انتهى مؤتمر «مجموعة الدعم الدولية للبنان» بفرض المزيد من الشروط على شروط «سيدر»، ليحيل الدولة اللبنانية الى «وصفته الجاهزة»: اللجوء الى صندوق النقد الدولي. وهو النموذج الذي دأب المجتمع الدولي على اعتماده عند ايصاله الدول التي يرعى اقتصادها وسياساتها الى الفشل والانهيار؛ فيبقي أمامها خيارا قسريا هو الاستعانة بالنقد الدولي. وأبرز شروط الصندوق تبدأ بـ«تحرير العملة الوطنية»، أي انهيار قيمة الليرة في بلد غير مصدّر كلبنان، واعتماد الخصخصة في مختلف قطاعات الدولة ولا تنتهي بزيادة سعر المحروقات وخفض وإلغاء الدعم في القطاعات الرئيسية التي تدعمها الدولة كالكهرباء، الى جانب وقف التوظيف وخفض أعداد العاملين في القطاع العام. وصفة صندوق النقد ستخلص الى ترتيب المزيد من الديون على الدولة اللبنانية وتكبيلها بسياسات دولية تشرف عليها الولايات المتحدة.ما سبق ورد ضمنيا في البيان الصادر عن مجموعة الدعم الدولية للبنان بالاشارة الى أن «الدعم من المؤسسات المالية الدولية ضروري لمساعدة السلطات في جهودها لتطبيق الإصلاحات»، مجددة «استعدادها للمساعدة في هذه الخطوات وداعية السلطات اللبنانية الى طلب الدعم من المجموعات الدولية». وعلمت «الأخبار» أن مساعد وزير الخارجيّة الأميركيّة لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر ردد هذا الكلام حرفيا أمام الموجودين قائلا إن «لا حل للبنان سوى باللجوء الى صندوق النقد الدولي». وقد تمثل الحضور العربي بدول الامارات والكويت ومصر وجامعة الدول العربية وسط غياب سعودي لافت. خلال صياغة البيان النهائي، تمكن الوفد اللبناني من تخفيف الصيغة الاملائية له، لينص على حث السلطات اللبنانية على تلبية متطلبات الشاعر عبر «تبني سلة إصلاحات مستدامة والالتزام بإجراءات وفق جدول زمني محدد». رغم ذلك، «لم يكن الجو العام مطمئنا إلى تأليف حكومة جديدة سريعا، فيما عبّر أكثر من طرف غربي عن استيائه من سياسة حاكم مصرف لبنان النقدية وعدم استماعه للنصائح التي وجهت اليه». في سياق آخر، أكد البنك الأوروبي للاعمار والتنمية للبنان، وفق المصادر، أنه «فتح خطوط ائتمان لستة مصارف بقيمة 250 مليون دولار تلبية لطلبات الاستيراد ويستعد لاضافة مصرف سابع إلى القائمة».
من جانبه، اعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو موقفاً يربط فيه مساعدة لبنان بإخراج حزب الله من الحكومة. وهي ليست المرة الأولى التي يردد فيها بومبيو المعادلة نفسها ويعمد الى تحديد شروط واشنطن على اللبنانيين، داعيا اياهم في الوقت عينه الى وقف التدخلات الخارجية في بلدهم! فهو كان قد صرح بها قبل تسعة أشهر، أثناء زيارته لبيروت، كما كررها قبل أيام. وأمس، بدا الموقف الأميركي أوضح وأشدّ لهجة في تحديد هدفه وربط الاستجابة لطلبات الدولة اللبنانية مباشرة بشكل الحكومة اللبنانية والممثلين فيها. ليتوجه بعدها الى الشعب اللبناني محملا اياه مسؤولية «كيفية تشكيل الحكومة» وممليا عليه الأوامر الأميركية: «يجب أن يطالب الشعب اللبناني بسيادة لبنان وازدهاره وحريته من نفوذ الكيانات الخارجية (…) هناك منظمة مصنفة كإرهابية وهي حزب الله وأعلم أنكم على علم بالخطر الذي تشكله على حريتكم وعلى قدرتكم على توفير حاجاتكم (...). الولايات المتحدة مستعدة للقيام بأمور لمساعدة اللبنانيين على إنعاش اقتصاد لبنان وتشكيل حكومتهم، آملاً أن ينجح الشعب في هذه المهمة». لم يكد بومبيو يتكلم حتى غرد رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري عبر «تويتر» برؤيته للخروج من الأزمة: «الإسراع بتأليف حكومة اختصاصيين تلبي تطلعات اللبنانيين، إعداد خطة إنقاذية وتطبيقها بالدعم الكامل من المجتمع الدولي، المؤسسات المالية الدولية والصناديق العربية». وقد توجه بعض الشبان مساء أمس الى أمام منزل الحريري في وادي أبو جميل هاتفين: «سعد سعد سعد ما تحلم فيها بعد».
في ميزان حزب الله، أضرار خروج التيار من الحكومة تفوق فائدته


في موازاة ذلك، اتخذ التيار الوطني الحر قراره بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة ويفترض أن يعلن وزير الخارجية جبران باسيل ذدلك خلال مؤتمر يعقده في ميرنا الشالوحي السادسة مساء اليوم. ووفق مصادر التيار، «اتخذ القرار بعد عملية كر وفر طويلة بينهم وبين الحريري، خلصت الى تأكيد المؤكد لديهم، بأن الحريري ليس أهل ثقة بعد اليوم وغير مؤهل لادارة حكومة انقاذية للبلد». لذلك، «سيعمد التيار الى تركه يؤلف الحكومة التي يريدها منفردا ووفق التوجيهات الأميركية». ويرى العونيون أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الانهيار ولا يطمحون ليكونوا شركاء فيها لسبب رئيسي أنهم لم يكونوا يومها جزءاً من النظام الاقتصادي الذي أدى الى ما يحصل حاليا. ويفترض بقرار الانضمام الى المعارضة تحت عنوان «التضحية من أجل خلاص البلد طالما يصعب تشكيل حكومة بوجود باسيل فيها»، أن يحسن وسائل تواصل التيار مع جمهوره الحالي وذلك الذي خسره تباعا خلال السنوات الماضية». التيار الوطني الحر أبلغ حزب الله بموقفه النهائي وأبدى تمسكا به رغم محاولات الحزب ثنيه عن الأمر. ففي ميزان الحزب أضرار هذا العمل تفوق فائدته بمعزل عن احترامه لخيار حليفه. وما الخروج من الحكومة اليوم سوى ضربة إضافية للعهد، اذ كيف يمكن رئيس الجمهورية ميشال عون، مؤسس التيار ورئيسه السابق، أن يكون على رأس الحكم فيما تياره في المعارضة؟