يوم الثلاثاء الماضي، تسلّم وزير المهجرين غسان عطالله ملاحظات وزراء حزب القوات اللبنانية على خطته. تفاصيل الورقة وأسئلتها تشير الى أن الملاحظات تأتي حصراً من باب المناكفة، وحتى لا يسجّل إنجاز إقفال الوزارة ودفع تعويضات من تبقّى من المهجرين في رصيد وزير عوني. الملاحظات القواتية أُتبعت، أمس، بتقديم وزير التربية أكرم شهيب ملاحظات الحزب التقدمي الاشتراكي على الخطة نفسها. علماً أنه «من المفترض، اقله حياء، أن يكون القوات والاشتراكي الطرفين المهرولين وراء اقفال ملف المهجرين الذي نشأ جرّاء ما اقترفاه لمحو الذكرى ولو جزئيا من الذاكرة. لكن يبدو أنهما يتعمدان عرقلة الملف بعد 26 عاما من التأجيل»، وفق ما يقول عطالله لـ«الأخبار».
عطالله: هل قرأ وزراء القوات خطة الوزارة؟ (هيثم الموسوي)

بعض الأسئلة والملاحظات في الورقة القواتية يدفع عطالله الى السؤال عما إذا كان هؤلاء قد قرأوا الورقة من أساسها! إذ تبدي النقطة الأولى خشيتها على صلاحيات رئيس صندوق المهجرين من باب «الشفافية والعدالة والمساواة ومنع التنفيعات». علماً أن الصندوق التابع لرئاسة الحكومة أنشىء كرديف للوزارة ولحصر دفع الأموال بيد رئيس الحكومة. ويملك رئيس الصندوق صلاحية الدفع لأي ملف من دون العودة الى الوزير، وهو ما أشعل خلافا عام 1999 بين رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط. في الصندوق اليوم، وفقا لعطالله، ملفات جاهزة للدفع بقيمة 424 مليار ليرة، وهي «تتضمن الكثير من الأخطاء والطلبات المزدوجة وبحاجة لمراجعة دقيقة. لذلك طلبنا، قبل دفع أي جدول، اجراء تدقيق من الوزارة والصندوق مرفق بتوقيع الطرفين، وهي الطريقة التي اعتمدناها بنجاح في ملف الاخلاءات. والغريب أن تعارض القوات بحجة الشفافية والمساواة فيما التفرد بالتوقيع هو الذي يضرب هذين المطلبين!».
في النقطة الثانية تشكك الورقة في إمكان إقفال الوزارة خلال ثلاث سنوات، وذلك اعتماداً على «عملية حسابية». إذ أن «هناك 112 ألف طلب فيما عدد الموظفين لا يسمح بإصدار أكثر من 450 شيكاً اسبوعياً، أي 21 ألف و600 شيك سنوياً»، وبالتالي الوزارة بحاجة الى أكثر من 5 سنوات لإنهاء عملها. يسأل عطالله، تعليقاً على ذلك، إلى ماذا استندت الورقة لتقرر عدم قدرة الموظف على توقيع عدد معين من الشيكات؟ أما النقطة الثالثة فاتهمت المدير العام للوزارة أحمد محمود (تابع للحزب الاشتراكي ويشغل هذا المنصب منذ 17 عاما) باستقبال طلبات جديدة ومنحها أرقام طلبات قديمة. علما أن عطالله أورد في خطته أن القرار 1534/2/ص الصادر بتاريخ 1/1/2011 ينص على وقف قبول طلبات جديدة وبالتالي «لا قدرة لأحد على القيام بذلك». وتشير النقطة الرابعة الى أن «تحديد نسبة الترميم المنجز بـ25% عالية جدا»، وتسأل عن طريقة التدقيق بهذه الأعمال «خصوصا في ما خصّ 15 بيتاً في دير القمر التي لم تتضرر في الحرب». يرد عطالله مؤكداً «أنني في جدول الخطة التي تقدمت بها، وضعت صفراً الى جانب الترميم المنجز، ولم ألحظه ضمن مصاريف الخطة لاقتناعي بوجوب الغائه. ووضعت ملاحظة الى جانبه تقول إن هذا البند يضم نسبة عالية من الملفات غير المحقة التي تستدعي اما حصر معالجة الملفات بتلك التي ترفق بكشوفات ميدانية أو الغاء البند بقرار من مجلس الوزراء مجتمعا. مرة اخرى أنصح القوات بقراءة الخطة ثم انتقادها حرصا على مصداقيتهم».
يفترض بالقوات والاشتراكي السعي وراء اقفال الملف الذي نشأ جرّاء ما اقترفاه


تسأل القوات في النقطة الخامسة عن «تعريف مفهوم الضحايا وأين سقطوا»، وتستوضح كيفية التعويض على أهالي بحمدون أسوة بأهالي بيصور نظرا لتشابه الظروف والأحداث. ويشير عطالله الى أنه «تبين لنا أن تعويض الضحايا يدفع فقط لقرى المصالحة فيما هناك قرى قدمت شهداء لكن لم تشملها التعويضات ولا الاستثناءات التي قام بها وزراء الحزب الاشتراكي المتعاقبون. في بحمدون حصلت جريمة في ايلول من 1983 ذهب ضحيتها 350 مواطنا في يوم واحد. أتمنى على القوات والاشتراكي ايضاح الأسباب التي تدفعهم الى حرمان هؤلاء من حقهم». في النقطة السادسة يطلب وزراء معراب أن يتولى صندوق المهجرين إجراء مناقصة رفع الأنقاض، في حين يؤكد الوزير أن «العمل برفع الأنقاض توقف منذ 19 عاما، وقد أوردنا في الخطة أنه مقفل». في النقطة السابعة، محاسبة مسبقة على النيات، إذ تؤكد «أن أكثرية الذين يقبضون دفعة أولى لن يبنوا في قراهم فكيف سيتم تحديد الدفعة الثانية». يعيد عطالله وزراء القوات الى الخطة التي «تورد مجموعة شروط للحصول على الدفعة الثانية، أهمها أن يكون المهجر قد أنجز حدّاً أدنى من البناء». ما الهدف اذا من انتقاد الخطة؟ يجيب عطالله: «ربما منع عودة المهجرين وعدم انجازنا لملف حساس يضمد جراح آلاف أهالي وشهداء حرب الجبل، فلطالما نادت القوات باجلاء المسيحيين صوب كسروان»!