لا تزال البلاد تسير على إيقاع حادثة قبرشمون. فبعد أسبوعٍ على زيارة الوزير جبران باسيل إلى عاليه، والاشتباك المُسلح بين موكب الوزير صالح الغريب ومناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي، تسبّب باستشهاد مرافقَي الغريب سامر أبي فراج ورامي سلمان، وإصابة شاب محسوب على «التقدمي» بجروح، لم تجد القوى السياسية الرئيسية طريقةً للخروج من مستنقع الأزمة. ربما يكون «الأدق»، أنها تؤخر إيجاد الحلّ، حتى تنتفي قدرتها على «استثمار» ما حصل، في السياسة. وإلى ذلك الحين، وحتى حسم إذا ما كانت الجريمة ستُحال على المجلس العدلي أم لا، وبانتظار نتائج مسعى رئيس مجلس النواب نبيه برّي لمصالحة وزراء تكتل لبنان القوي ووزراء التقدمي الاشتراكي، سيبقى مجلس الوزراء مُعطّلاً. فحتى ساعات متأخرة من ليل أمس، كانت كلّ الاتصالات السياسية بين القوى الرئيسية تُشير إلى أنّه لا جلسة للحكومة هذا الأسبوع. فرئيس الحكومة سعد الحريري، وكعادته في الظروف الطارئة، يُغادر البلاد. 48 ساعة، سيُمضيها الحريري خارجاً، في «زيارة شخصية». أما وزير الخارجية والمغتربين، فمُستمر في جولاته المناطقية، وفي تصعيد مواقفه ضدّ أخصامه السياسيين. الوزير طلال أرسلان مُتمسك بإحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي، مدعوماً من حزب الله، فيما يرفض النائب السابق وليد جنبلاط ذلك، مُعبّراً أمس على «تويتر»: «نحن لسنا قطّاع طرق». شدّ الحبال سيكون له انعكاس على السلطة التنفيذية، وقد قال النائب ألان عون أمس صراحةً أنّ «الحكومة باتت مرتبطة بمعالجة تداعيات حادثة ​قبرشمون​، لا سيما بالنسبة إلى المسار المتعلق بتسليم المطلوبين»، موضحاً أنّه «لا نريد نقل الواقع المتفجر إلى طاولة مجلس الوزراء». ونقل تلفزيون المستقبل عن «مصادر متابعة ومعنية»، أنّ الحريري سيجري بداية الأسبوع اتصالات «من المنتظر أن تتواكب مع خطوات معينة في اتجاه الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء».ما حصل في قبرشمون جريمة كبيرة، سقط فيها ضحايا، وكادت الأمور تتطور ليلتها إلى مستوى مُتقدّم من الفتنة. ولكن أسلوب تعامل الكتل الوزارية الفاعلة معها، بات يتخطى بُعدها الجنائي، إلى مقاربتها على قاعدة إحصاء الخسائر والأرباح السياسية، من دون إقامة اعتبار للوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد الآخر، علماً بأنّ من المنتظر أن تنتهي لجنة المال والموازنة من دراسة مشروع موازنة 2019، هذا الأسبوع.
باسيل: كلّ مرة يجري الكلام عن خطر التوطين، يظهر معه خطر التقسيم


على صعيدٍ آخر، لا تزال المواجهة المباشرة بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية قائمة. فبعد حديث باسيل، من طرابلس يوم السبت، وإشارته إلى قيام القوات اللبنانية باغتيال رئيس الحكومة رشيد كرامي، ردّ أمس رئيس «القوات» سمير جعجع، مُعتبراً أنّه «كي يزول التشنج في البلد، يجب أن يزول الخطاب الذي يتسبب به باسيل. ما لحقنا خلصنا من الجبل، زار باسيل طرابلس، ولم أفهم مغزى كلمة من خطابه أو محلها من الإعراب. لم يتكلم بالوضع الحالي ولا عن المشاريع التي ينوي تكتله أن يتقدم بها، التكتل الأكبر في الوقت الحالي. أعادنا 50 عاماً إلى الوراء، يطرح الأمور بقلب أسود، ويشنج الأجواء من جديد».
أما باسيل، فقال خلال عشاء هيئة قضاء زغرتا في التيار الوطني الحرّ: «نحن لسنا أقل من مشروع وحدة لبنان مقابل تقسيمه، نحن اليوم أمام لبنان الكبير مقابل لبنان الكانتونات (...) نحن أصحاب مشروع اقتصادي قائم على النتاجية النوعية، وليس لدينا أي عقدة بأن نلتقي مع اي شخص يمكنه أن يواكبنا». وربط باسيل بين الخلافات الداخلية و«صفقة القرن»، فنبّه من أنّه كلّ مرة «يتم الكلام عن خطر التوطين من جهة، يظهر معه خطر التقسيم من جهة أخرى. الاشارة تأتي من الخارج بمشروع يقول أصحابه إنّ الفلسطينيين ليس لهم حق العودة وسيبقون في المكان الموجودين فيه، عندما تأتي الاشارة من الخارج، تأتي الإشارة من الداخل بكلام تقسيمي بمحاولة عزل المناطق وتقسيم اللبنانيين في ما بينهم، التيار الوطني الحر يكسر كل الحواجز ولا يسمح لأحد بالتدخل في البلد. هذا هو مغزى معركتنا اليوم».