إثارة «الأخبار» لقضية توقيف هانيبعل القذافي الذي دخل عامه الرابع قبل أيام، ومراجعة هاتفية من جنيف، استكمالاً لمراسلة سابقة بشأن ظروف استمرار توقيف ابن الزعيم الليبي المخلوع معمّر القذافي، مع جملة أحداث رافقت هذه القضية منذ بدايتها، كلّها أسبابٌ دفعت وزير العدل سليم جريصاتي إلى الطلب من رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، الاطلاع على مسار الملف، بحسب ما كشفه الوزير لـ«الأخبار». جريصاتي تحدث عن «ترِكة» ورِثها عن الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، عبارة عن «طلب استرداد كامل الأوصاف مُقدّم من الحكومة السورية بشأن القذّافي، نام في أدراج الوزارة قبل قدومي». تلته مراسلة من الحكومة الليبية المؤقتة ومراسلة من مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لوزارة العدل أعقبت اختطافه ونيل الخاطف جزاءه. وإضافة إلى ما تقدّم، فإن ما في الملف القضائي لهانيبعل القذافي أنه «قال بعض الكلام الذي يُمكن الاستفادة منه لكشف مصير الإمام موسى الصدر».يسأل جريصاتي: «ما الفوائد التي يمكن أن نجنيها من استمرار توقيفه؟»، قائلاً: «قضية بحجم قضية الإمام موسى الصدر تفرض علينا تحمّل المسؤولية». جريصاتي اعتبر أنّ إحالة قضية القذافي على التفتيش هي لـ«التدقيق في المسار وليست موجّهة ضد أحد من القضاة». وأضاف: «إذا كان هناك تجاوز، سأنزل شخصياً عند الرئيس برّي لإبلاغه. أُريد أن أعرف إذا كان هناك تجاوزات. أُريد أن أُحصّن قضائي في الداخل والخارج لنفي التوقيف التعسفي أو الاحتجاز السياسي والقول إنه موقوف ضمن القانون». أما توقيت إحالة الملف على التفتيش اليوم، فذلك مرتبط بـ«مراجعة حديثة من جنيف، لكون التقرير المنتظر صدوره سيصدر في آذار».
يسأل جريصاتي: ما الفوائد التي يمكن أن نجنيها من استمرار توقيف القذافي؟


لم يكد يُعلن وزير العدل سليم جريصاتي إحالة ملف هانيبعل القذّافي على هيئة التفتيش القضائي، حتى خرج النائب علي بزّي بالردّ على ما سمّاه «الفرمان» الذي أصدره وزير العدل، قائلاً: «تجرأ وزير العدل على المسّ بالحق والحقيقة وقدسية إمام الوطن بخرق القانون والأصول». ردُّ النائب عن حركة أمل جاء عنيفاً، بحيث اتّهم جريصاتي بالكذب: «نتحداه إثبات أي مراسَلة جديدة من جنيف كما يزعم». وأضاف: «الصحيح الوحيد في كلام جريصاتي، وجود «حملة» تقف وراءها في لبنان وليس في جنيف الليبية ريم الدبري التي تتجوّل مع حقيبة خضراء». وختم بالسؤال: «من يحاسب عند اختلال ميزان العدل؟». غير أن وزير العدل اعتبر أنّ طلبه من رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد، الاطلاع على القضية هدفه «التأكّد من خلوّها من أيّ مخالفات أو تجاوزات، وذلك من باب الحرص على الأداء القضائي وتحصينه محلياً ودولياً منعاً لكلّ تشكيكٍ أو اتهام، بعد تبيان الفوائد التي يجنيها لبنان من الإبقاء على هانيبعل القذافي موقوفاً في سجنه لمعرفة حقيقة تغييب إمام السلام والاعتدال ورفيقيه». وفي سياق السجال الحاصل، استنكرت مصادر متابعة لقضية الإمام الصدر إعلان وزير العدل في الإعلام عن إحالة الملف على التفتيش القضائي، معتبرة أنّ ذلك للتشهير والضغط. وإذ تؤكد المصادر أن لا أحد يسأل عن القذافي في جنيف، تقول إنّ «مُحرّك وزير العدل هي الليبية ريم الدبري». وتحدثت مصادر لجنة متابعة قضية الصدر عن «حملة مدفوعة»، متهمة وزير العدل بأنّه جزء منها، أكّدت أنّ المسار في الرد سيكون تصعيدياً. وسألت المصادر نفسها: «إذا دفعت الحميّة وزير العدل لإحالة قضية هانيبعل على التفتيش حرصاً على القضاء، فلماذا لا يُحوّل قضية سايفكو على التفتيش القضائي أيضاً؟». وإذ اعتبرت أنّ «وزير العدل يُهوّل في قضية جنيف لمصالح شخصية»، قالت: «لدينا معلومات عن أنّ هناك تدخّلاً مباشراً من رئيس الجمهورية في هذه القضية». ونفت هذه المصادر مقولة أنّ القذافي استنفد أمد التوقيف الاحتياطي الأقصى، معتبرة أنّ «إحدى الجرائم المدعى عليه فيها جناية تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهي التدخل اللاحق باختطاف الإمام الصدر ورفيقيه».
في المقابل، ردّ جريصاتي بالقول: ليس سليم جريصاتي من يُتهم بالمسّ بقدسية الإمام الصدر. راجعوا صورة إمام السلام والاعتدال في الكبوشية، ودققوا بصورة الشاب الظاهر في الصورة لتعرفوا من هو سليم جريصاتي، وماذا يعني له الإمام». ويجزم جريصاتي بأن إحالة الملف على التفتيش «إنما تهدف إلى إزالة أي التباس قد يلحق بالمسار القضائي، لا للتدخل فيه».
ويبدو أن هذه القضية لن تخمد في الأيام المقبلة، إذ علمت «الأخبار» أن حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ستُشن على جريصاتي.