خطوة باسيل هدفها الأساسي، بسط سيطرته على مسار مجلس الوزراء، ولكنّها تحمل أبعاداً أخرى. فواحد من مآخذ رئيس «التيار»، على الدعوة إلى جلسة حكومية، أنها جرت قبل نزع فتيل الانفجار بين الوزيرين صالح الغريب وأكرم شهيب، والتوصل إلى حلّ لإشكال قبرشمون، ولا سيّما أنّه لم يكن خلافاً على أفضلية مرور، بل حادث إطلاق النار على موكب وزيرٍ، أدّى إلى وفاة اثنين من مرافقيه، وجرح الثالث، إضافةً إلى جرح شخص محسوب على الاشتراكيين. لذلك، كان «ضربَ جنون» الدعوةُ إلى جلسة، احتمال أن تُسهم في خلق المزيد من الحساسيات وتصعيد التوتر، مرتفع جدّاً. وفي هذا الإطار، تقول مصادر مطلعة في 8 آذار إنّ «الهدف من عدم حضور الجلسة لم يكُن التعطيل، بل الإنتظار إلى حين تنفيس الإحتقان، إذ ليس من المنطقي عقد جلسة والدم لا يزال على الأرض والقتلى لم يدفنوا». وأشارت المصادر لـ«الأخبار» إلى أنّ «القرار أتى بعد أن اتصل باسيل بالنائب طلال أرسلان الذي وافق على عدم الحضور، كذلك حزب الله الذي أيّد عدم عقد الجلسة منعاً لأي اصطدام بين الغريب وأكرم شهيب ووائل أبو فاعور، ولأن جنبلاط لم يكن بعد قد سلّم أياً من المطلوبين للأجهزة الأمنية». وأكدت المصادر أنّ ما حصل «لا يستهدف الحريري ولا صلاحياته، بل يُساعده لنزع فتيل التفجير من داخل مجلس الوزراء، حيث هناك نقطة حساسة وهي الخلاف على إحالة حادث الأحد على المجلس العدلي». على الرغم من ذلك، كان رئيس الحكومة «مستاءً جدّاً من طريقة تعامل باسيل معه»، بحسب ما تؤكد مصادره. وتُضيف أنّ الحريري «أظهر غضباً عارماً خلال تواصل بعض القوى السياسية معه». ولمّحت المصادر إلى أنّ باسيل، ربما كان يهدف من خلف تأجيل جلسة أمس «إلى عقد جلسة برئاسة عون في بعبدا، ربما للقول إنّ الأمر لبعبدا وله، في كل شيء». وتساءلت مصادر رئيس الحكومة إن كان باسيل «سيُقاطع الجلسة لو انعقدت برئاسة عون، بحجة أنه يريد تسجيل موقف مما حصل؟».
المفاوضات بشأن المسار الأمني لقضية قبرشمون، بدأه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في وقت كلفت فيه النيابة العامة التمييزية فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التحقيق. وكان الحريري قد أعلن أمس «تسليم بعض المطلوبين، كذلك ألقى الجيش القبض على مطلوبين آخرين، والقضاء سيأخذ كل الخطوات لمعاقبة من ارتكبوا هذه الجريمة»، مُبدياً ارتياحه «للتجاوب الكبير بين جميع الأفرقاء لحلّ المشكلة التي حصلت». وغرّد النائب السابق وليد جنبلاط أنه «وبعيداً عن هذا السيل من الهجمات والشتائم والتحريض، فإنّ الحزب الاشتراكي ليس فوق القانون، بل هو الذي طالب من اللحظة الاولى بالتحقيق. أتقدم بالتعزية من أهالي الضحايا، وأتمنى الشفاء للجرحى، وأُشيد بدور الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية كافة في تثبيت الأمن والاستقرار».
التيار الوطني الحرّ وفريق 8 آذار مصرّون على إحالة جريمة قبرشمون على المجلس العدلي. هدفهم إعطاء القضية بُعداً سياسياً، ويشددون على أنّهم لن يُشاركوا في أي جلسة حكومية، ما لم تُحل القضية على «العدلي». في المقابل، يرفض الاشتراكي هذا الأمر قطعاً، ويعتبر إحالة الجريمة على المجلس العدلي «مؤامرة علينا». إلا أنّ المُهم بالنسبة إلى الحريري، «هو الوصول إلى نتائج. فإذا تم تسليم المرتكبين، لماذا الذهاب إلى المجلس العدلي؟ لنكن منطقيين وعمليين ونعمل على خفض حدّة الخطاب السياسي. فما الذي قدّمته هذه المواجهات في الخطابات السياسية سوى الاحتقان وغيره مما يحصل في البلد؟ نعرف أن هناك مشكلة يجب إيجاد حلّ لها، ولا يظنن أحد أنّه في مكان ما، بإمكانه أن يضع فيتو عليّ. من يضع عليّ فيتو أضع عليه فيتوَين»، كما أعلن في المؤتمر الصحافي.
باسيل: سنستمر في سياسة الانفتاح وزيارة كل المناطق
أما بالنسبة إلى الجولات المناطقية، فاعتبر أنّ «بإمكان أي شخص أن يتحدث في أي مكان يختاره، أما ردّ فعل أهالي المنطقة حياله فهو مسؤول عنها. لكن الأمن خط أحمر بالنسبة إليّ». وفي هذا الإطار، وبعد ارتفاع أصوات عدّة معترضة على زيارة باسيل لطرابلس نهاية هذا الأسبوع، أعلن وزير الخارجية بعد اجتماع التكتل النيابي أمس، أنّه «سنستمر في سياسة الانفتاح وزيارة المناصرين واللبنانيين في كل المناطق ونمنع الفتنة في الوقت عينه، ونكشف بالطريقة اللازمة كما حصل في عاليه، كل من يريد إثارة الفتنة في لبنان ويمنعنا من التلاقي، نحن نمد يدنا وهو يمد علينا السلاح، سنكشفهم واحداً واحداً في كل منطقة، وهذه جولات نقوم بها ضمن برنامج في نهاية كل أسبوع ولم نستثنِ أي منطقة وشارفنا على الانتهاء، ولكن لا يعني ذلك أننا سنتوقف بل سنزور كل أسبوع منطقة ونشارك في النشاطات فيها، فنحن نعمل لكل اللبنانيين في كل المناطق». وأوضح باسيل أنّ الجولات في المناطق «واجب علينا لتعميق التلاقي مع اللبنانيين، لأننا نمنع الفتنة بالتلاقي»، مؤكداً أنّ محاولة «إيقاعنا في فتنة مسيحية - درزية، أمر لن يحصل مهما كان الثمن... على الأقل تعلمنا مما حدث قبلنا، ولن نسمح بحدوث هذا الأمر، أو أن يتعرض له الجبل أو أي منطقة في لبنان».
على صعيد آخر، استقبل الرئيس ميشال عون، وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي، مُشدّداً على أنّ لبنان متمسك بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم من دون انتظار الحلّ السياسي للأزمة السورية، ولا سيما أنّ القسم الأكبر من البلد بات مستقراً. وأكّد قدرة لبنان على التفاوض مباشرةً مع السلطات السورية، لاستمرار انسياب عودة النازحين، مستغرباً إصرار المجتمع الدولي على عدم المساهمة في هذه العودة، وعدم تجاوب الأمم المتحدة مع طلب لبنان تقديم مساعدات عينية للنازحين العائدين إلى بلادهم، وذلك بهدف تشجيعهم على العودة.