كالمفوّض السامي الفرنسي، حضر «المندوب المشترك بين الوزارات من أجل المتوسط» والمسؤول عن تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» السفير الفرنسي بيار دوكين إلى بيروت أمس، وعلى لسانه التهديد والوعيد للمسؤولين اللبنانيين.طبعاً، تهديدات دوكين، مغلّفة بمصلحة لبنان الاقتصادية الإصلاحية، لكن مشروطة بتنفيذ «الخطة الإصلاحية» كمدخل لالتزام الدول بـ«دعم لبنان» عبر خطّة سيدر. إلّا أن دوكين، لم يخفِ أمام من التقاهم أمس، أن فرنسا وحلفاءها يعطون لبنان مهلة شهرين لتنفيذ ما يرونه من «إصلاحات أوليّة»، أساسها الخصخصة وأخطرها في قطاع الاتصالات، وبعدها، إن لم يلتزم لبنان، فإن التزامات الدول المانحة/ المُقرِضة ستكون مهدّدة.
وبحسب المعلومات، فإن دوكين طرح النقاط التالية الواجب تنفيذها في مهلة الشهرين: خفض عجز الموازنة بما يعادل 1% من الناتج المحلي، وضع آلية لمكافحة التهرب الضريبي والفساد على أن تكون فعلية وجديّة وليست شعارات، إطلاق عقود الشراكة مع القطاع الخاص، وتحرير قطاع الاتصالات!

باسيل للحريري: كل ما يقوله بو صعب حول النازحين والأساتذة لا يمثّل رأينا (هيثم الموسوي)

غير أن من وافق على مؤتمر سيدر بكل سيئاته، عليه أن لا يتحسّس من اللهجة الفوقية للمبعوث الفرنسي والشروط القاسية والتهديدات!
ومن الموفد الفرنسي الذي يعقد مؤتمراً صحافياً عند الخامسة مساءً في السفارة الفرنسية، إلى مجلس الوزراء، الذي عقد جلسته لنقاش 52 بنداً، في غالبيتها منح وهبات. أبرز البنود طلب وزارة المالية إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية وتقديم عروض استبدال كامل أو جزء من سندات الخزينة بالعملات الأجنبية، بما فيها اليوروبوند المستحقة خلال العام 2019، وتفويض وزير المالية إجراء عمليات الاستبدال. وبدا لافتاً بعد الموافقة على الطلب، تبرّع وزير العمل كميل بو سليمان، الذي يملك مكتباً للمحاماة يدير الجانب القانوني لعمليات إصدار السندات الخارجية للبنان «اليوروبوند»، بتقديم خدمات مكتبه «مجاناً» لمتابعة هذا الإصدار. وهنا يجدر السؤال أيضاً: هل بو سليمان وزير في الحكومة أم صاحب مكتب يدير إصدار السندات اللبنانية وإن كان مجاناً؟ وحتى لو لم يكن هناك نص قانوني يمنع تضارب المصالح هذا تحديداً، إلّا أن روح القانون تمنع هذا التضارب في المصالح وتضعه موضع الشّك.
دوكين طالب المسؤولين بالخصخصة وتحديداً في قطاع الاتصالات


ومثل بو سليمان، يحتار وزير الاتصالات محمد شقير، في كونه وزيراً في الحكومة أو ممثّلاً للهيئات الاقتصادية، كزيارته قبل أيام رئيس الجمهورية ميشال عون بصفته ممثّلاً للهيئات الاقتصادية وليس كوزير في الحكومة. إذ إن النّقاش في جلسة أمس حول حماية بعض المنتجات الوطنية (المعكرونة، الطحين، البرغل، البسكويت، والويفر ومواد التنظيف)، أوصل إلى تكوين لجنة برئاسة الرئيس سعد الحريري وعضوية نائبه ووزراء الاقتصاد والصناعة والمال والاتصالات والدولة لشؤون التجارة الخارجية و.... محمد شقير! بصفته الاقتصادية! وجرى النقاش بين الوزير وائل أبو فاعور وشقير، حول فكرة الحماية، وأشار وزير الاتصالات إلى أن قرار الحماية الأخير لبعض المنتوجات الغذائية ورفع الضريبة على المنتوجات التركية ووقف استيراد بعض المنتوجات ردّت عليه تركيا بوقف استيراد الخردة من لبنان، ما دفع بعمّال الخردة في طرابلس والشّمال إلى الاعتراض. فسأل أبو فاعور شقير عن عدد المعترضين، فأجاب الأخير بأن هؤلاء يقدّرون بحوالي 150 عائلة، وكان جواب أبو فاعور أن الحماية يستفيد منها حوالي 2000 عائلة. ويقول معارضو مشروع حماية بعض المنتجات (البرغل والمعكرونة...) إن صدور هكذا قرار سيؤدي عملياً إلى تشريع احتكار في السوق لهذه المنتجات، بسبب غياب المنافسة الجدية بين المنتجين اللبنانيين. ويجري همس عن وجود شركة محددة ستكون المستفيد الأول من أي قرار مماثل.

