدراسي إلى حد طلب تدخل رئيس الجمهورية ميشال عون، عبر التهديد بأنّ قسماً كبيراً من المدارس متجه حكماً نحو الإقفال القسري ابتداءً من بداية العام الدراسي 2020 - 2021 نتيجة الوضع الاقتصادي و«إهمال الدولة لواجباتها». وفيما حسم قرار إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية، نشطت الوساطات لدعم المدارس أو الإمساك بالتلامذة وإبقاء أمر ترفيعهم في يدها، بغية إفساح المجال أمامها لتحصيل بعض الأقساط. وطُرح في هذا الشأن أن تعطى الأموال المخصصة للامتحانات الرسمية الأكاديمية والمهنية (23 مليار ليرة) من الخزينة العامة للمدارس الخاصة لدفع رواتب للمعلمين! وهو طرح يؤيده التيار الوطني الحر، كما قال لـ«الأخبار» مسؤول مكتبه التربوي روك مهنا.وفي حين ورد في مقررات مجلس الوزراء أمس أن المجلس وافق على طلب وزارة التربية، وبصورة استثنائية، إلغاء دورة عام 2020 لامتحانات الثانوية العامة في جميع فروعها والبكالوريا الفنية بكل أشكالها وفق ضوابط، واستكمال العام الدراسي عن بعد للمراحل كافة الأكاديمية والمهنية، أشارت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، في دردشة مع الصحافيين، إلى أن المجلس أقر إلغاء الامتحانات الرسمية، «لكن ذلك لا يعني أنّ الطالب الذي لن يتقدم إلى هذه الامتحانات أنهى العام الدراسي بنجاح، لان هناك استكمالاً للعام الدراسي، وعلى الطالب أن ينجح في مدرسته، ومعظم الجامعات تأخذ بالنتائج المدرسية عن السنة الحالية للطالب كما عن سنواته السابقة».
وسبقت المقررات تسريبات إعلامية أثناء انعقاد الجلسة تحدثت عن أن المجلس قرر أن العام الدراسي لم ينته ووافق على السماح للمدارس بإجراء امتحانات للتلامذة بالطريقة التي تريدها ضمن آلية ترفيعهم. كذلك استبعد المجلس خيار الامتحانات للطلبات الحرة في ظل إلغاء الشهادات الرسمية مع ترجيح عدم إعطائهم إفادات.
التسريبات أربكت التلامذة والأهالي الذين طالبوا بتوضيح من وزير التربية بشأن إجراء امتحانات مدرسية ضمن ضوابط الترفيع في ظل كورونا، ومصير الطلبات الحرة وخصوصاً عما سيحل بالتلامذة غير المنقطعين عن الدراسة والذين رسبوا العام الماضي ولم يتابعوا صفوفهم نظامياً هذا العام وقدموا طلبات حرة (ألا تجرى لهم امتحانات ولا يعطون إفادات؟). وثمة من سأل
عن إمكانية استمرار التعليم عن بعد وإجراء الامتحانات «أونلاين» في حال عدم توفر الكهرباء والإنترنت. في الواقع، لن يطاول استكمال العام الدراسي والامتحانات أكثر من 150 ألف تلميذ من أصل 700 ألف، لكون عدد المدارس التي نجحت في التعليم عن بعد واكتساب الكفايات لم يتجاوز 50 مدرسة. وإذا كان قرار الوزير بالترفيع منفصلاً عن التعليم عن بعد أو نتائج التلميذ السابقة، فهل ستكون آلية الترفيع ضمن المدرسة الواحدة، أي بإمكان أي تلميذ إذا رسب أو انتقل إلى مدرسة أخرى أن يطلب إفادة ترفيع من الوزارة؟ وماذا لو انتقل التلميذ إلى مدرسة تابعت التعليم عن بعد وهو لم يفعل ذلك في مدرسته؟

معلمو القطاع الخاص إلى الشارع
على خطّ موازٍ، ألغي اجتماع كان مقرراً عقده في وزارة التربية لممثلي الأهل والمعلمين والمدارس لبحث تداعيات قرار إنهاء العام الدراسي وإلغاء الامتحانات الرسمية على الأقساط ورواتب المعلمين، فيما كان رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود يعقد مؤتمره الصحافي المستقل الذي أمهل فيه المعنيين أسبوعاً واحداً لوضع آلية واضحة لدفع رواتب المعلمين وحقوقهم قابلة للتطبيق في أقصر مهلة زمنية ممكنة قبل اللجوء إلى التحرك الميداني. ووصف عبود قرار وزير التربية بالمجتزأ، مشيراً إلى أن جزءاً غير قليل من المدارس اقتطعت نسبة من الرواتب او نصفها أو توقفت عن دفعها كلياً، فيما بعض لجان الأهل والمحاضرون في الأزمة التربوية القديمة الجديدة من محامين وسياسيين أصدروا ويصدرون فتاوى واجتهادات أبعد ما تكون عن القوانين المرعية الإجراء، في إشارة مبطنة إلى ما يحكى عن إلغاء الساعات الإضافية وبدلات النقل للمعلمين.
طرح تحويل 23 مليار ليرة مخصّصة للامتحانات الملغاة لدعم المدارس الخاصة!


