كثيرة هي الطروحات التي حملها وزير الخارجية جبران باسيل لحلّ الأزمة الحكومية العالقة عند تمثيل اللقاء التشاوري بوزير سنّي... الا أن المرجح لدى مصادر التيار الوطني الحر أن يتم اعتماد خيار حكومة الـ 32 وزيراً، تعود فيها المقاعد المارونية الستة الى الأحزاب المسيحية وكذلك الأمر بالنسبة إلى مقاعد الطائفة السنية التي تعود إلى حصة الرئيس سعد الحريري. ليضاف الى الثلاثين وزيراً وزيران، الأول علوي والثاني للأقليات المسيحية. وتقول المصادر في هذا الإطار إن الحلّ هنا يكون بأربعة مقاعد سنية لرئيس الحكومة سعد الحريري، وواحد للرئيس نجيب ميقاتي. أما المقعد السادس، فيتخلى الحريري عنه للقاء التشاوري، في مقابل حصوله على المقعد العلوي. أما مقعد الأقليات، فيؤول إلى رئيس الجمهورية ميشال عون. وخلافاً لما يحاول البعض إشاعته، «لا صحة أبداً لما يحكى عن نية حزب الله اقتطاع حصة الرئيس حتى لا يحصل على الثلث المعطل»، بل على العكس من ذلك، «العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، على أحسن ما يكون». هذه العلاقة ذات أبعاد استراتيجية، تتجاوز اختلافاً في وجهات النظر على كيفية حل أزمة مقعد وزاري. وتعطي المصادر على ذلك مثلاً زيارة باسيل للعراق اليوم في أكثر الاوقات حساسية، أي بعد العقوبات الأميركية على ايران، للتنسيق بشأن واحد من أهم الملفات ذات الأبعاد الاقتصادية والسياسية، أي النفط.الطبخة الحكومية شبه منتهية، على ما تؤكد المصادر، ولكن تجري معالجة كل الثغرات، بما فيها الحقائب والأسماء حتى تبتر إمكانية العودة الى الوراء هذه المرة، «على أن تبصر النور قبيل عيد الميلاد المقبل». من جهته، استفاد التيار الوطني الحر من هذا الوقت الاضافي لغربلة أسماء وزرائه المقبلين التي كانت قبيل شهر غير محسومة ويحكمها التردد. والحديث هنا عن تسعة وزراء، يضاف اليهم وزير من حزب الطاشناق وآخر درزي متفق عليه مسبقاً بين رئيس الجمهورية والنائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان. النظرية العونية بتسمية الوزراء هذه المرة ترتكز على عنوان واحد: «السرعة في الإنجاز». فمنذ نحو ثلاثة أشهر، طُلب من بعض الأشخاص زيارة القصر الجمهوري، كمرشحين لتولي حقائب في الحكومة المقبلة. وكُلّف كل واحد من هؤلاء بوضع خطة عمل للوزارة التي رُشّح لها، على أن يعود بعد أسبوعين لتقديم ما أنجزه. وكانت النتيجة أن باسيل تمكّن من استبعاد من فشلوا في تقديم طروحات جدية للنهوض بالحقيبة المكلفين بها، فيما أبقي على من تقدم بأفكار عملانية وسريعة للتنفيذ. وفي هذا السياق، تقول المصادر إن ثلاثة من أصل تسعة وزراء سيكونون من «الصقور»، أحدهم الوزير جبران باسيل والاثنان الآخران هما النائبان الياس بو صعب وإبراهيم كنعان (في حال بُتّ خيار توزيره). في ما خصّ بو صعب، ما زالت الحقيبة غير محسومة، ويدور الخيار بين وزارة الاقتصاد أو الدفاع. فإذا تسلم بو صعب الاقتصاد، يرجّح العونيون أن يرسو خيار الدفاع على نجاد فارس، ابن نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس. أما إذا عين بو صعب وزيراً للدفاع، فتعلو أسهم رئيس اتحاد رجال الأعمال للمتوسط جاك صراف. بعض المحيطين بالوزير باسيل يضغطون باتجاه تسليم الاقتصاد الى بو صعب حيث يمكنه العمل على عدة ملفات إصلاحية بخلاف وزارة الدفاع التي يعتبرها هؤلاء «وزارة وجاهة». والواقع أن التيار بدأ «نفضته» في الاقتصاد منذ نحو شهر، حين كلف بعض الحزبيين بمرافقة الوزير رائد خوري للاطلاع عن كثب عما يمكن فعله هناك. من جهة أخرى، يقول المقرّبون من باسيل إن الأخير في صدد إعادة النظر في كل اتفاقيات لبنان الاقتصادية، وسيضعها على جدول أعمال الوزير المكلف ليبلغه بتلك التي ينبغي المحافظة عليها وتلك التي تضرّ بالاقتصاد اللبناني أكثر مما تفيده.