باسيل «يُنَقِّر» على بو صعب
وحين أثار وزير التربية أكرم شهيّب مسألة الأساتذة الناجحين في كلية التربية بإعطائهم الدرجات الست المستحقة لهم بموجب سلسلة الرتب والرواتب، أيّده وزير الدّفاع الياس بو صعب، الذي أكد أن الأساتذة يستحقّون ذلك. غير أن الوزير جبران باسيل، وبين المزح والجدّ، استهلّ الكلام متوجّهاً لرئيس الحكومة: ما يقوله الوزير بو صعب من رأي في ملفّ الأساتذة وفي ملفّ النازحين لا يمثّل رأينا! وتابع «ممازحاً»: وإن استمر الحال على ما هو عليه فإنني سأضطر لأخذ إجراءات! فما كان من أبو فاعور إلا أن تابع «المزحة»: خذ إجراءاتك لأن الوضع مستمر على ما هو عليه. واعترض باسيل على مسألة منح الأساتذة الدرجات الست من خلفية اعتباره أن سلسلة الرتب والرواتب بأكملها خطأ وأن الحكومة الماضية أقرتها تحت تحت ضغط «الشعبوية». وعندما شرح الوزير ألبير سرحان أن إقرار الدرجات الست يحتاج إلى قانون بعد قرار مجلس شورى الدولة إبطال القرار، برّر الحريري ضرورة الإقرار في الجلسة الحكومية بأن النواب في المجلس بعد أسبوعين سيقدّمون القانون وتضطر الحكومة عندها لإقراره وينزل النّواب ويلتقطون الصور مع الأساتذة المتجمهرين أمام السراي الحكومي وكأن هذا إنجاز، مقدّراً الكلفة بحوالي 3 مليارات و700 مليون ليرة، مقترحاً أن تقوم الحكومة بإقراره، وهكذا كان. واستغرب عدد من الوزراء، خروج باسيل وبعض وزراء التيار الوطني الحرّ من قاعة مجلس الوزراء في ختام الجلسة، مع أن بو صعب كان قد طلب الكلام ليشرح موقفه. وفي ما خصّ الاختلاف في الرأي بين بو صعب وباسيل حول مسألة النازحين، فهو يرتبط بالبند المتعلّق بـ«تمكين التلامذة الذين تابعوا دراستهم في سوريا أو أي دولة أخرى والتلامذة السوريين وسواهم من سائر الجنسيات، من التقدم للامتحانات الرسمية في العام 2019 للشهادتين المتوسطة والثانوية»، إذ إن بو صعب يؤيّد السّماح للطلاب السوريين بتقديم الامتحانات، فيما يرفض باسيل بذريعة أن الأمر يجبر النازحين على العودة إلى سوريا.
وبدا لافتاً أمس، معاتبة الحريري للوزراء بسبب تسريب جدول أعمال مجلس الوزراء ومداولات الجلسات، على اعتبار أنها سريّة. وحين سئل وزير المال علي حسن خليل عن الأرقام المالية، أكّد أن كلّ شيء موجود لكنّه لن يحضره إلى مجلس الوزراء خوفاً من التسريب إلى الإعلام!

عودة نازحين إلى سوريا
على صعيد آخر، أمّنت المديرية العامة للأمن العام العودة الطوعية لـ 1073 نازحاً سورياً من مختلف المناطق اللبنانية بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR إلى الأراضي السورية، عبر معابر المصنع والقاع والعبودية. وواكب الأمن العام الحافلات التي أمنتها السلطات السورية من نقاط التجمّع إلى الحدود اللبنانية ــ السورية.