مرّت 10 أيام على انتهاء عقد شركتَي الخلوي، من دون أن يصدر عن وزارة الاتصالات أي توضيح بشأن آليات تسلّم القطاع وموعده. حتى اليوم، لا تزال شركتا «أوراسكوم» و«زين» تعملان كما لو أن العقد ساري المفعول. لا الوزارة عيّنت لجنة للتسلّم، ولا الشركتان تعدّان العدة للرحيل.في المعلومات المتداولة أن وزير الاتصالات راسل الشركتين المشغلتين، في 31 كانون الأول، طالباً استرداد القطاع خلال مهلة ستين يوماً يحددها العقد. كما أرفق رسالته بالدعوة إلى اجتماع يعقد في الوزارة لمتابعة الموضوع. الدعوة وجّهت إلى رئيس مجلس إدارة كلّ من الشركتين، أي نجيب ساويرس وبدر الخرافي. لكن قبل يوم واحد من الاجتماع الذي كان مقرراً الثلاثاء الماضي، أبلغ محمد شقير المدعوين بتأجيل الاجتماع. لم يعرف أحد لماذا أجّل، لكن في «تاتش» سرت أخبار عن أن التأجيل مرتبط بعدم قدرة الخرافي على الحضور.
ما شأن الاجتماع ببدء إجراءات الاسترداد؟ عملياً، لا رابط بين الأمرين، وخاصة أن إجراءات التسلّم هي روتينية ويمكن المباشرة بها فوراً. لكن، بحسب معلومات مؤكدة، فإن من يتحمّل مسؤولية التأخير في تنفيذ العقد هو وزير الاتصالات شخصياً. فمضمون الرسالة ليس سوى محاولة للالتفاف على بنود العقد، ولا سيما المادة 31 التي تنظّم إجراءات التسليم، وعلى توصية لجنة الاتصالات البدء باسترجاع القطاع. فخلافاً لأي قانون، أفتى وزير الاتصالات، بشكل غير مباشر، بتمديد العقدين إلى أمد غير محدد. وعبر ديباجة غريبة، أعلم المشغّلين أنه «بانتهاء عقد الإدارة، والتزاماً بالمادة 31 منه، فإن على الشركة تسليم القطاع إلى الدولة اللبنانية خلال ستين يوماً». لكن المفاجأة كانت في إشارته إلى أن هذه المهلة «تبدأ بعد الحصول على الموافقة الاستثنائية لرئيس مجلس الوزراء».
إلى ذلك التاريخ، وخلال الفترة الانتقالية، أشار شقير إلى أنه يجب على كل شركة أن «تقوم بمهامها تبعاً لروحية عقد الإدارة، آخذة بعين الاعتبار استمرارية الخدمة العامة وحقوق الموظفين».
هكذا، قرر شقير من عنده ربط بدء مهلة الستين يوماً بإجراء غير مطلوب قانوناً، ولا يمكن التنبؤ بموعده، ليأتي من بعدها طالباً من الشركتين الاستمرار بعملهما بلا تغيير، إلى حين يوافق الرئيس سعد الحريري على الاسترداد. باختصار، هي مهلة مفتوحة أعطاها الوزير للشركتين، بلا أفق زمني. وهو بذلك تخطى سلفه في التمديد المخالف للقانون، وبدلاً من الأشهر الثلاثة، مدّد إلى أجل غير مسمّى.
قد يكون مفهوماً أن يطلب وزير الاتصالات تغطية سياسية، خوفاً من «تخبيصة» جديدة. لكن هذه التغطية حصل عليها بالفعل من قبل لجنة الاتصالات التي تضم كل الأفرقاء، بما فيهم المستقبل (أعلنت النائبة رولا الطبش حينها أن «المستقبل» لا يمكنه أن يحمل التمديد منفرداً).
هذا لا يعني سوى أمر واحد. وزير الاتصالات يستغل مرحلة الفراغ للتمديد للشركتين لأطول فترة ممكنة، بذرائع واهية. وفيما يعتبر شقير أن الجهة التي لزّمت الإدارة، أي مجلس الوزراء، هي وحدها التي يحق لها إنهاؤه، فهو يتغاضى عن أمر جوهري: العقد انتهى تلقائياً بمجرد انتهاء مدته. أضف إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في آذار الماضي واضح في هذا السياق. تمديد العقد لم يكن ليتم لولا البدء بإجراءات المناقصة الجديدة. وبالتالي، فإن العقد الذي كان سينتهي في 30 آذار مُدّد إلى نهاية العام لا أكثر. وقد أُعلمت الشركات بذلك. لم يبق سوى تطبيق المادة 31 من العقد، والتي بنى شقير عليها رسالته من دون أن يلتزم بها! فهي تشير بوضوح إلى أنه «تنتهي حقوق كل فريق وموجباته الإضافية فور انقضاء هذه الاتفاقية أو إنهائها». عندها «يحث المدير أعضاء مجلس الإدارة على تقديم استقالتهم، التي تسري مباشرة، والتنازل عن أي حق لهم ضد شركتي الخلوي، ويحق للجمهورية اللبنانية أن تقيل هؤلاء الأعضاء أيضاً».
مضمون رسالة شقير ليس سوى محاولة للالتفاف على بنود العقد


هذا يعني عملياً أنه بمجرد انتهاء العقد يجب أن تسلّم شركة إدارة الشبكة، أما مهلة الستين يوماً، فهي ليست مهلة التسليم، بل الحد الأدنى الذي لا يمكن لشركة الإدارة أن تغادر قبله، وخاصة أن من المفروض عليها «تقديم المساعدة والمعلومات والدعم لتسهيل عملية تسليم إدارة الخلوي للجمهورية اللبنانية أو من تعيّنهم».
أما المهل التي يحددها العقد لإجراءات التسليم فهي الآتية:
خلال خمسة أيام عمل تلي تبليغ إنهاء العقد، تجتمع هيئة المالكين وشركة الإدارة لمناقشة إجراءات التسليم المفصلة والاتفاق عليها.
خلال 15 يوم عمل من التبليغ، يفترض بالشركة المشغلة أن تسلم الهيئة كل المستندات التي تحوزها وتتعلق بعمل شركتي ميك1 وميك 2.
قبل 60 يوماً على الأقل، لا يحق للمشغّل المغادرة، بل يكون ملزماً بتقديم العون، خلال هذه المدة، للدولة.
كل تلك الإجراءات القانونية تغاضى عنها وزير الاتصالات. فضّل التمديد المفتوح للشركتين، بحجة واهية، ثم عمد إلى الدعوة إلى اجتماع لم يُعقد. تماماً كما لم يعيّن فريق التسلّم الذي أشار، في رسالته، إلى نيّته تشكيله، والذي طلب من المشغلين الحاليين «تسهيل مهمته»!