يولي التيار الوطني الحر الأهمية الأكبر لوزارة العدل، على أساس أن «محاربة الفساد تبدأ من إصلاح الوضع القضائي الذي عجز وزير العدل سليم جريصاتي عن إجراء نقلة نوعية فيه»، بحسب المصادر العونية. لذلك يجري التداول بإمكانية استبداله بالنائب إبراهيم كنعان، إذا حُلَّت عقدة الحقائب المارونية مع القوات. فالوزراء الستة اليوم مقسّمون على الشكل الآتي: مقعدان للتيار الوطني الحر (وزارتا الخارجية والطاقة) وثالث لرئيس الجمهورية من دون حقيبة، واحد لتيار المردة (وزارة الأشغال العامة والنقل)، ووزيران للقوات اللبنانية (الثقافة والعمل). وهو ما يعني أن لا مكان لماروني ثالث في حصة الرئيس والتيار لتسليمه حقيبة. لكن أحد الحلول المطروحة يقضي بإعادة توزيع الحقائب القواتية بحيث يحصل وزير قواتي ماروني على وزارة دولة، مقابل اسناد حقيبة لوزيرها الأرثوذكسي، أي نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني. فيصبح تعيين كنعان في العدل قابلاً للتحقق، إلا إذا تقرر أن يكون الوزراء الموارنة الستة حاملين جميعاً لحقائب، أو يرتفع عدد المقاعد المارونية إلى سبعة، بدلاً من ستة. أما بالنسبة إلى وزارة الخارجية التي ستبقى في يد باسيل، «فسيقابلها بطريقة جديدة في العمل ترتكز على تخفيف الملفات عن كاهله وتسليمها لمستشاريه مقابل تفرغه أكثر للوضع الحزبي الداخلي».
تنفي مصادر العونيين أن يكون حزب الله في صدد استهداف حصة الرئيس والتيار (11 وزيراً)


بعيداً عن «الصقور»، يعتزم التيار تكليف ثلاثة شبان بثلاث حقائب مختلفة. وبات محسوماً أن تحلّ مستشارة وزير الطاقة الحالي سيزار أبي خليل، ندى بستاني، المكلفة بمتابعة ملف الكهرباء، مكانه، في حين رسا الخيار الثاني على رئيس جمعية الطاقة الاغترابية فادي جريصاتي لتسلم حقيبة البيئة، إذا بقيت مع التيار أو الزراعة إذا تمكن التيار من الحصول عليها، وهو ما يسعى باسيل الى تحقيقه. أما الوزير الثالث، والذي يرجح أن يكون من الطائفة الكاثوليكية، فلم يحسم بعد، ولكن تستبعد المصادر أن «يكون من قضاء زحلة على اعتبار أن جريصاتي من القضاء وتستبعد أيضاً أن يكون النائب نقولا صحناوي».
وفي مقارنة بين طريقة عمل وزراء التيار الوطني الحر في الحكومة الحالية وتلك المقبلة، يقول العونيون إن «فريق عمل الوزير سيسبقه الى وزارته هذه المرة، ولن يكون للوزير رفاهية اختيار مستشاريه الذين سيفرضهم عليه رئيس الحزب ضمن آلية عمل واضحة لتحقيق نتيجة عملانية مع حلول الصيف المقبل، لأن أي تلكّؤ في ما سبق سيرتدّ سلباً على وضع التيار. لذلك ستتم معالجة مسألة تقصير أي وزير بسرعة كبيرة». لكن التيار هو نفسه كان قد قرر تأليف ما يشبه «حكومة الظل» عند انطلاق الحكومة الحالية، بحيث يكلَّف عدد من النواب بمتابعة ملفات الوزارات التي يشغلها العونيون، لمعاونة الوزير وتصويب عمله، قبل أن يتبيّن أن الفكرة لم تبصر النور، وهو ما يسمح بطرح علامة استفهام حول حقيقة تطبيق ما يُتداول فيه اليوم حول تعيين مستشارين لمتابعة بعض الملفات في الوزارات.