للمرة الثانية، استأنف محامو موقوفي صور مطلع الأسبوع الماضي أمام الهيئة الاتهامية في الجنوب، قرار قاضي التحقيق الأول في الجنوب مارسيل حداد رفض إخلاء سبيلهم. انتظر المحامون وأهالي الموقوفين الستة المتبقين قيد الاحتجاز (من أصل 19 موقوفاً) يوم الخميس الفائت، أن ينتدب الرئيس الأول في الجنوب بالوكالة القاضي ماجد مزيحم بديلاً عن رئيسة الهيئة رولا عثمان التي تنحّت عن النظر في الطلب، لأنها كانت وكيلة الشركة المستثمرة لاستراحة صور السياحية، قبل أن تصبح قاضية. لكن مزيحم لم يفعل. تأجل أمر البت في استئناف رفض إخلاء السبيل إلى الثلاثاء الماضي، وعليه طالت مدة توقيف الستة لأسبوع كامل. أول من أمس، أعلن مزيحم بأنه سيبقي على انتداب القاضي رين مطر التي انتدبها في المرة الأولى. لكن الهيئة التي تأمنت رئاستها لم تلتئم. مطر غادرت في موعدها المعتاد عند الساعة الثانية بعد الظهر، فيما مستشارا الهيئة القاضيان عباس جحا ورمزي فرحات يصلان إلى قصر العدل بعد هذا الوقت عقب انتهاء مهامهما في قصر عدل النبطية. لم يتقابل القضاة الثلاثة. حرية الموقوفين الستة الذين تتراوح أعمار معظمهم بين الثامنة عشرة والعشرين من العمر والمحتجزين في ظروف سيئة منذ حوالى شهرين، لا يستأهلون تنسيق المواعيد وتمديد دوام عمل العدالة! ضرب الأهالي والمحامون موعداً جديداً اليوم لتبتّ الهيئة في قرار إخلاء السبيل.دخلت قضية الموقوفين المتهمين بحرق وسرقة استراحة صور السياحية في 18 تشرين الأول الماضي، النصف الثاني من الشهر الثاني أمام القضاء. وبرغم أن المحاكمات لم تنطلق، لا يزالون قيد الاحتجاز في مقر قيادة سرية صور. أمضوا شهراً كموقوفين بإشارة للتوقيف الاحتياطي صدرت عن النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب وشهراً آخر بعد إصدار قاضي التحقيق الأول في الجنوب مارسيل حداد مذكرات توقيف في حقهم. للستة، زملاء فاق عددهم الخمسين شخصاً. منهم من أوقف لدى استخبارات الجيش أو قوى الأمن الداخلي وأخلي سبيله سريعاً ومنهم (19 شخصاً، من بينهم قاصران) من أبقي عليه محتجزاً لفترات وأسباب مختلفة وجدها البعض تصفية حسابات حزبية وسياسية. على دفعات، أخلى حداد سبيل البعض بكفالة مالية، فيما قامت الهيئة الاتهامية في الجنوب بتخلية سبيل آخرين بعد رفض حداد تخلية سبيل المزيد.
مصادر القضاء الذي يحاكم الموقوفين في قصر عدل صيدا ومصادر الأجهزة الأمنية التي تحتجزهم في مقر سرية صور، تجزم بأن من لا يزال موقوفاً «ضبطته كاميرات المراقبة يقوم بالتخريب والسرقة». مهما كان الجرم المرتكب، إلا أن القضاء جنوباً ارتكب بدعاً غير مسبوقة بمخالفة أصول المحاكمات الجزائية التي تحدد التوقيف الاحتياطي بيومين قابلين للتجديد لمرة واحدة فقط. البدعة لم تنحصر بمدة التوقيف. في حديث إلى «الأخبار»، أبدى أحد المحامين المتطوعين للدفاع عن الموقوفين جاد طعمة استغرابه من الأداء الحاصل تجاه طلبات إخلاء السبيل. «جرت العادة بأن يتم التعاطي مع ملف قضائي فيه موقوفون بشكل طارئ وليس كوضع عادي، وهو ما لا يحصل في ملف موقوفي صور»، قال طعمة. المحامي المتطوع قارن مجدداً بين أداء القضاء مع المتهمين بارتكاب أعمال تخريب وشغب في وسط بيروت في الأيام الأولى للانتفاضة وبين المتهمين بتخريب استراحة صور. «في بيروت، قرر النائب العام التمييزي إخلاء سبيل الموقوفين من المخفر، فيما موقوفو صور يستمر احتجازهم لشهرين، برغم أن جرمهم ليس أكثر فداحة مما ارتُكب في بيروت». لجنة المحامين المتطوعين كانت قد طلبت في وقت سابق من النائب العام التمييزي ورئيس مجلس القضاء الأعلى الاطلاع على الملف. «نحن لا نطالب بعدم محاكمتهم، إنما بتطبيق القانون والتماس الرحمة للموقوفين الذين تتراوح أعمار معظمهم بين الثامنة عشرة والعشرين وينتمون إلى طبقات اجتماعية فقيرة، اتهموا بسرقة تلفاز أو دراجة هوائية». ولفت طعمة إلى أن مكان احتجازهم في سرية صور غير ملائم إنسانياً، ولا سيما بالنسبة إلى أعمارهم. «نقلاً عن الأهالي، يُحتجز الموقوفون في نظارة واحدة فيها أكثر من 20 شخصاً متهمين بجرائم مختلفة».