قرر أمس قاضي التحقيق في الجنوب حسن حمدان ترك كل من الموقوفين محمود مروة ووضاح غنوي المدّعى عليهما بـ«جرم» تفجير عبوة ناسفة استهدفت فرع فرنسبنك في شارع رياض الصلح في صيدا مساء 25 نيسان الماضي. وجاء ترك مروة وغنوي بعد ثمانية أيام على إيقافهما من قبل فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. وقد احتجزا في في بيروت في مقر الفرع بإشارة النيابة العامة التمييزية التي قررت الإثنين إحالتهما على النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب، التي وقع في نطاقها الفعل (كان حقوقيون يتخوفون من إحالتهما على المحكمة العسكرية). في نظارة قصر عدل صيدا، احتجزا منذ الإثنين الماضي. أول من أمس، ادّعى النائب العام الاستئنافي في الجنوب رهيف رمضان عليهما بجرم مواد جنح تراوح بين استخدام الأسلحة وتخريب ممتلكات خاصة. أمس، وصلت جولتهما إلى حمدان الذي استجوبهما إلكترونياً بناءً على قرار مجلس القضاء الأعلى، بحضور وكلائهما. ولفت أحد الوكلاء، المحامي مازن حطيط، «الأخبار»، إلى أن استجواب حمدان كان «متميزاً وركّز على الدوافع السياسية التي دفعت مروة وغنوي إلى القيام بما نسب إليهما. وحرص على تدوين مواقفهما من السلطة الحاكمة ونظام المصارف». بانتهاء الجلسة، قرر حمدان تركهما بكفالة مالية قدرها 300 ألف ليرة لبنانية، نظراً إلى الإدعاء الشخصي الذي قدّمه «فرنسبنك» (لم يُسقطه) والأضرار التي لحقت بالباحة الخارجية للفرع. وقد نظر القاضي رمضان في قرار زميله حمدان، من دون الاعتراض عليه.لم يُبرَّأ غنوي ومروة من الفعل الذي اعترفا به بفخر واعتزاز. لكن القيمة المضافة في قضيتهما، الموقف الذي أظهره بعض القضاة، بإحالة الملف على النيابة العامة الاستئنافية ثم ترك الموقوفَين، كأنهم يردّون الصاع لسلطة المصارف التي أجبرت رافضي سياساتها على مهاجمة مراكزها. قضائياً، ينتظر من حمدان إصدار قرار ظني بحق مروة وغنوي «يضمّنه الحيثيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي دفعتهما إلى مهاجمة فرنسبنك»، قال حطيط.
قرار «إخلاء السبيل» أمس أكمل جبهة تصدّي عدد من القضاة لسلطة المصارف التي طغت أخيراً على كل السلطات الأخرى في البلاد. جبهة دشّنها قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر، وزميله في صور القاضي محمد مازح، اللذان قرّرا مواجهة عدد من المصارف بتهمة احتجاز أموال الناس. وكان أبرز الأحكام قرار مازح بمنع سفر رئيس وأعضاء مجلس إدارة بنك لبنان والمهجر على خلفية رفض دفع مستحقات أحد المودعين.
وفور الإفراج عن غنوي ومروة من نظارة قصر العدل في صيدا، كان بانتظارهما في باحته الخارجية عائلتاهما وعدد من الناشطين من صيدا والجنوب ووفد من «لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان» التي قالت في بيان لها إن هذه القضية «أثبتت أن بعض القضاة منتفضون في مواجهة حكم المصارف أسوة بالشعب»، داعية جميع القضاة إلى «مساندة الشعب في انتفاضته ضد الفساد وتعسف المصارف».