أعطى الاعتداء الأخير دفعاً للصامدين في ساحة السرايا. نظّموا ظهر أمس تجمعاً احتجاجياً رمزياً ثم مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة، وكادت أن تنتهي بإشكال بين المشاركين والقوى الأمنية على خلفية اتهامها بالانحياز والتقصير. بالتزامن، تولى عدد منهم إعادة نصب الخيمة وتوضيب الأغراض وفرزها وتثبيت شعارات المقاومة على جذوع الشجر المحيطة.
ساد الظن بأن المعتدين اكتفوا بالتحطيم. لكن نيتهم إحراق الخيمة التي ظهرت منذ أول من أمس، نفذت أمس برغم تعهدات القوى الأمنية بحماية الخيمة. وكالعادة، لم يتم توقيف أي من المعتدين.
لم تكن كفررمان أبعد عن «كيد» المعتدين. بينما كان مسؤولون محليون من حركة أمل مجتمعين مع شخصيات من الحراك للتنسيق، عمد أشخاص تجمهروا قبالة خيمة كفررمان الى رمي الحجارة باتجاهها محاولين التهجم على الخيمة وهم يحملون العصي. شبان الخيمة من جهتهم تسلحوا بالعصي والحجارة وتحولت المستديرة إلى خط تماس فصل بين جبهتيه الجيش اللبناني وسط اتصالات جرت بين قيادات الحراك والمسؤولين المحليين لضبط الوضع.
الاعتداءان على خيمة النبطية وقعا تحت أنظار القوى الأمنية في السرايا
اعتداءا النبطية وكفررمان ليسا جديدين. لكن الهجوم الأعنف والذي لا تزال تردداته تهز النبطية سجل في 23 تشرين الأول الماضي أي بعد أقل من أسبوع على بدء الاعتصام، تعرض المتظاهرون لاعتداء بالضرب والتهديد والشتائم من قبل مناصرين لحزب الله وحركة أمل وعناصر من شرطة بلدية النبطية. وبرغم توثيق وجوه المعتدين وإصابات الضحايا بالصور، إلا أن الناشطين اكتفوا بالادعاء على مجهولين ولم يتابعوا القضية. صمد المتظاهرون في ساحة اعتصامهم وثبتوا برنامجاً أسبوعياً للأنشطة والندوات تتوّج بمسيرة كل يوم أحد بين خيمتَي النبطية وكفررمان. كبرت كرة الاستفزاز من مناصري الحزب وأمل ضد الخيمة، ولا سيما ما وصف بمظاهر لا تليق بمدينة عاشوراء، وخصوصاً بث الأناشيد الثورية والأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت. هذا في الظاهر. أما في الباطن، فللاستفزاز أسباب كثيرة، أولها صمود الاعتصام حتى الآن! «القَتلة لم تخوّفنا ولم تعدنا إلى البيوت ولا التهديد بالإيذاء أو الطرد من الوظيفة» يقول محمد الذي يداوم يومياً في الخيمة. يهزأ ممن يمر بالخيمة ويلتقط الصور للجالسين فيها. «كأنه يقول لنا: هلق بتشوفوا». يقرّ بأن الكثير من رفاقه استسلموا للتهديد أو اليأس من تغيير شيء ما، فأحجموا عن المشاركة. إلا أن الفئة الأكبر هي ممن التزم بنداء السيد حسن نصر الله لجمهور المقاومة بالخروج من الساحات. وللنبطية علاقة خاصة بالسيد وحزب الله. «مدينة الإمام الحسين» تعتبر العرين الثاني للحزب بعد الضاحية الجنوبية، ما جعل وقع الاعتداء الأول قاسياً جداً على مناصريه الكثر في النبطية، من أصول يسارية وناصرية وقومية.