وأمام هذا الواقع، دعا النقيب إلى أن «يتحمل كل طرف مسؤوليته، والمعلمون مستعدون لرفع السرية عن حساباتهم ورواتبهم ليكتشف الرأي العام هول الكارثة التي تصيبهم»، سائلاً: «هل تقبل إدارات المدارس برفع السرية عن حساباتها في الداخل والخارج؟ وهل يقبل البعض في لجان الأهل الذين يعتمدون لغة التحريض صباحاً ومساءً أن يرفعوا السرية عن حساباتهم وحسابات من يحرّضونهم للامتناع عن الدفع؟ علما بأن البعض بينهم مقتدر مادياً والأقساط لم تتغير وهي بالليرة اللبنانية؟». ولفت عبود إلى أن أكثر من 13 ألف معلم لم يتقاضوا أي راتب منذ أشهر، مشيراً إلى أن عدم تطبيق الاتفاق بين ممثلي المعلمين والمدارس والأهل «خير دليل على أن لا أولوية حقيقية لرواتب المعلمين في حسابات المدارس، ولا أولوية للأهل في حق أبنائهم في التعلم، وبعد أكثر من شهر كامل، لا موازنات درست، ولا تفاهمات حصلت بين الأهل والإدارات المدرسية، وكما العادة وقع المعلم بين مطرقة المدرسة وسندان لجان الأهل»!
وبدا لافتاً أن يناشد نقيب المعلمين وزارة المال بضرورة الاستجابة لمطالب المؤسسات ونقابة المعلمين في وجوب تسديد المنح المدرسية للمدارس المجانية ومنح التعليم لموظفي القطاع العام، من مؤسسات عسكرية وأمنية وإدارية مباشرة الى المدارس المعنية، ويطالب المدارس بالسعي الجدي للاستفادة من القرض المسهل لمصرف لبنان بعدما تأكد شموله المؤسسات التربوية الخاصة.



التعليم المهني: امتحانات لبعض الشهادات
رغم قرار وزير التربية بإلغاء الشهادات، عممت المديرة العامة للتعليم المهني والتقني هنادي بري أن الامتحانات الرسمية لدورة عام 2020 الأولى ستجرى لكل من شهادات الامتياز الفني، الإجازة الفنية، والمشرف الفني، على أن يحدد بموجب مذكرة إدارية لاحقاً تاريخ تسلّم بطاقات الترشيح ودفع رسوم طلبات الترشيح الحرة ومواعيد إجراء الامتحانات العملية والشفهية والخطية. التعميم يستند إلى اتصال هاتفي مع وزير التربية أوضح فيه أن قرار إلغاء الامتحانات الرسمية المهنية لا يشمل الشهادات المذكورة.
ولم يكد يصدر التعميم حتى خرجت تعليقات الطلاب والأساتذة على مواقع التواصل الاجتماعي حول ما إذا كان الطالب في التعليم المهني Anti corona ويختلف عن زميله في التعليم العام،. وإذا كان إجراء الامتحان مبرراً، بحسب المعلّقين، في اختصاص التمريض لكون صاحبه يحتاج إلى إذن مزاولة المهنة، فلا يمكن تفسيره في الاختصاصات الأخرى خارج حماية مخصصات لجان الامتحانات في هذه الشهادات، وخصوصاً أن إجراء الامتحانات سيحترم التباعد الاجتماعي وسيزيد عدد أيام الامتحان وبالتالي عدد المراقبين والمصححين. يذكر أنّه جرى خفض عدد المواد منذ انتفاضة 17 تشرين.
بري قالت في اتصال مع «الأخبار» إن إجراء الامتحانات أو إلغاءها «ليس من صلاحية المدير العام، والوزير هو من اتخذ القرار بالتنسيق مع مجلس الوزراء احتراماً لهذه الشهادات التي توازي الشهادات الجامعية في التعليم العام». وأشارت إلى أنها ستدرس تفاصيل آلية إجراء الامتحانات، ويمكن الاستعاضة عنها بالطلب من الطلاب تحضير رسائل (THESIS)، في ضوء التطورات الصحية العامة.
ماذا عن إجراء الامتحانات لأجل مخصصات اللجان؟ أجابت بري أنها شخصياً تخلّت عن تعويض الامتحانات منذ تولّيها إدارة المديرية العامة للتعليم المهني. لكن، هل سيتخلى باقي أعضاء اللجنة العليا عن تعويضاتهم التي توازي مئات آلاف الدولارات؟