كُلما أراد النائب السابِق وليد جنبلاط شيئاً ولم يصِله، يلجأ الى رئيس مجلس النواب نبيه بري. هذا الأمر باتَ يفهمه الأخير. فلا يتأخر عن المبادرة، حتى إذا لم يطلُبها رئيس الحزب الاشتراكي بشكل مباشر. وهذا ما يُمكن استخلاصه، من مواقف عديدة وتّرت علاقة جنبلاط بحزب الله، وتدخلت عين التينة لحلّها. ليسَ أولها تجميد العلاقة بين حارة حريك وكليمنصو رداً على موقف جنبلاط من معمل عين دارة للاسمنت (الذي يملكه آل فتوش) وإلغاء الوزير وائل أبو فاعور قرار الوزير السابق حسين الحاج حسن الذي منح الترخيص للمعمل، ولم يكُن آخرها أيضاً. يومها، قصد الوزير السابِق غازي العريضي عين التينة للقاء بري، وهو نفسه الذي كان يتولى التواصل مع الحزب لتحسين العلاقة بين الطرفين، ثم تبلّغ إلغاء لقاء كان من المفترض أن يحصل بين جنبلاط والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل. وبالتزامن مع محاولة بري والعريضي حياكة الحلّ، أخذ الخلاف منحى آخر، بسبب تغريدة جنبلاطية تشكّك بلبنانية مزارع شبعا، لكنّه ما لبثَ أن انتهى «بجَمعةٍ» عند الرئيس بري بين وفدَي الحزب والاشتراكي. واللقاء وإن لم يكُن «وردياً»، لكن أقلّه أوجدَ صيغة ملائمة للخروج من القطيعة، قبل أن يعود وينفجِر الخلاف إثر حادثة «قبرشمون» (30 حزيران). إبان الأزمة السياسية التي نجمت عن هذه الحادثة، حاول جنبلاط اقتناص الفرصة. اشترط أن يكون لحزب الله ممثل في أي لقاء مصالحة يحصل مع رئيس الجمهورية والوزير طلال أرسلان. ظلّ مُصراً على تصوير الحزب كأنه جزء من المشكلة، لتثبيت ما سعى الى ترويجه بأن كل ما يحصل هو محاولة من حزب الله وسوريا لتحجيمه وإنهاء دوره السياسي. إلا أن الحزب رفَض ذلك، على اعتبار أنه «خارج كل هذه القصة» بخلاف كل الكلام والاتهامات التي تساق ضده. مع ذلك، لم تتوقف مبادرات بري لإعادة وصل ما انقطع، ولم يرفض الحزب مثل هذه المبادرة، لكن بشرط أن يسبق أي لقاء «إجراء المصالحة بين جنبلاط ورئيس الجمهورية والوزير أرسلان»، انطلاقاً من «عدم تخطّي الأخير وإحراجه أو مساعدة جنبلاط على تهميشه». ومنذ إتمام المصالحة، عادَ برّي وتحرّك في اتجاه تحريك هذا الملف، إلا أن فترة الأعياد، ومن ثم التطور الأمني المتمثل بالاعتداء الإسرائيلي في الضاحية، ومن بعده ردّ المقاومة، أجّلت اللقاء الذي سينعقد اليوم في عين التينة بين وفد الاشتراكي ووفد حزب الله برعاية الرئيس برّي.
كان يفترض أن يعقد اللقاء بعد مصالحة بعبدا، لكنه تأجّل نتيجة التطورات الأمنية


هذا اللقاء الذي لن يفتح بالضرورة صفحة جديدة بين الطرفين، لكنه بالتأكيد سيعيد إحياء قنوات التواصل بينهما، وإن لم تكُن بالوتيرة نفسها التي سبقت الخلافات. مع ذلك، بدأ الحزب الاشتراكي بتفسير موافقة الحزب على عقد لقاء «مصالحة» بأنه «اعتراف بقوة جنبلاط العصيّة على الكسر، واقتناع بأنه الطرف الأقوى في الطائفة الدرزية بعدما حاول البعض تضليل الحزب بوقائع غير دقيقة عن البيئة الدرزية». إنما من وجهة نظر الطرف الآخر، فهو ليس مُصالحة، بقدر ما هو لقاء لتهدئة الوضع وتجنب الصراع مع أي طرف داخلي لبناني في ظل الأزمات التي تعيشها البلاد.