على وقعِ مؤشرات مالية - سياسية - أمنية تشي بوقوف البلاد على شفا انهيار كبير، تستعدّ حكومة الرئيس حسّان دياب لأول اختبار ثقة «شكلي»، تمهيداً للانتقال إلى اختبارات الثقة الفعلية التي لا يُمكن أن تنالها حكومة «مواجهة التحديات»، إلا في حالة وحيدة: الانتفاض على السياسات الاقتصادية المُعتمدة منذ التسعينيات. فنجاحها اليوم ليسَ مربوطاً بنجاح الإجراءات التي بدأ الجيش بتطبيقها منذ يوم أمس لتأمين انعقاد الجلسة، ولا في عدد النواب الذين سيصلون لتأمين النصاب ولا هو مرتبطاً بتخطي حجم الشارع المُنتفض اعتراضاً على هذه الحكومة، بل بقدرة دياب وحكومته على مقاطعة النموذج الاقتصادي الحالي القائم على خدمة الدائنين ورهن الاقتصاد لأصحاب المصارف وكبار المودعين، والاستمرار في إطلاق يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتحكم بالسياسات الاقتصادية والمالية، بذريعة استقلالية القرار النقدي. كل ما عدا ذلك لا يعدو كونه تسريعاً للانهيار، ومن دون القطع مع السابق، يُمكن القول بأن «لا ثقة بهذه الحكومة ولا من يثقون».
(هيثم الموسوي)

وإذا كانَ من الثابت أن هذه الحكومة ستحصَل على ثقة النواب، رغم ما يعتبره البعض «ثقة ناقصة»، فإن اقتناعاً يسود بظهور معارضة شرسة تحتَ قبّة البرلمان من كل القوى التي لم تشارك في الحكومة (ولا سيما تيار المُستقبل والقوات اللبنانية ونواب مستقلين) وسبق أن أكدت عدم منحها الثقة اعتراضاً على طريقة تأليفها وبيانها الوزاري. معارضة أخرى ستواجه الحكومة في محيط ساحة النجمة، من قبل متظاهرين بدأوا بالتوافد من مختلف المناطق إلى الطرقات المؤدية إلى مجلس النواب، بعد أن وُجّهت الدعوة إلى المشاركين في تظاهرات اليوم لمنع التئام الجلسة بأي ثمن، ولا سيما أن قرار السلطة جاء حاسماً لجهة عقدها، بحسب ما عكسته الجلسة الأخيرة لمجلس الدفاع الأعلى بالإعلان عن خيارات جديدة في التعامل مع المحتجّين.
وفي هذا الإطار، نفذت القوى الأمنية إجراءات مشدّدة في وسط بيروت منعاً لوصول المحتجين إلى الساحة، وتقرّر إخلاء وإقفال شارع المصارف كلياً طيلة فترة انعقاد الجلسة وحتى الانتهاء، كما المنطقة الممتدة من جامع زقاق البلاط حتى مبنى اللعازرية، ومن مبنى جريدة النهار حتى البنك الأهلي - شارع باب إدريس. كما سيتم إقفال وعزل الخط البحري عند التقاطعات المؤدّية إلى ساحة النجمة. وفي المقابل، علمت «الأخبار» أن الجيش اتخذ قراراً بفتح الطريق أمام النواب والوزراء وتأمينها عند دخولهم إلى الجلسة وخروجهم منها. ولهذا السبب بدأت قطعات الجيش، منذ مساء أمس، بتنفيذ الإجراءات، إذ نزل إلى المنطقة عدد من الضباط رفيعي المستوى لدرس التدابير على الأرض، وتقرر حضور القوة الأمنية نفسها التي حضرت يوم جلسة الموازنة مع زيادة في عديدها، نظراً إلى توافر المعلومات عن وجود عدد أكبر من المتظاهرين ونيّة لتطويق مجلس النواب ومنع من يصل إليه من الخروج.
أصوات الثقة التي ستحصل عليها حكومة دياب هي تقريباً أصوات التكليف نفسها، أي من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، بإلإضافة إلى «المردة». وبينما سيقاطع الجلسةَ نواب «الكتائب» و«كتلة الوسط المستقل»، كما النواب أسامة سعد وشامل روكز ونهاد المشنوق وبولا يعقوبيان وميشال معوض وجهاد الصمد، سيحضر لحجب الثقة نواب «القوات» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«المستقبل» و«الحزب الاشتراكي». وفيما لم يحسم الرئيس سعد الحريري قرار المشاركة شخصياً في الجلسة، قال أمس في دردشة مع الصحافيين إن «كتلة المستقبل ستحضر ولكنها تتوجه إلى التصويت بلا ثقة»، مشيراً إلى أن « المشاركة ستكون لأجل قول الكتلة لكلمتها».
عشية جلسة الثقة الحريري يشنّ هجوماً على التيار الوطني الحر


وفي تطوّر لافت عشية جلسة الثقة، برز موقف للمجلس الشرعي الإسلامي الذي اجتمع نهار السبت الماضي برئاسة مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، من دون أن يُبدي معارضة لحكومة دياب، مكتفياً بالقول إن موقفه مرتبط بـ«إثبات قدرتها على النهوض بأوضاع البلاد المتردية والخطيرة والتمسك بالدستور ومقتضيات اتفاق الطائف واستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة»، مؤكداً «أن المجلس سيواكب هذه الالتزامات والتعهدات بدقة متناهية».
في سياق آخر، شنّ الحريري يومَ أمس هجوماً على التيار الوطني الحرّ فقال: «شو عملوا؟ يعطوني انجاز واحد عملوه للبلد وللاقتصاد»، وأضاف: «في ناس بتعطي One Way Ticket بس هي مش قدها». في المقابل ردّ عدد من نواب التيار على الحريري، ومن بينهم النائب حكمت ديب فقال: «سأعطيك إنجازاً واحداً : التيار خلصك من الفرّامة وإنجازات الاقتصاد خليهم إلك»، أما النائب جورج عطالله فردّ بالقول: «إذا مفكّر تستعطِف الناس بخبريّة تسكير بيتك السياسي منحِبّ نذكّرك إنو لو بدّنا كنّا عمِلنا متل حلفاءك وأهل بيتك الفسّادين وقت حبستك السعودية»!