في وزارة الخارجية والمغتربين، أتمّ 11 دبلوماسياً، ينتمون إلى الفئة الأولى، مدّة خدمتهم القانونية في الخارج، المُحددة بعشر سنوات. السفراء الـ11 يجب أن يعودوا إلى الإدارة المركزية، لمدة سنتين أقله، كما هو مُحدد في قانون «الخارجية». ومن المفترض أن تشملهم التشكيلات الدبلوماسية التي يتمّ العمل عليها حالياً، وتتعلق بإعادة 20 دبلوماسيا من الخارج من الفئة الثانية (مدة خدمتهم ٧ سنوات) و14 من الفئة الثالثة (مدة خدمتهم سبع سنوات). في المقابل، يجب إرسال 44 دبلوماسياً من الفئة الثالثة، ونحو خمسة دبلوماسيين من الفئة الأولى، وعشرة مديرين، إلى البعثات في الخارج.سرعة إتمام التشكيلات تعرقلت، بعد أن أطلق واحد من السفراء الـ11 مسعىّ ليؤمن التمديد لنفسه لثلاث سنوات، كرئيسٍ للبعثة اللبنانية في إحدى العواصم الغربية الأساسية. طلب رسمياً، من إدارته، التمديد له، مُتحججاً بأنّ خدمته في الخارج لم تبدأ قبل عشر سنوات. وهو حين أُرسل إلى سوريا، لتأسيس البعثة الدبلوماسية فيها، ذهب بموجب «مهمة»، كان خلالها يقبض راتباً كأنه يداوم داخل الإدارة، ولم يصدر مرسوم تعيينه إلا بعد قرابة سنة.
اللافت أنّ طلب الدبلوماسي لم يظهر إلا مؤخراً، بعد أن كانت مفاوضات التشكيلات قد قطعت شوطاً مهماً، وهو لم يحاول مُسبقاً «لفت نظر» إدارته إلى أنّ ملفه يجب أن لا يُدرج ضمن ملفات الدبلوماسيين المُعادين إلى بيروت.
ولكن خلافاً لما «أقنع» به الدبلوماسي إدارته، والمرجعية السياسية التي زكّت تعيينه، يوجد مرسوم يحمل الرقم ٢٣٢١، تاريخ ١٩/٦/٢٠٠٩، منشور في الجريدة الرسمية بتاريخ ٢٥ حزيران ٢٠٠٩، يُفيد بنقل الدبلوماسي من الادارة المركزية إلى السفارة اللبنانية لدى سوريا. المادة الثانية في المرسوم، تشير الى أنه «يُحدد وزير الخارجية والمغتربين بقرار لاحق موعد تنفيذ هذا المرسوم». توضح مصادر الوزارة أنّه «نحاول حالياً التأكد من تاريخ تنفيذ المرسوم، واذا كان قبل فترة تنفيذه يقبض راتبه كأنه موظف في الإدارة، أو في مهمة خارجية، وذلك قبل بتّ طلبه التمديد»، في حين أنّ مصادر دبلوماسية أخرى تؤكد أنّ الدبلوماسي «التحق قبل صدور مرسومه، أي إنه بدأ خدمته في الخارج قبل حزيران ٢٠٠٩، وبالتالي انتهت مهمته خارجاً. أما إذا كان هناك نقص في راتبه، فكان الأجدر به المطالبة بتحصيله سابقاً». وتُضيف المصادر الدبلوماسية أنّه «لو كان الزميل فعلاً لم يُتم مدة خدمته القانونية في الخارج، لماذا يطلب التمديد له؟ كان بالامكان أن يُكمل سنوات خدمته في الخارج بشكل طبيعي وتلقائي».
عقد السفير اتفاقاً مع أحد المديرين داخل الإدارة، لتأمين الغطاء السياسي للتمديد


خطوة الدبلوماسي اللبناني أجّجت مشاعر «عدم المساواة» لدى بقية السفراء الـ10، وتحديداً ثلاثة منهم، اعتبروا أنّه إما يجري «التمديد لنا جميعاً، أو لا أحد». ولكن الفرق بينهم وبين زميلهم، أنّهم «لا يُعبرون عن رغبتهم البقاء في الخارج علناً، ولا بادروا إلى طلب ذلك». التمديد لواحد منهم، ولو وجدت الفتوى له، «سيعطي مُبرّراً لكل واحد من الدبلوماسيين، أن يطلب التمديد في البعثة نفسها أو في الخارج، بما يتعدى المهلة القانونية».
لماذا القيام بهذا الاستثناء إذاً؟ بحسب المعلومات، «عقد السفير اتفاقاً مع أحد المديرين داخل الإدارة، لتأمين الغطاء السياسي للقرار، مقابل أن يخلف هذا المدير السفير في تلك العاصمة الغربية». وتضيف المصادر الدبلوماسية، أنّ «الخارجية لا تريد أيضاً الاشتباك مع المرجعية السياسية التي زكّت تعيين السفير، وطالما أنّ الموضوع لا يؤثر عليها، قد يمرّ».
في معظم البلدان، ومن بينهما إيران والولايات المتحدة الأميركية، «يُمنع أن يمضي السفير أكثر من ٣ او ٤ سنوات في البلد نفسه، لأسباب أمنية وسياسية. أما في لبنان، فيجري التعامل مع هذه الوظيفة بوصفها وسيلة للوجاهة والمصالح الشخصية، على حساب الدولة وتمثيل البلد»، تقول المصادر الدبلوماسية، التي تُثير نقطة أخرى سيتسبب بها التمديد، لها علاقة بمخصصاته المادية. تشرح المصادر أنّ «معاش الدبلوماسي في الخارج يتراوح ما بين الـ٢٧٠٪ و٣١٠٪ أكثر من الراتب داخل الإدارة، تبعاً البعثة التي يتسلمها». عودة السفير إلى الإدارة، «تعني إلغاء كل مخصصاته، والبديل عنه كان سيكون سفيراً من الخارج، أي إننا لم نكن سنتكبد أكلافاً إضافية... في حين أنّ بقاءه في الخارج، لن تقابله عودة أحد إلى لبنان».
في حال إتمام التمديد للسفير، «سينعكس ذلك على حركة كل التشكيلات، الحالية والمستقبلية». بالنسبة إلى «الخارجية»، القرار «غير محسوم بعد. نحن ندرس الطلب»، نافيةً أن يكون لهذه النقطة «تأثيرٌ على حركة التشكيلات». ويضيف مسؤولون في الوزارة أنه «سنعمل على إعلان كلّ التشكيلات، لدى الفئات الثلاثة، في التوقيت نفسه، ما دام هناك توافق عليها من قبل كلّ القوى السياسية».