«وزير الاتصالات في الحكومة المستقيلة محمد شقير يراوغ»، تتردد الجملة على ألسنة موظفي «الفا» و«تانش» المعتصمين أمام مبنى «تاتش» في رياض الصلح، والذي اشتراه شقير بسعر يفوق 100 مليون دولار. يقف الوزير اليوم عائقا اليوم أمام حصول هؤلاء على أدنى حقوقهم التي اكتسبوها نتيجة عقد عمل قانوني. لا أحد يدري لماذا أعطى الوزير منذ يومين موافقته الضمنية على عقد العمل الجماعي لموظفي الشركتين المعدّل بفقرة صغيرة تتيح حماية الموظفين في حال خصخصة الشركتين، ثم عاد ليرفضه ويرسل عقد العام 2013 الذي لا يتضمن هذه الفقرة مجددا. حجة شقير أن هذه الفقرة بحاجة الى قرار في مجلس الوزراء، وهو ما لا يصدقه المعتصمون لاعتقادهم بأن شقير «يشتري الوقت الى حين تشكيل حكومة جديدة حتى يرمي الملف على طاولة الوزير الجديد». ومعلوم أن خصخصة الشركتين مطروح ضمن مشاريع «سيدر» المتعلقة بقطاع الاتصالات، وعليه يتوقع الموظفون أن يتم صرف نصفهم على الأقل في حال جرى ذلك. ويربط البعض بين الشرط الفرنسي وبين لائحة «فائض الأسماء» التي طلبها الوزير منذ عامين.
(مروان طحطح)

منذ الحادية عشرة من صباح أمس، حضر موظفو «تاتش» بكثافة للاعتصام أمام المبنى، وانضم اليهم موظفو «ألفا» الذين جاؤوا في حافلتين كبيرتين. هموم الموظفين في الشركتين نفسها، وإن كان موظفو «ألفا» أكثر قلقاً بعد تعيين شقير مدير شركة جديداً موازياً للمدير الأصلي «براتب عشرين مليون ليرة شهرياً» على ما يقولون. «الخطير في الأمر أن عقد مروان حايك شارف على الانتهاء وبالتالي يحل الأخير تلقائيا مكانه. بذلك يقبض تيار المستقبل على الشركتين، الأمر الذي يسهل اتخاذ قرار الخصخصة وصرف الموظفين تماشيا مع الطلبات الدولية»، يقول أحدهم.
يمسك نقيب موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخليوي في لبنان شربل النوار الميكروفون ليعلن رسميا رفض شقير توقيع العقد الجديد، ويخيّر المعتصمين بين البقاء في أماكنهم أو «النزول الى الوزارة». ترتفع الأيادي تأييدا للخيار الثاني قبل أن يصطدموا بالأسلاك الشائكة، فيعودوا أدراجهم. المشكلة الرئيسية هنا تكمن في «عدم التزام وزير الاتصالات بأقواله»، بحسب مصادر النقابة. والحصيلة نحو أربعة أشهر من الأخذ والردّ؛ «نجتمع به فنتفق على أمر ما، وبعد يومين يطلب عكسه. وهكذا دواليك». حتى في حال وافق شقير على العقد القديم، يبقى تفصيل مهم لا زال الوزير يحاول الالتفاف عليه. اذ يستحيل تنفيذ بنود العقد خصوصا ذاك المتعلق بالموافقة على صرف ميزانية الشركة من دون موافقة الوزير. ولغاية أمس، لم يكن شقير قد وقع على هذا التفصيل، ما يعني عدم امكانية صرف أي سنت. أرادت النقابة تطمينات فلم تحصل عليها. رغم ذلك، برز رأيان خلال الاعتصام، أحدهما يرى في توقيع العقد القديم بادرة ايجابية يجب ان تستتبع بالخروج من الشارع، وآخر يصر على التمسك بالعقد الجديد الذي يؤمن حماية وظيفية لأن التراجع سيجر المزيد من التنازلات.
موظفو «ألفا» أكثر قلقاً بعد تعيين شقير مديراً تابعاً للمستقبل موازياً للمدير الذي تشارف ولايته على الانتهاء


في موازاة هذه المطالب، تحدث البعض عن القرار الأخير للقاضية زلفا الحسن الذي يلزم شركتي الخلوي باصدار كل فواتير الهواتف الثابتة والمسبقة الدفع بالليرة اللبنانية. وباعتقادهم أن هذا الاجراء سيؤدي الى تقاضيهم رواتبهم بالليرة، ما يوازي خسارة 40% من مجمل الراتب. تتدخل احداهن لطمأنة زملائها مؤكدة أن الراتب المستحق لهم وفق العقد بالدولار أو ما يعادله بالليرة. فيما تشير مصادر النقابة الى أنها في صدد استئناف هذا القرار. لكن الأولوية اليوم لانهاء المعركة الأولى أي توقيع العقد .
النقابة عقدت اجتماعا مساء امس اتخذت إثره قرارا بتعليق الاضراب من منطلق ابداء حسن النية لأنها اعتبرت انها «حققت انجازا يتمثل في موافقة الوزارة على تجديد عقد العمل الجماعي عبر الايعاز الى شركتي الاتصالات بالتوقيع عليه». ورأت ان العقد يحفظ «حقوق الموظفين لجهة الطبابة وبدل التعليم والاهم انه يعطي الادارة حجة قانونية لخوض معركة استعادة المكتسبات». لكن العاملين لم يطمئنوا لقرار النقابة خصوصاً انها ليست المرة الاولى التي تجري فيها طمأنتهم والسير عكس ذلك.