من هو هنيبعل القذافي؟ابن مدلّل للزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي. يحمل لقب «الكابتن» (ليس مهماً لماذا). أبرز «إنجازاته» في الحياة أنه قاد سيارته، عكس وجهة السير، في واحدة من الجادات الكبرى في العاصمة الفرنسية باريس. جرى ذلك يوم كان والده حاكماً بلاداً نفطها غزير، ومالها الوفير يصل إلى جيب نيكولا ساركوزي. لم يكن أحد يجرؤ على معاقبة هنيبعل الذي ليس له من اسمه نصيب. يوم اختطف معمّر القذافي الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، في ليبيا عام 1978، لم يكن هنيبعل هذا قد بلغ الرابعة من عمره. على رغم ذلك، أوقفه القضاء اللبناني، بجرم التدخل في الخطف. ما دليلنا، نحن اللبنانيين، على ذلك؟ لا دليل. جميع المعنيين بالقضية يُدركون أن هنيبعل القذافي بريء من دم الصدّيق. وعلى رغم ذلك، أبقي عليه رهينة، لعلّ أخاه، سيف الإسلام، يبوح بما في جعبته عن جريمة والده. طيب. هل يُدرك من بيدهم الأمر أن آخر هموم سيف الإسلام هو مصير أخيه؟ هل يعلمون أن آخر اتصال بينهما، قبل أشهر، انتهى بأن قطع سيف الحديث بعد تأنيب هنيبعل، وكفّ مذذاك عن الرد على اتصالاته؟ أخته عائشة سمعته، عبر الهاتف من سجنه، يبكي، فـ«سكّرت الخط» بعدما قالت له «ليس منّا رجل يبكي»، وقاطعته من حينه.
مشاركة السلطات الليبية في استمرار جريمة إخفاء الصدر ويعقوب وبدر الدين، عبر تجاهلها طلبات التعاون مع السلطات اللبنانية للتحقيق في الجريمة، لا تمنح أحداً حق احتجاز شخص بريء، بصرف النظر عن انتمائه العائلي. ولا نظام واضح الملامح في ليبيا للضغط عليه بحرية هنيبعل. كان يمكن تفهّم خطوة كهذه لو أنها جرت قبل انهيار نظام معمّر. أما اليوم، فلا كبير في طرابلس الغرب يهتم لأمر ابن القذافي هذا. وفي الأصل، قضايا كهذه لا تُحل بطريقة خطف ابن المجرم القتيل وأخذه رهينة للحصول على معلومات. القضية هي مسألة حق بالدرجة الأولى وسياسة بالدرجة الثانية. وطلب الحق لا يستقيم وإنزال الظلم بأحد، أي أحد. أما السياسة، فأبوابها في هذا الأمر معروفة. مرجعيات سيف الإسلام الحالية هي في أبو ظبي والقاهرة وموسكو. وعدا عن سيف الإسلام، فإن أركان النظام الليبي السابق معروفو مكان الإقامة: واحد في مصر، وآخر في قطر، وثالث في إيطاليا... لماذا لا يُسألون، لا بصفة شخصية، بل عبر الدول الراعية لهم، وبعد إصدار مذكرات توقيف دولية بحقهم؟
بقاء هنيبعل القذافي في السجن لا يحقق أي مردود. ولا تقاس الخسائر هنا بسوء العلاقة مع الرئيس بشار الأسد، على أهمية ذلك. القصة في الدرجة الأولى أننا، كلبنانيين، نظلم بريئاً، فنكاد نخدش قضية رفعناها إلى مصاف القضايا الوطنية التي نقطع لأجلها علاقاتنا بدولة شقيقة كليبيا، وهي تستحق ذلك وأكثر.
في مسألة هنيبعل، لا قيمة لرأي مدّع عام، ولا قاضي تحقيق، ولا محكمة. رأي القضاء برمته، لا يقدّم ولا يؤخر. الأمر بيد الرئيس نبيه بري، وعائلة السيد موسى الصدر. وحدهما، يملكان قرار وقف هذا التعسّف.