تحت عنوان «حماية الشركات الخاصة يلي هي مصدر التمويل الوحيد للبلد وحماية لمئات الآلاف من موظفينا»، نظمت مجموعة «أنا خط أحمر» نشاطاً في مبنى السينما في وسط بيروت المعروف بـ«البيضة» لحثّ شركات القطاع الخاص على العصيان الضريبي. صاحب المجموعة يُدعى وضاح الصادق وهو في الوقت عينه صاحب شركة «ITS» للإعلانات. بدأ النشاط بكلمة لصادق يوضح فيها أن القطاع الخاص أو «نحن» كما قال، «ندفع 75% من عائدات الدولة التي تصرف كرواتب لموظفي القطاع العام. والجزء الثاني لمشاريع إنمائية بعضها يُنفذ والبعض الآخر لا يُنفذ. وفي جميع الأحوال كلها عم ينسرق». يصرخ: «نحن الثورة ونحن الخط الأحمر» ثم يعاتب النقابات والهيئات الاقتصادية على دعم السياسيين. منذ مدة ليست ببعيدة كانت شركة الصادق، الثائر إياه، تنظم بالتعاون مع جمعية «Beasts» حفل رأس السنة في وسط بيروت. يومها قبضت الجمعية مليون دولار من بلدية بيروت، وأثيرت فضيحة حول الموضوع بما تضمنه من هدر لأموال سكان العاصمة. ذهب نحو 400 ألف دولار من هذه الأموال إلى شركة وضاح الصادق وزميله عزت قريطم (منظم غالبية مهرجانات تيار المستقبل). قبيل ذلك بعام أيضاً، كلف رئيس الحكومة سعد الحريري الصادق وقريطم تنظيم حفل رأس السنة (2018) في ساحة مجلس النواب. في أيار 2017، نظمت شركة «Beasts» بالتعاون مع الصادق وقريطم ودعم مالي من بلدية بيروت ورعاية من الحريري، عرضاً لسيارات الفورمولا على واجهة بيروت البحرية. ومنذ بضعة أشهر، نظمت إحدى الشركات التي يملكها مقرّب من الحريري، وبرعاية بلدية بيروت طبعاً، حفل افتتاح شارع أوروغواي. درغام كلف يومها شركة Its إدارة الاتصالات الإعلامية. في الواقع لم يبرز اسم الصادق في الأعوام الأخيرة، بل بدأ مسيرته مع رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، في إطار العلاقات العامة والحملات الإعلانية. وبعد اغتيال الحريري، عمل الصادق في الحملات الإعلانية لفريق 14 آذار، وفق أصدقائه، بدعم من «عرّابه ووالده الروحي (النائب السابق) سليم دياب (وهو الوصف الذي أطلقه الصادق على النائب البيروتي السابق، في مقابلة مع مجلة «الاقتصاد») وهو كان من أهم مستشاري سعد الحريري في تلك الحقبة. ودياب هو من أدخل الصادق الى «قناة المستقبل»، كما يقول الأخير في المقابلة التي أجريت معه في عام 2016، ليتسلم بعدها منصب مدير قسم الرياضة. ويشير المقربون منه إلى أن علاقته بالحريري الابن تشهد صعوداً ونزولاً منذ عام 2009 عند عمله في حملة تيار المستقبل الإعلانية للانتخابات النيابية، إذ ساهم بعض من في فريق الحريري بإبعاده عنه وصولاً إلى «الامتناع عن دفع أتعابه له». لكن يبدو أن العلاقة ما لبثت أن عادت إلى قواعدها السعيدة في ما بعد، وعاد الصادق إلى تنظيم نشاطات ومهرجانات في بيروت. يذهب البعض إلى القول بأن غالبية حملات «أهل السلطة» الإعلانية ومن يدور في فلكهم، تلزّم لشركة ITS. بموازاة ذلك، يعمل الصادق وشريكه عزت قريطم (يقيم في السعودية اليوم) في عدد من بلدان الخليج وأبرزها السعودية على مشاريع بالتنسيق مع تركي آل شيخ، المستشار في الديوان الملكي، ومسؤول «الترفيه» المحسوب على ولي العهد محمد بن سلمان.إذاً وضاح الصادق هو «واحد منّن»، وأحد المتسلقين على «الثورة والثوار» لمصالحه الشخصية. ولا يمكن استبعاد المصالح السياسية لتياره («المستقبل») في هذا المضمار. الصادق يدخل في خانة المستفيدين من السلطة السياسية الحاكمة وأموال الناس التي تُصرف على مهرجانات سياسية ونشاطات تنفيعية بغية إيجاد مسوّغ قانوني لهدر الأموال. لكنه اليوم يعلنها ثورة ويضع نفسه في تصرّف المواطنين والعمال. ثورة على من تحديداً؟ على السلطة السياسية. السلطة التي استفاد منها طوال عقود. السلطة التي سبّب نموذجها الاقتصادي الانهيار الذي تشهده حالياً جميع القطاعات بما فيها أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة.
شركة الصادق عملت مع «بيستس» التي أغدقت عليها بلدية بيروت أموالاً طائلة

أراد الصادق بكل وقاحة استغلال صرخة هذه الشركات بالأمس وأخذها نحو العصيان الضريبي، علماً بأن شيطنة الضرائب هي السمة الغالبة لخطاب كبار رجال الأعمال، من وزن الصادق ورفاقه. أليست الانتفاضة على أمثال الصادق ومن يمثلهم وعرابيهم السياسيين؟ ألم تكن شرارة الانتفاضة هي الفساد المالي والإداري والتنفيعي الذي أرهق المواطنين وأفقرهم؟ والسؤال الرئيسي هنا: من أين بنى الصادق «امبراطوريته» الإعلانية وكيف استفاد من علاقاته السياسية التي وفّرها له النظام؟ من يعرف الأخير من مجموعات الحراك الموجودة في الشارع سارع منذ بداية الانتفاضة إلى إدارة ظهره له ورفض عروضه المتكررة بتقديم «صوتيات» ومسرح لهم. لم ينجح في إيجاد مكان فعلي وسطهم للعب دور ريادي، فكان أن استدار نحو الشركات الخاصة مستخدماً أوجاع الموظفين الحقيقية ومعاناة بعض الشركات في محاولة لترسيخ دور له في الساحات. وقد ثبت بالأمس ذلك. فالنشاط يفتقد إلى أي معايير تنظيمية، ويبدو أن منفذيه كانوا يسعون لجسّ نبض الشركات وحجم التجاوب معهم، إذ يدعو الصادق وأحد المنظمين المشاركين معه (سمير صليبا، صاحب شركة «مايك سبورتس») إلى الامتناع عن دفع الضرائب ومن ضمنها الضريبة على الأرباح وضريبة الدخل أو رسوم الضمان الاجتماعي أو الضريبة المالية. وعندما يُسأل عن آلية التنفيذ يجيب أن تجمع رجال الأعمال الذي أسّسوه والذي يضم نحو 500 شركة في صدد تشكيل لجنة قانونية للبحث في هذه الأمور، طالباً من أصحاب الشركات الموجودين تسجيل أسمائهم للتواصل معهم...