سلك ملف الفساد والهدر المالي في بلدة القرقف العكارية مساره القانوني مع إحالة وزارة الداخلية والبلديات رئيس البلدية يحيى الرفاعي الى النيابة العامة التمييزية، التي ادّعت على كل من يظهره التحقيق في هذا الملف. ومن شأن الإحالة فتح تحقيق في شكاوى متكررة سطّرها عدد من أبناء البلدة منذ عام 2012 ضد الرفاعي، متّهمين إياه بالتعدّي على الأملاك العامة، وتحويل 10 عقارات من ملك جمهوري الى ملك بلدي من دون موافقة مجلس الوزراء كما تقتضي القوانين، ومن ثم بيعها الى أهالي البلدات المجاورة (وادي الجاموس، ببنين، طرابلس...) الذين شيّدوا أكثر من 150 منزلاً فوقها (راجع الأخبار الإثنين 17 حزيران 2019)، فضلاً عن شكاوى تطلب التحقيق في أسباب «كسبه المادي بصورة فاحشة» و«مخالفته للقوانين ولأحكام مجلس شورى الدولة لأهداف سياسية وحسابات خاصة»، تحديداً في قضية شرطي البلدية وسام الرفاعي الذي فصله رئيس البلدية من عمله عام 2013، ولم ينفّذ قرارات قضائية طلبت إعادته الى عمله. ومعلوم أن الرفاعي يحظى بدعم تيار المستقبل، ما كان يحول دون مساءلته. لكنّ تفاقم الخلافات بينه وبين عدد من أبناء البلدة، والتي بلغت حدّ التهديد بالقتل وإحراق سيارات (راجع الأخبار الأربعاء 3 تموز 2019)، أدّى الى إحراج التيار في الاستمرار في تغطية مخالفاته ليحال الى النيابة العامة.
وشكل الخبر بارقة أمل في فتح ثغرة في ملف فساد عدد كبير من رؤساء بلديات عكار (السابقين والحاليين) الذين دأبوا، على مدار أعوام، على هدر المال العام وبيع المشاعات من دون أي مساءلة، بسبب الغطاء السياسي الذي يوفره تيار المستقبل لهم، علماً بأن هناك عشرات الدعاوى ضد رؤساء بلديات تكريت (رشدي الترك) ورحبة (سجيع عطية) وبرقايل (سمير شرف الدين) وعيات (خالد عبدو أحمد) ووادي خالد (نور الدين أحمد) وعين الذهب (أحمد مرعي) وعيون الغزلان (علاء الدين المرعبي)، إضافة الى بلديات أخرى بقيت طوال سنوات من دون أي محاسبة.
أمل بأن تكون الإحالة فاتحة لإحالات رؤساء بلديات آخرين


مصادر مطّلعة لفتت إلى أن «بلديات عكار واتحاداتها تتقاضى سنوياً أموالاً طائلة من الصندوق البلدي المستقل، والأموال المخصصة من عائدات الخلوي، وتقاضت عام 2016 نحو 16 مليون دولار من الهيئة العليا للإغاثة وُزّعت على تسعة اتحادات، الأمر الذي كان كفيلاً بإحداث نقلة نوعية في المحافظة، إلا أن كل هذه الأموال تبخّرت مع انتهاء الحملة الانتخابية للمجالس البلدية في العام نفسه، ولم تبصر المشاريع الإنمائية النور، وساءت الأمور إلى حدّ أن بعض هذه البلديات غير قادر على جمع النفايات من الطرق العامة»، وأوضحت أن الاتحادات تعمد الى توزيع الأموال التي تدخل صناديقها بالتراضي على البلديات، ما يؤدي الى مزيد من الهدر بدل القيام بمشاريع إنمائية مشتركة.