كثيرة هي المناطق التي وُعِد سياسيوها بالانضمام إلى حكومة الرئيس تمام سلام، قبل أن يخذلها طباخو التأليف. ولعل مدينة زحلة من أبرز المناطق التي خلت من لقب الـ«معالي». لم تكن عروس البقاع في قلب الحكومة هذه المرة رغم نوم الوزير السابق خليل الهراوي أكثر من شهر على حرير وعود التوزير. أحبطت القوات اللبنانية خطة الرئيس ميشال سليمان لتعديل صفة الهراوي من وزير سابق الى وزير للدفاع.
يجيب الأخير سائليه عن سبب استبعاده بأن تدخلاً قواتياً لدى الرئيس سعد الحريري الذي اتصل بدوره بسليمان، حال دون أن يكون الصورة الجماعية. السبب، وفقاً لمقربين من الهراوي، هو مراعاة رجل الأعمال ابراهيم الصقر (مرشح عن المقعد الماروني في زحلة) الذي «يتنافس» واياه على «زعامة» المدينة. ظهر أمس، جمع غداء أقامه رئيس أساقفة أبرشية زحلة المارونية المطران منصور حبيقة الرجلين في قاعة واحدة. بدا التجهم واضحاً على الهراوي، بحسب أحد الحاضرين، خصوصا لدى تطرق المطران الى فداحة تغييب زحلة عن الحكومة. فيما لم تفارق البسمة وجه الصقر الذي صافح المطران من دون اعارة الهراوي الذي كان بجانبه أي اهتمام. ويروي زحلاويون، هنا، عن مناصرة الصقر السابقة لآل الهراوي الذين توالوا على حمايته، خلال الحقبة السورية، من الرئيس الراحل الياس الهراوي الى الوزير الهراوي. ولكن بعد الخروج السوري من لبنان ساءت علاقة الرجلين، بعدما حجّ الصقر الى معراب وبنى نفوذاً مالياً ليسند طموحاته النيابية.
إلا أن لاستبعاد الهراوي روايات أخرى، منها ما يشير الى معركة مارونية زحلاوية تركزت على الاطاحة به لمنعه من تقوية رصيده في القضاء على حساب الكتائب والقوات، ومنها ما يلقي اللوم على اصرار جبران باسيل على تسلم وزارة سيادية ما قلّص حظوظ الهراوي.
«استثناء» زحلة من التمثيل الحكومي أثار ضجة وسط فعالياتها، من مطران الموارنة الى رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك عصام درويش الى رئيس الكتلة الشعبية الوزير السابق ايلي سكاف وصولا الى كتلة «زحلة في القلب». تتحدث الكتلة عن اتجاه الى حجب الثقة عن الحكومة لعدم تمثل القضاء بوزير رغم محاربة عضو الكتلة، النائب ايلي ماروني، للهراوي واصفاً اياه بأنه من «وجوه» النظام السوري.
على أية حال، لم تكن زحلة وحيدة في هذا «الاستثناء». كان التمثيل المناطقي أخر ما يهمّ المؤلّفين، أثناء تركيبهم «البازل» الحكومي. لذا حازت بعض الأقضية وزيرين أو أكثر (طرابلس، البترون، عاليه بيروت) وحجبت الوزارات عن أخرى كزحلة والبقاع الغربي وعكار.
في البقاع الغربي، متاريس مشابهة للمتاريس الزحلية، ولكن هذه المرة بين أعضاء تيار المستقبل أنفسهم. لم يكد اسم النائب زياد القادري، صديق الوزير وائل أبو فاعور، يطرح كأحد المرشحين لتمثيل المستقبل في الحكومة، حتى حاربه أهل بيته لصالح زميله في القضاء النائب جمال الجراح الذي تجمعه به علاقة خصومة. أقفل البازار الأزرق على إلزام الرجلين منزلهما، مقابل اعادة تعويم اسم رشيد درباس، لحاجة رئيس الحكومة الى وزير آخر يحسبه عليه، إذ تجمع درباس علاقات جيدة مع سلام وجنبلاط والرئيس فؤاد السنيورة ووزير الداخلية نهاد المشنوق الذي ضغط لاعتماده.
عكّارياً، كان بحث «المستقبل» عن وجه أرثوذكسي قد رسا بداية على النائب رياض رحال. هنا ايضا فضلت فئة ترشيح عاطف مجدلاني، ليحسم رئيس حزب الكتائب أمين الجميل الأمر باصراره على زيادة حصته الى ثلاثة وزراء واضافة أرثوذكسي، هو رمزي جريج، إلى حصة الكتائب. وهكذا طار تمثيل عكار ايضاً.


يمكنكم متابعة رولا إبراهيم عبر تويتر | @roulaibrahim