داخل الحزب السوري القومي الاجتماعي، حراك حزبي لا مثيل له في بقية الأحزاب اللبنانية. حتى الرجل الذي «يُتهم» بأنه القابض على الحزب، رئيس المجلس الأعلى النائب أسعد حردان، يخرج من الفريق الحزبي المحسوب عليه، أفرادٌ «يجرؤون» على رفع الصوت، مُطالبين بتغيير طريقة العمل السائدة. آخر التطورات القومية، جرت على مرحلتين، يومي الثلاثاء وأمس:الخطوة الأولى أدّت إلى تقديم عضو المجلس الأعلى عصام بيطار طعناً لدى المحكمة الحزبية، اعتراضاً على الانتخابات الرئاسية، ووصول فارس سعد إلى الرئاسة. فالأخير انتُخب في 6 تموز، بحصوله على 9 أصوات، وورقتين بيضاوين، ومقاطعة 6 أعضاء («الأخبار»، عدد 8 تموز 2019). النقاط التي ارتكز عليها الطعن، ثلاث:
ــــ أعضاء المجلس الأعلى: بشرى مسوح، عصام بيطار، كمال نابلسي وحسام عسراوي، لم يُبلغوا بالجلسة الثانية لانتخاب الرئيس.
ــــ أثناء الدعوة الى جلسة ثانية، حصل جدل حول دستورية الدعوة لجلسة ثانية، وكان الحسم يتطلب حضور ثلثي أعضاء المجلس الأعلى، أي 12 عضو،اً فيما لم يتخطّ عدد الحاضرين الـ ١١ عضواً.
ــــ لوحظ تعمّد الدعوة الى جلسة ثانية بعد ثلاث ساعات من الدعوة الى الجلسة الأولى، رغم العلم بأنّ بشرى مسوح أرادت حضور الجلسة، ولم تتمكن من ذلك (عدم السماح لها بعبور الحدود السورية ــــ اللبنانية). كان المجلس الأعلى على علم بذلك، وبأنها اضطرت إلى الانتظار أكثر من ساعتين على الحدود. لا يحق للمجلس الأعلى حرمان أي عضو منتخب من ممارسة حقه الدستوري، وهذا يشكل مخالفة دستورية واضحة.
اشترط الناشف عدم حضور حردان التسليم والتسلم مع سعد، وهو ما حصل


أما الخطوة الثانية، فجرت خلال جلسة المجلس الأعلى أمس. توفيق مهنا، حسام عسراوي، كمال النابلسي وعصام بيطار، قدموا مداخلات أعلنوا فيها تقدمهم باستقالاتهم من المجلس الأعلى. وإضافة إلى المجلس الأعلى، استقال مهنا من منصبه كناموس (أمين سر) للمجلس الأعلى، والنابلسي استقال أيضاً من رئاسة المكتب السياسي «القومي».
الاستقالات الجديدة، تُضاف إلى استقالات أعضاء المجلس الأعلى: أنطون خليل، غسان الأشقر، بشرى مسوح، عبد الكريم عبد الرحمن (استقال معهم الرئيس الأسبق لـ«القومي»، الراحل جبران عريجي). ومن المتوقع، أن يشهد الأسبوع المقبل تصعيداً قومياً داخل المجلس الأعلى، للضغط على حردان لتلاوة الاستقالات. التجارب السابقة مع حردان تُفيد إما بتراجع المستقيلين عن استقالاتهم، أو بمماطلة رئيس المجلس الأعلى، ورفضه تلاوة الاستقالات. إذا تبدلت المعادلة هذه المرة، فيعني ذلك اعتبار المجلس الأعلى بحُكم المستقيل، ما يعني انتخاب المجلس القومي الحالي (المنُتخب خلال المؤتمر العام في الـ 2016)، لمجلس أعلى جديد.
وقد أوضح أعضاءٌ في المجلس الأعلى لحردان، أنّ التطورات ليست موجهة ضد شخصه، وخاصة أنهم شكلوا معه فريق عمل واحداً لسنوات طويلة، بل ضدّ أسلوب العمل داخل المؤسسات الحزبية.
على صعيد آخر، جرى يوم الثلاثاء التسليم والتسلم بين الرئيس السابق للحزب حنا الناشف والرئيس الجديد فارس سعد. وبحسب مصادر قومية، اشترط الناشف عدم حضور حردان للمناسبة الحزبية، وإلا فإنّه لن يُسلّم خلفه. تصعيد الناشف بوجه حردان، سببه أنّ استقالة الناشف جاءت بضغط من نائب مرجعيون ــــ حاصبيا الذي خيّر رئيسه بين الاستقالة أو الإقالة، بعدما اختلفا حول تغييرات في مجلس العُمد. النتيجة كانت غياب حردان عن مناسبة التسليم والتسلم.