نهار الاثنين في 20 آب الفائت، أوقف فرع المعلومات خليل مروان صحناوي. قرار التوقيف اتخذه قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم. لم يكن قراراً سهلاً، إلّا أنّ محققي فرع المعلومات كانوا قد توصلوا إلى الاشتباه في صحناوي بعد توقيف كل من المقرصنين الإلكترونيين رامي ص. (أوقف في ٢٠ حزيران) وإيهاب ش. (أوقف في ٢١ حزيران)، بعدما تبيّن أنّ العقل المدبّر صحناوي أوكل إلى الاثنين الآخرين سرقة معلومات معظم المواقع الرسمية ومديريات الدولة وأجهزتها الأمنية. واشتُبِه في تورّط هؤلاء في سرقة معلومات ووثائق يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة مؤسسات الدولة.بدأت القصة في حزيران الماضي على خلفية ادعاء تقدّمت به شركة إنترنت. الشكوى المقدّمة سُجِّلت ضد مجهول. أما الجرم المدعى به، وعُمره قرابة عام كامل، فهو قيام مجهولين باختراق الشبكة وسرقة معلومات سرية تتعلّق بالشركة وزبائنها وحساباتهم. قدّمت الشركة المدعية معلومات عن مقرصن إلكتروني تشتبه فيه من دون تمكّنها من تحديد هويته. كُلّف فرع المعلومات بالتحقيق ليتمكن من تحديد هوية مشتبه فيه أوّل. هذا الشاب، كان رامي ص. باستجوابه، اعترف الموقوف بأنّه حصل، من «خادم الشركة» على كافة كلمات المرور الخاصة بالزبائن والموظفين وكلمات سرّ البطاقات الائتمانية التي يستخدمها هؤلاء الزبائن. وذكر رامي أنّ إيهاب ساعده في عملية الاختراق، كاشفاً أنّه قرصن عدداً من المواقع الإلكترونية التابعة للدولة اللبنانية بدءاً من موقع هيئة أوجيرو وشركات الإنترنت وصولاً إلى موقع قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. لم تتوقف اعترافات الموقوفين عند هذا الحد. فقد كشفت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أنّ المقرصنين بدآ عملية القرصنة منذ أكثر من خمس سنوات، إذ كانا يقومان بجمع المعلومات وحفظها على حافظات ذاكرة. وخلال التحقيق مع رامي، كشف أنّه حصل على معدات وبرامج خاصة للقرصنة، تنتجها وكالة الأمن القومي الأميركي، زوّده بها خليل صحناوي. وهذه الوكالة هي الجهاز الأمني الأميركي المسؤول عن التجسس التقني حول العالم. اعتراف رامي وإيهاب في شأن برامج التجسس مدوّن في محاضر التحقيق التي أجراها محققو فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي معهما. وذكرت مصادر أمنية أنّ الموقوفين اعترفا بأنّ هذه البرامج والمعدات سهّلت عملهما ومكّنتهما من اكتساح المواقع الإلكترونية اللبنانية الرسمية والخاصة. وقد عزّز ذلك عدم وجود أنظمة حماية حقيقية لحفظ هذه المواقع. وقد برز لافتاً إفادة أحد الموقوفين أنّ صحناوي طلب إليه تزويده حصراً بداتا كل موقع حكومي يتمكن من قرصنته. وأقرّ صحناوي بأنّه كان يستلم الداتا المقرصنة على قرص صلب من المقرصِن رامي ص. مقابل مبالغ مالية.
وتمكن القرصانان، بتوجيه من صحناوي، من قرصنة عشرات المواقع الحكومية. وعلى رغم أنّ قرصنة معلومات جميع المواطنين المشتركين في هيئة أوجيرو يُعدّ فضيحة كبرى لكونه ترافق مع استحواذ الشابين على كلمات المرور الخاصة ببطاقات الائتمان المصرفية (كريديت كارد)، إلا أنّ المعلومات التي حصلوا عليها من بقية المواقع لا تقلّ أهمية، سواء وزارات الداخلية والخارجية والاقتصاد والصحة والسياحة والأشغال العامة والعمل ومديرية الأحوال الشخصية والتفتيش المركزي. وبحسب التقارير الفنية الثمانية التي كتبها محققو فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسلّموها إلى القضاء، ينكشف «بالدليل القاطع»، حصول جناية تخريب منشآت الدولة الرسمية وتعريض الأمن القومي للخطر الشديد. لا سيما أنّ صحناوي من خلال حيازته هذه القدرة على الولوج إلى معظم مؤسسات الدولة، وتحديداً الأساسية منها، امتلك القدرة على تغيير مضمون النشرة الجرمية للمواطنين، ناهيك عن قدرته على خرق خصوصية مئات آلاف السكان مع ما يستتبع ذلك من أخطار وتهديدات محتملة في حال استُخدمت هذه الداتا في غير موضعها. فصحناوي حاز على جميع المعلومات الخاصة بالمشتركين في كل من «أوجيرو» وشركتَي تشغيل الهاتف الخلوي «ألفا» و«أم تي سي»،. وبحسب محققي فرع المعلومات، تبعاً للتقارير التي رفعوها، فإنّ ما في حوزة صحناوي أتاح له التنصّت على المشتركين في خدم الهاتف الثابت في أوجيرو والحصول على الداتا الشخصية الخاصة بهم ومعرفة المواقع الإلكترونية التي دخلوا إليها وكلمات السرّ التي دونوها.